هل تتخذ أنقرة قراراً بالتدخل العسكري في سورية

ناديا شحادة

ضمن معارك يسعى فيها الجيش السوري وعناصر حزب الله الى كسر شوكة الإرهابيين وإلحاق العديد من الهزائم بهم. وفي سلسلة الانتصارات التي يحققونها في العديد من المناطق، توجهت الأنظار الى مدينة حلب الشمالية مع مواصلة الجيش السوري وعناصر حزب الله تقدمهم بعمليات تركزت على أوكار وخطوط امداد إرهابيي «جبهة النصرة» والتنظيمات التكفيرية وحققوا العديد من الانتصارات وهذا ما أكده رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي عندما قال ان الانتصارات الكبرى التي حققها ابطال جيشنا الباسل في حلب سوف تؤسس لمرحلة جديدة من الانتصارات النوعية.

ووسط هذا التقدم الذي جاء ليثير قلق أنقرة تعتبر معركة حلب مهمة بالنسبة الى تركيا ونقطة ارتكاز لها في محاولة اقامة مناطق عازلة داخل الاراضي السورية، وفي هذا الخصوص تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي اطلقها الاسبوع الماضي بأنه لن يسمح ببناء دولة كرديه بالقرب من حدوده الجنوبية مهما كان الثمن.

هذه التصريحات دفعت الكثير من المحللين والمراقبين الى تأكيد الأنباء التي أوردتها صحيفة يني شفق حول انتهاء قيادة الاركان التركية من اعداد خطة لفرض منطقة عازلة في الشمال السوري، تلك التوقعات بإقامة المنطقة العازلة أدت أيضاً الى ردود افعال جاءت متوافقة من كل من واشنطن وإيران، حيث رأى المتحدث باسم البنتاغون ان لا حاجة لإقامة منطقة آمنة في سورية، في حين جاء الموقف الايراني على لسان مساعد وزير الخارجية حسين امير عبد اللهيان قائلاً ان تدخلاً تركياً في سورية سيعقد الأوضاع أكثر.

وفي ظل المعارك العنيفة التي تشهدها مدينة حلب، عززت تركيا امكاناتها الدفاعية منذ الاسبوع الماضي على طول الحدود عبر نشر دبابات وصواريخ مضادة للطائرات، وبالتزامن مع تزايد حشودها العسكرية على الحدود، كثر الحديث عن تدخل عسكري داخل الاراضي السورية، وبالذات بعد ان دعا الجيش التركي أول من أمس قادة القوات المنتشرة على طول الحدود مع سورية لاجتماع الاسبوع المقبل لبحث امكانية تنفيذ عملية عسكرية في سورية بحسب ما اوردته صحيفة «حرييت» التركية على موقعها الالكتروني.

فما يجري الآن في الشمال السوري يضع أنقرة في موقف حرج فمهما تكن طبيعة التدخل الخارجي في سورية ستكون تركيا في مواجهة الرد السوري لوحدها بعد رفض الغرب والولايات المتحدة أي تدخل عسكرياً لإسقاط الرئيس بشار الاسد وتم استبداله بقتال التنظيم الارهابي «داعش». وهذا ما أكده الباحث في شؤون السياسية التركية الخارجية بيرم بالسي.

فالمعضلة التركية تبدو متفاقمة حين نضع في الاعتبارات ما تعانيه أنقرة داخلياً فهي لم تستطع ضمان الاستقرار الحكومي أولاً ولا حل الازمة الكردية التي تشتغل جذورها منذ انشاء الجمهورية التركية الحديثة على يد مصطفى كمال اتاتورك في عام 1923 وحرم الكرد من حقوقهم الثقافية ومن الاعتراف الرسمي بهم كأقلية، ما يؤكد عليه المتابعون ان المسألة الكردية نقطة محورية لسياسات تركيا الداخلية والخارجية وتؤدي الى إضفاء الضبابية على الموقف الذي ينبغي لأنقرة اتخاذه في أي عمل عسكري تجاه سورية.

فمع فشل تركيا في جميع تحركاتها التي قامت بها منذ بدء الحرب بسورية، ومع تزايد تعزيزات الجيش التركي من تواجده على الحدود السورية، تلك التعزيزات التي أعلنت عنها الرئاسة التركية انها اجراءات أمنية هدفها تأمين الحدود، يبقى السؤال هل تتخذ أنقرة قراراً بالتدخل عسكرياً في سورية وتكون مسؤولة عن تحمل نتائجه، وبالذات بعد تصريحات رئيس الحكومة أحمد داود أغلو التي أعلن فيها ان بلاده لا تنوي شن عملية عسكرية بين ليلية وضحاها في سورية؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى