معجزة بوتين لإنقاذ العرش السعودي!

ماجدي البسيوني

أن يخرج علينا نبيل العربي بتصريح يؤكد فيه أنّ الجمهورية العربية السورية هي عضو أصيل في جامعة الدول العربية، وأنه راغب في لقاء وزير الخارجية السوري السيد وليد المعلم أو من يمثل الدولة السورية في الوقت الذي يتمّ تحديده، فهذا له دلالة وليس مجرد «تخاريف صايم»، حتى ولو تابع نفسه والذي سبق لي ووصفته قبل ثلاثة أعوام بـ«اللانبيل واللاعربي» بأنّ ما صرّح به السيد المعلم أثناء وجوده في موسكو أخيراً هو ما شجعه على هذه الدعوة.

فهل عندما يأتي ردّ السيد وليد المعلم نصاً خلال استقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين له والوفد السوري المرافق: «إنّ الرئيس بوتين حقق معجزات كثيرة لروسيا، ولكن قيام تحالف يضمّ الدول التي دعمت ورعت الإرهاب مع سورية قد يكون معجزة، وتأمل سورية أن تنجح روسيا في مسعاها»، وذلك رداً على ما صرّح به الرئيس بوتين، إنّ موسكو تسعى إلى إقامة تحالف يضمّ سورية وتركيا والسعودية وقطر والأردن والدول الغربية لمكافحة الإرهاب.

فهل هذا الردّ هو ما شجع العربي لطلب لقاء المعلم أو من يمثل الدولة السورية؟!

المؤكد أنّ العربي يعي أنّ «المسعى» الذي قصده الرئيس بوتين لا يعني تخلي روسيا عن دعمها لسورية كما جاءت كلمات بوتين بوضوح عندما قال بالنص خلال استقباله المعلم: «إنّ سياستنا التي تهدف الى دعم سورية والقيادة السورية والشعب السوري لم تتغيّر»، مضيفاً: «نحن مقتنعون بأنّ الشعب السوري سينتصر في نهاية المطاف… فما الداعي لكي يطلب العربي لقاء المعلم أو من يمثل الرئيس بشار الأسد…؟!

والمؤكد أنّ العربي الذي يعي مهامه كأمين عام لجامعة الدول العربية ظلّ على مدى السنوات الأربع الماضية لا ينطق إلا ما يُملى عليه سواء من قطر وقت كانت ممسكة بالملف السوري أو السعودية بعد أن تسلّمت هذا الملف اثر انتصار الجيش العربي السوري والمقاومة في معركة القصيْر.

الراصد لآخر تصريحات العربي في ما يخصّ سورية كان في اجتماع لما يُسمّى المعارضة في القاهرة، هو نفسه من ظلّ يهندس له إبان مؤتمر «جنيف2»، وهو نفسه مَن قال: «إنّ نظام الأسد يتحمّل المسؤولية الكاملة عما آلت إليه الأمور في سورية»! فهل يستقيم هذا التصريح مع دعوته للقاء المعلم أو من يمثل الرئيس الأسد؟!

ما السرّ اذاً في دعوة العربي للقاء المعلم أو من يمثل الرئيس الأسد…؟

هي رسالة سعودية بالتأكيد لتتميم ما فشل فيه ولي ولي العهد بعد لقائه الأخير في روسيا حتى ولو نجح في التعاقد على بناء 16 مفاعل للطاقة النووية تقدّر قيمتها بأكثر من 100 مليار دولار، ليست مقابل تخلي روسيا عن موقفها الداعم لسورية، وهذا ما صرّح به بوتين نفسه سواء في اللقاء مع المعلم وليد المعلم أو في اللقاء الأخير مع الصحافي الأميركي الشهير شارلي روز عندما طرح عليه سؤال: «هل بإمكان روسيا إقناع الأسد بالتخلي عن الحكم»؟ فكان الردّ قاطعاً بأنّ «قرار بقاء الأسد من عدمه هو قرار سوري بامتياز وموقف روسيا الثابت هو رفض أيّ تدخل خارجي».

السعودية إذاً تبحث عن مخرج، لاسيما أنها اليوم في أزمة تفوق كلّ ما مرّ عليها طيلة تاريخها من أزمات، أزمة تعصف بالعرش نفسه كان سببها الحرب على اليمن ووضع كافة إمكانيات المملكة ومقدراتها وثرواتها سواء المكدّسة في البنوك أو حتى في باطن الأرض، حتى تخرج رابحة، فإذا بها قد غرقت لـ«شوشتها» بدون أمل في تحقيق أيّ مكسب، بل العكس تماماً والمتزايد يوماً بعد يوم ليأتي، ما يقدّر بنصف مليون وثيقة تعرّي ما تبقى من ساتر لعوراتها.

من هنا ذهب ولي ولي العهد السعودي إلى روسيا مقدّماً عرضاً لم يحدث من قبل في تاريخ العلاقات الروسية السعودية: 100 مليار دولار، مؤكد الاقتصاد الروسي في أمسّ الحاجة لهذا الرقم في ظلّ الحصار الغربي، لكن الأهمّ لدى روسيا القضاء على الإرهاب بعدما وضعت روسيا أمام محمد بن سلمان ـ الحاكم الحقيقي ـ معادلة أنّ عرش بلاده يتهاوى بسبب الإرهاب الذي ظلوا يدعموه طيلة السنوات الخمس الماضية وعلى وجه الخصوص في سورية، من هنا خرج تصريح بوتين بتحالف يضمّ السعودية وسورية وتركيا المهدّدة أيضاً بجانب الأردن.

السعودية التي ظلت بالتعاون مع الكيان الصهيوني تحاول عرقلة الاتفاق بين ايران ومجوعة 5+1 باتت تنظر الى كيفية الخروج من الزلزال الذي يعصف بالعرش، فكيف لها أن تخرج من مستنقع اليمن بدون تدخل روسيا لدى إيران، وبالتالي تقديم ضمانات لسورية بأنها تكفّ يدها عن مساعدة الجماعات الإرهابية بما فيها تدريب ما يسمّى «المعارضة المعتدلة»، من هنا أعطي لنبيل العربي الضوء الأخضر لطلب الجلوس مع المعلم وليد المعلم.

في ظني لن تهرول الديبلوماسية السورية لتلبية دعوة نبيل العربي قبل أن تمسح ما تبقى من مخاطر الجماعات الإرهابية على الاراضي السورية… قرار لقاء الديبلوماسية السورية هو قرار عسكري بامتياز، من هنا كانت كلمة المعلم رداً على مبادرة بوتين، والحلف السوري السعودي التركي الأردني للتخلص من الإرهاب بكلمة واحدة «المعجزة» التي تعني أنّ قيام كلّ من تركيا والسعودية وبالتالي الأردن بتجفيف منابع ومسالك الإرهاب.

الا أنّ المعجزة الحقيقية هي ما يقوم به الجيش العربي السوري على ما يزيد عن 500 جبهة إرهابية على مدى ما أكثر من أربع سنوات في مواجهة حرب كونية.

يبقى السؤال والحسرة: هل تنتظر الديبلوماسية المصرية حتى يصل قطار المعجزات الى محطته الأخيرة؟!

رئيس تحرير جريدة «العربي» ـ مصر

Magdybasyony52 hotmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى