فيينا: التفاهم للخميس… والزبداني قاب قوسين عون يتأهّب… والوساطات رفع عتب

كتب المحرر السياسي:

يخيّم الذعر والقلق على الأسواق الأوروبية والعالمية بعد الاستفتاء السلبي على الشروط التي عرضها الدائنون على اليونان لتسوية ديونه العالقة، وفقاً لوصفة البنك الدولي. ومصدر القلق يتخطى البعد المالي لاهتزاز نظام النقد والمال الذي يديره البنك الدولي عالمياً أمام ثورة علنية عليه يقودها نظام أوروبي ليبرالي ديمقراطي هو اليونان، ليطرح على بساط البحث مستقبل منقطة اليورو كإطار مالي مصرفي تقوده عملة اليورو، ومن ورائه مستقبل تماسك الاتحاد الأوروبي، أمام فرص جدية لتكرار نموذج التمرّد اليوناني الذي يستهوي شعوب دول كالبرتغال وأسبانيا وإيطاليا تنتظرها وصفات مشابهة بالإذلال والوعد بالتجويع والإفقار، لتسوية ديونها يقودها البنك الدولي. وفي المقابل دول غنية في الاتحاد تشعر بالانكماش المالي وتتساءل شعوبها عن مبرّر دفع فواتير عجز دول أخرى، وتتداول بعض نخبها مبادرات للتفكير بالخروج من الاتحاد كبريطانيا وفرنسا وألمانيا.

أوروبا المضروبة على رأسها والتي لم تصحُ بعد من وقع الضربة اليونانية، تعيش في قلب فيينا موسم الملف النووي الإيراني، أضخم ملف دولي خلال القرن الواحد والعشرين، والذي تتقرّر على نتائجه صورة الشرق الأوسط المقبلة، والذي يعني الضفة السياسية والأمنية والاقتصادية لأوروبا، ولا يمكن إنكار تداعياته الكبرى على التوازنات الدولية. وهناك في فيينا حيث بدأت اجتماعات على مستوى وزراء الدول السبع الكبرى، الخمسة زائداً واحداً مع إيران، وتحمل الأنباء الواردة من فيينا معلومات تفيد أن الوزراء طلبوا تمديد إقامتهم في الفنادق لليلة الخميس، صباح الجمعة، ومثلها جرى تمديد عقود شركات الخدمات الأمنية والإعلامية، التي تواكب المفاوضات. بينما أكدت مصادر متصلة بما يجري داخل أروقة التفاوض، أنّ الأمور تسير بقوة نحو الاتفاق، وأنّ بعض النقاشات صار يتصل بما بعد الاتفاق، وكيفية إدارة العلاقات بين أطرافه، وانّ عملية تحضير الرأي العام خصوصاً في الدول الغربية وبصورة أخصّ الرأي العام الأميركي تستدعي إثارة هذا القلق والخوف من الفشل ليصير التفاهم مطلباً لضمان الاستقرار على مستوى النخب والرأي العام. وهذا ما يفسّر السعي الأميركي الحثيث لبلوغ التفاهم من جهة والتلويح بخيار الانسحاب إعلامياً من جهة مقابلة.

في الشرق الأوسط المعني الأول بما يجري في فيينا، تبدو المبادرة الميدانية بيد حلف المقاومة أشدّ يوماً بعد يوم، حيث في المواجهة اليمنية مع العدوان السعودي سجل يوم أمس تساقط سبعة صواريخ سكود في العمق السعودي على مدى ثلاثمئة كيلومتر داخل الحدود مستهدفة مراكز الدفاع الجوي ومطارات سعودية، بينما في سورية يواصل الجيش السوري وقوى المقاومة التقدّم في الزبداني التي باتت قاب قوسين أو أدنى من الحسم النهائي، في ظلّ انهيار وضع مسلحي «جبهة النصرة» التي أعلنت إعدام ستة منهم بتهمة الفرار من أرض القتال، بينما استسلم المئات منهم خلال الأيام الثلاثة للحرب.

أما لبنان الذي أدمن انتظار التطورات والمتغيّرات، لملاقاتها، يبدو أنه ضاق ذرعاً بالانتظار في الوقت الأخير من الشوط الأخير، ليسير بقدميه نحو مواجهة غير محسوبة النتائج ومهيأة للخروج من تحت السيطرة، ففيما أعلن العماد ميشال عون التأهّب بين صفوف تياره بدت الوساطات الحكومية لحلحلة العقد وبلوغ تسوية تمنع المواجهة مجرّد رفع عتب.

الوضع الحكومي مكبّل

فشلت المبادرات لحلّ الأزمة الحكومية، كما فشل تأمين حضور المكوّن المسيحي لأيّ جلسة تشريعية لا تضع على جدول أعمالها قانون الانتخاب واستعادة الجنسية، حتى لو وقع 13 وزيراً الخميس المقبل على مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب. ويبدو أنّ الوضع الحكومي سيبقى مكبّلاً طالما أنّ مجلس الوزراء لم يبت ملف التعيينات العسكرية، وسينعكس ذلك على مجلس النواب طالما أنّ هناك من يربط بين التعيينات العسكرية وحضور الجلسات العامة.

وأكد وزير الاقتصاد آلان حكيم لـ«البناء» أن الاتصالات لم تتقدّم في شأن الحكومة بعد، وأنّ كلّ فريق لا يزال على موقفه». وإذ لفت إلى أنّ للعماد ميشال عون مبرّراته للنزول إلى الشارع ، شدّد على أنّ الوضع في لبنان لا يتحمّل تحركات شعبية»، مشيراً إلى «أنّ العماد عون بإمكانه أن يلجأ إلى طرق أخرى سياسية وديبلوماسية، أو من خلال وزرائه ونوابه من خلال التصدّي لأيّ ملف داخل مجلس الوزراء»، لتحقيق مطالبه بدل اللجوء إلى الشارع في ظلّ الأوضاع الراهنة».

من ناحية أخرى لفت حكيم إلى «أنّ بند المنتجات الزراعية سيصدر في الجريدة الرسمية، فهو أقرّ داخل مجلس الوزراء، وورد في المقرّرات التي تلاها وزير الإعلام رمزي جريج».

الشلل سيعمّ بيروت

ويواصل التيار الوطني الحرّ التحضير للتحرك الشعبي الذي دعا إليه رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون. وأشار مصدر قيادي في «الوطني الحر» في حديث إلى «البناء» إلى أنه كان على رئيس الحكومة تمام سلام والحكومة احترام الدستور وإجراء التعيينات واحترام المكوّن المسيحي والتعامل معه كشريك وتنفيس الوضع المحتقن بدل التخوّف من اللجوء إلى الشارع ومن الطابور الخامس».

ولفت إلى «أنّ التحرك الشعبي في الشارع يمكن أن يكون مركزياً في شكلٍ موسع أو في شكل متفرّق في عدة مناطق»، كاشفاً أنّ القرار النهائي يدرس خلال اليومين المقبلين ويمكن أن يتخذ القرار خلال اجتماع التكتل اليوم أو بعده بوقتٍ قصير»، مشيراً إلى «شلل سيعمّ مدينة بيروت، وأنّ التيار الوطني الحر قادر على ذلك بعد أن سدّت كلّ الطرق أمامه ولم يجد آذاناً صاغية».

واستغرب المصدر حديث بعض الوزراء عن شارع مقابل شارع، فنحن لا نتحدّى الشارع السني بل كلّ الحكومة وتفسير البعض على أنّ هذا سيضعنا أمام حرب أهلية جديدة تهويل وغير منطقي».

وأضاف المصدر: «لقد أكلوا حقوق المسيحيين واختزلوا رئيس الجمهورية برئيس الحكومة وحصلت تعدّيات على الدستور، ولا نستطيع إسقاط الحكومة بالطرق الدستورية، ولم يبق أمامنا إلا الطرق الاحتجاجية السلمية».

ونفى المصدر حصول أيّ اتصالات رسمية أو عبر قنوات مع التيار الوطني الحر لحلحلة الأزمة قبيل الجلسة الحكومية الخميس، وقال: «لم يعد لدينا ما نقوله، المطلوب من جهة الحكومة ورئيسها إجراء الاتصالات اللازمة لإزالة الإشكال وإيقاف الوضع الشاذ واحترام الدستور ووضع التعيينات الأمنية بنداً أول على جدول الأعمال».

الإقلاع عن سياسة العزل

وشدّد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين على «أنّ هذه المرحلة تحتاج إلى الإقلاع عن سياسة العزل والتهميش والتهشيم، فإذا كان البعض ما زال معتقداً أنّ بإمكانه من خلال سياسة العزل لجهة أو لفئة أن يحقق مستقبلاً لزعاماته أو لجهته التي يدّعي الانتماء إليها فهو مشتبه ومخطئ»، مشيراً إلى «أنّ هناك مخاطر كثيرة يعيشها البلد والناس، مما يفرض على الجميع أن يتلاقوا ويتحاوروا ويتفاهموا، لا أن يكون هناك استعجال في اتخاذ أيّ قرارات يمكن أن تؤدّي إلى خراب البلد في المستقبل».

رفض فتح مرسوم دورة استثنائية

وأجمع «التيار الوطني الحر» وحزب «الكتائب» على رفض فتح مرسوم الدورة الاستثنائية بالصيغة المطروحة، وانضمّ إليهما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي أكد «أنّ فتح الدورة الاستثنائية لا يجب أن يخصص إلا لـ»تشريع الضرورة» وهو في مفهومنا قانون الانتخاب واستعادة الجنسية للمتحدّرين من أصل لبناني وغيرها من المواضيع التي تخضع لمعيار الضرورة».

جولة حوار جديدة بين حزب الله و«المستقبل»

ويعقد حزب الله وتيار المستقبل جولة جديدة من الحوار هي الخامسة عشرة ستعقد في 13 الجاري لاستكمال البحث في المواضيع المدرجة على جدول الأعمال.

إلى ذلك، بحث الرئيس سعد الحريري في جدة مع وفد تيار المستقبل من الشمال الأجواء التي سادت مدينة طرابلس والشمال عامة عقب تسريب أفلام ضرب سجناء في سجن رومية. وأكد الحريري أهمية الاعتدال وترجمة ذلك في الخطاب السياسي.

وتزامن اللقاء مع إصدار قاضي التحقيق العسكري رياض أبو غيدا قراره الظني في هذا الشأن. وقرّر أبو غيدا في القرار الادّعاء على عسكريين 2 بتهمة الضرب والإيذاء وعلى ثالث بتهمة التصوير، وإخلاء سبيل 2 آخرين بعد تغريمهما.

الزبداني إلى الحسم

أمنياً واصل الجيش السوري والمقاومة العمليات العسكرية في الزبداني، حيث حققا تقدّماً نوعياً وهاماً في وقت قصير جداً وسيطرا على معظم المحاور والمداخل الرئيسية في ظلّ فرار المسلحين إلى جرود عرسال.

وأمس تقدّم مقاتلو الجيش السوري والمقاومة داخلَ مدينة الزبداني بعد السيطرة على كتل سكنية عدة في حي السلطاني جنوباً والوصول إلى مثلث حي جامع الهدى.

وأكد مصدر عسكري مطلع على سير العملية لـ»البناء» أنّ «الوضع العسكري في مدينة الزبداني تحت السيطرة الكاملة ومعنويات المقاومين عالية جداً، وسيتوجهون اليوم من الزبداني شمالاً إلى القلمون لوصله بالزبداني وتنظيف هذه المنطقة الحدودية اللبنانية السورية المحاذية للسلسلة الشرقية بالكامل».

وأضاف المصدر: «بعد وصل القلمون بالزبداني تكون المقاومة قد أمّنت حدود لبنان الشرقية من جهة طريق حمص واستكملت تنظيف جرود رأس بعلبك التي تبعد عن حمص حوالي 25 كلم حيث يتمركز المسلحون، ويكون الجيش السوري بدوره قد أزال خطر الزبداني عن كاهل العاصمة السورية دمشق التي كانت قاعدة للمجموعات المسلحة في القلمون».

ونقل المصدر وجود حشد كبير من المسلحين في الزبداني التي تشهد مواجهات عنيفة والتي تعتبر المعقل الأخير القريب على دمشق حيث خلفية المقاومين محمية من الجرود».

وأوضح المصدر «أنّ المقاومة دخلت والجيش السوري إلى الزبداني من ثلاثة محاور: الجنوب والغرب والشرق، لافتاً إلى «أنّ منطقة الزبداني معروفة بطبيعتها الجغرافية الوعرة حيث يتواجد المسلحون من كلّ الفصائل الذين يقدّر عديدهم بين 5 إلى 7 آلاف مقاتل، فضلاً عن أنها القاعدة الأساسية لإمداد المسلحين شمالاً حتى حدود ريف حمص الشرقي»، مشيراً إلى «أنّ 60 في المئة من الزبداني ومداخلها الأساسية باتت تحت سيطرة الجيش السوري والمقاومة».

وأفاد المصدر «أنّ المسلحين الذين يفرّون من أرض المعركة يتجهون عبر جرود فليطا وعسال الورد إلى جرود عرسال، وشدّد على وجود قرار بحسم المعركة مع جبهة النصرة، وبعدها سيتمّ الحسم النهائي في القلمون ومن ضمنها جرود عرسال التي تعتبر هدفاً أساسياً للمقاومة».

وقال المصدر: «المسلحون داخل بلدة عرسال أصبحوا لاجئين، لأنهم فقدوا كلّ الدعم والامتداد لهم، لا سيما القلمون التي باتت تحت السيطرة، لذلك يحاول البعض حماية المسلحين في السياسة لأنها الورقة الأخيرة إضافة إلى ورقة العسكريين المخطوفين».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى