الأردن طرف نشط في الحرب على سورية: لماذا؟

حميدي العبدالله

بات واضحاً في الأشهر القليلة الماضية، ولا سيما في الأسابيع الأخيرة، أنّ الأردن تحوّل إلى لاعب نشط في الإسهام في الحرب الدائرة ضدّ سورية.

لا يقتصر هذا الدور النشط على تسلل الإرهابيين عبر الحدود، وتزويدهم بالسلاح، واستضافة غرفة عمليات «موك» التي تقف وراء التصعيد في المحافظات الجنوبية الثلاث، درعا والسويداء والقنيطرة، بل إنّ تصريحات الملك الأردني حول تسليح العشائر السورية، رفع هذا النشاط إلى مستوى غير مسبوق منذ بدء الحرب على سورية، حيث كان الأردن الرسمي ينفي أيّ تورّط مباشر له في الحرب.

ما الذي دفع الأردن إلى الانخراط بقوة ونشاط غير مسبوق في الحرب على سورية، والمجاهرة بذلك؟ ثلاثة عوامل مجتمعة تفسّر هذا التصعيد غير المسبوق:

العامل الأول، سعي الدول المنخرطة في الحرب على سورية التعويض عن ركود الجبهات الشمالية. واحتمال خسارة القدرة على التصعيد عبر هذه الجبهات في ضوء نتائج الانتخابات التركية، وفي ضوء التقدّم الذي حققته قوات الحماية الكردية على امتداد الحدود السورية – التركية من تل ابيض حتى عين العرب، وما ترتب على هذا التقدّم من خلط أوراق، وخلق مصالح متعارضة لدى الأطراف والدول المشاركة في الحرب على سورية.

العامل الثاني، ارتباط النظام الأردني بالتحالف الغربي الإسرائيلي الخليجي- التركي الذي يشارك في الحرب على سورية عبر دعمهم الجماعات المسلحة بالمال والسلاح، وحشد المقاتلين الأجانب الذين تجاوز عددهم الثلاثين ألف إرهابي. ومعروف تاريخياً أن النظام الأردني لا يستطيع ردّ إملاءات الحكومات الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة، ولا الإملاءات والطلبات الصهيونية، وبديهي طلبات الدول الخليجية التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية الغربية في المنطقة.

العامل الثالث، الموقف الشعبي، إذ أنّ غالبية الأردنيين تدعم موقف النظام الأردني في دعم الجماعات الإرهابية المسلحة، وإنْ بدوافع وخلفيات متباينة، فالتيارات الإسلامية في الأردن، بدءاً من «الإخوان المسلمين»، ومروراً بالتنظيمات السلفية، وانتهاءً بتنظيمات «القاعدة»، تحوز على تأييد أكثر من 30 في المئة من الشعب الأردني، وهذه التنظيمات جميعها تؤيد تقديم الدعم للجماعات المسلحة في سورية من أيّ جهة كانت، حتى لو كان هذا الدعم من «إسرائيل»، وقاعدة النظام الأردني الشعبية التي تقدّر أيضاً بحوالي 30 في المئة من الأردنيين فهي تدعم أيّ سياسة ينفذها النظام. وهذا يعني أن غالبية شعبية تصل إلى حدود 60 في المئة من الأردنيين تدعم من مواقع وحسابات مختلفة دعم النظام للجماعات المسلحة في سورية، وهذا يعني أنّ النظام لا يخشى من المساءلة الشعبية حول تدخله في الشأن السوري، وبالتالي يعتقد أنه يحقق الكثير من المكاسب جراء هذا التدخل بدءاً بإرضاء حلفائه، وانتهاءً بتملق الفئات الشعبية المؤيدة للتيارات الإسلامية.

هذه العوامل الثلاثة مجتمعة هي التي تفسّر اندفاعة النظام الأردني وتورّطه بشكل سافر في الحرب على سورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى