تقرير

نشرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية، موضوعاً يتعلق بالعمليات العسكرية التي بدأت القوات التركية تنفّذها ضد الأكراد و«داعش». وجاء في المقال:

بدأت تركيا حملات عسكرية على جبهتين في آن واحد، كل منها يعتبر علامة بارزة في الاستراتيجية الأمنية للبلاد. بدأت تقصف مواقع «داعش» في سورية وسمحت للولايات المتحدة باستخدام القواعد الجوّية لانطلاق طائراتها لضرب قواعد «داعش». كما ان قصف مقرّات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق أنهى الهدنة التي استمرت سنتين.

قد تكون هذه العمليات محاولة من جانب الرئيس التركي طيب رجب أردوغان لرفع شعبية حزب «العدالة والتنمية» وكسب تأييد الناخبين، إذا ما تقرّر إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

في الواقع، بالنسبة إلى تركيا، توحدت هذه العمليات تحت اسم واحد «عملية مكافحة الارهاب». وفي هذا الشأن، قال رئيس وزراء تركيا أحمد داود أوغلو: يجب ألا يشك أحد في عزمنا. نحن لن نسمح بتحويل تركيا إلى منطقة انعدام القانون. وأضاف مؤكداً أن هذه الهجمات ضد الأكراد و«داعش» لن تكون أحادية، وستستمرّ ما دام هناك خطر يهدّد تركيا.

وضمن هذا السياق، اعتقلت السلطات عدداً كبيراً من الأشخاص المشكوك بعلاقتهم بحزب العمال الكردستاني أو «داعش».

بما أن تركيا عضو في الناتو، لذلك فقد تعرضت إلى انتقادات شديدة لعدم مساهمتها في مكافحة مسلّحي «داعش» المستولين على مساحات شاسعة من سورية والعراق. أحد اسباب عدم مشاركة تركيا، عدم رغبتها في مساعدة أكراد سورية، الذين أصبحوا قوة رئيسية في مواجهة «داعش». وتقوم فصائل قوات الحماية الكردية والجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني بمساندة طائرات قوات التحالف بهجمات ناجحة على المناطق التي يسيطر عليها «داعش».

بدأت الهجمات التركية، كردّ فعل للهجوم الانتحاري الذي نفّذ أمام المركز الثقافي في مدينة سروج القريبة من الحدود السورية، الذي أودى بحياة 32 شخصاً. لذلك تأمل أنقرة أن تصبح مشاركتها في مكافحة «داعش» عاملاً في كسب الولايات المتحدة إلى جانبها في مسألة إنشاء منطقة حظر جوّي فوق سورية.

أما ممثلو حزب العمال الكردستاني فيقولون إنه بعد الهجمات الجوية للغزاة الأتراك، فإن الهدنة تم التوصل اليها في عام 2013 لم تعد ذات قيمة. كما أن حقد الأكراد على الأتراك تزيده الاشاعات التي تفيد بأن تركيا حليفة لـ«داعش» في محاربة الأقلية الكردية. لقد كانت غالبية ضحايا العملية الارهابية في سروج من الأكراد، الذين كانوا يستعدون لمناقشة خطط إعادة اعمار عين العرب التي استعادت قوات الحماية الكردية السيطرة عليها.

قد يكون التفجير الأخير الذي وقع في ديار بكر عملية انتقامية ضد تركيا نفّذها الأكراد، وتسببت بمقتل جنديين تركيين وجرح أربعة آخرين. القيادة العسكرية اتهمت الأكراد بتنفيذ هذه العملية، وأعلنت عن بداية عمليات القضاء على الجناة.

يشير الخبراء في روسيا والدول الأخرى إلى انه قد يكون تأزم الأوضاع على الحدود التركية ـ السورية والتركية ـ العراقية مرتبطاً بأهداف أردوغان الداخلية. لأن الانتخابات البرلمانية الأخيرة حرمت حزب «العدالة والتنمية» الذي يتزعمه أردوغان، من الغالبية المطلقة في البرلمان. ما أضطر إلى المباشرة في الدخول في حوار مع الأحزاب الأخرى من أجل تشكيل حكومة ائتلافية، وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن خلال المدة المقررة، فستُجرى انتخابات برلمانية مبكرة في تركيا. لذلك قد يكون الهدف من هذه العمليات العسكرية، محاولة لكسب ذلك الجزء من الناخبين الذين لم يصوّتوا لمصلحة حزب «العدالة والتنمية».

تقول نائبة رئيس المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، آنا غلازوفا: تتبلور في تركيا أوضاع غير مستقرة، فقد تصبح تركيا نقطة ساخنة جديدة في الشرق الأوسط. الآن هي تحارب على جبهتين، ضد «داعش» وضد أكراد سورية. لأنه بحسب اعتقاد أردوغان، الأكراد يشكلون خطراً أكبر على بلاده من الإسلاميين.

وتضيف إن تركيا فتحت جبهتين، وعليها مواجهة جبهة ثالثة أكراد تركيا. كما يمكن إضافة اليها قوات النظام السوري. وتختم غلازوفا حديثها بالقول إن تصعيد التوتر خطر جداً، ولكن يمكن لقيادة البلاد استخدامه في بلوغ الأهداف السياسية الداخلية المنشودة، في حالة عدم التوصل الى اتفاق لتشكيل حكومة ائتلافية، وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى