تقرير

على رغم توجّهاته اليمينية، يدعو المؤرّخ «الإسرائيلي» البارز بيني موريس إلى استبدال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي حرض في الميادين العامة، وعلى الطريق إلى صناديق الاقتراع، ولم يدفع الحساب في المطاعم، ويؤثث حديقته على حساب الجمهور.

وفي مقال نشرته صحيفة «هاآرتس» العبرية، يقول موريس، إنه من حيث القيم والقوانين، سيكون من المرغوب فيه أن يقود «إسرائيل» شخص آخر. لكن موريس قلق لأسباب سياسية فيقول إنه على رغم اتفاقه مع نتنياهو في القضايا السياسية الكبرى ـ القضية الإيرانية، وبتحفظ ما في القضية الفلسطينية يرى ضرورة استبداله.

ويوضح أن نتنياهو محقّ لأن النظام الإيراني يشكل تهديداً وجودياً على «إسرائيل» ويريد تدميرها، وعاجلاً أم آجلاً سيمتلك الأدوات لتدميرها مثلما ملكته دولة أصغر بقيادة بن غوريون. ملمحاً إلى المفاعل النووي «الإسرائيلي».

ويستبعد موريس تطبيق نتنياهو الخيار العسكري، ويقول إن الظروف كانت أفضل بكثير خلال فترة آرييل شارون وجورج دبليو بوش، ولم تهاجَم منشآت إيران النووية.

على المستوى الفلسطيني، يشير موريس إلى انه يدعم حلّ الدولتين، لكن نتنياهو محق أيضاً هنا. متبنّياً موقفه بأنه «لن يتم التوصل إلى معاهدة سلام بيننا وبينهم في حياتنا لأن الفلسطينيين غير معنيين بذلك».

ويتابع: إنهم لا يعترفون بشرعية الصهيونية وحكم اليهود على شبر واحد في فلسطين، وكأمّة، وهنا لا فرق بين فتح وحماس، يؤمنون، بأن الديموغرافيا والتاريخ والسياسة الدولية، كلّ ذلك يعمل لمصلحتهم.

وأضاف: المقاطعة الدولية تحاصر «إسرائيل»، والزيادة الطبيعية ـ بين «عرب إسرائيل» الذين يسمون أنفسهم فلسطينيين وفي الأراضي المحتلة تتعرض الديمقراطية «الإسرائيلية» للحصار. لا يتعين عليهم التخلي عن حق العودة والتوقيع على اتفاق تسوية يقوم على أساس حل الدولتين. البلاد كلها ستكون لهم على مر الزمن. يجب الانتظار لجيل أو اثنين، وستختفي «إسرائيل اليهودية». وربما حتى قبل ذلك، وهذا يتوقف على الذرّة الإيرانية.

في سياق المطلوب لمنع هذا السيناريو، يرى موريس الذي كتب مؤلفات كثيرة ومهمة عن الصراع والنكبة منها «حرب 1948» الصادر بالعبرية قبل خمس سنوات، أنه من أجل منع، أو على الأقل تخفيف القدر المحتوم، كان يجب على «إسرائيل» أن تجيد اللعب، وتقديم تنازلات إقليمية عادلة وفقاً لخطوط الرئيس بيل كلينتون في كانون الاول 2000 والامتناع عن توسيع مشروع المستوطنات.

بذلك، يتماثل موريس مع رؤية اليسار الصهيوني الذي يحذّر من سياسة الحفاظ على الوضع الراهن ويعتبرها خطراً داهماً على «إسرائيل» لأنها ستضعها أمام خيارين حلوهما مرّ. فإما أن يبقيها احتلال الضفة وغزة دولة غير ديمقراطية فيها نظام فصل عنصري، وإما تبقى ديمقراطية وغير يهودية وتصبح ثنائية القومية عندئذٍ.

ويراهن موريس على أن الفلسطينيين سيكرّرون رفضهم تقاسم البلاد مجدّداً كما فعلوا حيال قرارات تقسيم دولية وكما فعلوا في 1937 لجنة بيل أو عام 1947 قرار التقسيم ، ومرة أخرى في عام 1978 الحكم الذاتي الذي عرضه في كامب ديفيد مناحيم بيغن وأنور السادات ، ومرة أخرى في عام 2000 عندما رفضوا مقترحات إيهود باراك وكلينتون ، ومرة أخرى في عام 2008 حين رفضوا مقترحات التقسيم التي عرضها إيهود أولمرت .

ويكرّر موريس قوله إنّ نتنياهو يفهم ومحقّ لكنه بحماقته، يتردّد في ممارسة اللعبة. ولذلك تنظر الدول والشعوب المتقدمة إلى «إسرائيل» كرافضة، بينما يضحك الفلسطينيون، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي. كما يوجّه موريس انتقادات قاسية لتعامل نتنياهو مع البيت الأبيض على رغم الحاجة الشديدة للولايات المتحدة. ويسخر موريس من سياسة نتنياهو في الشأن النووي ويستبعد نجاحه في إقناع الكونغرس بعدم المصادقة على اتفاق فيينا. ويضيف: وحتى إذا نجح نتنياهو في ذلك، فستنهار كافة العقوبات الدولية، وستبقى «إسرائيل» صلعاء على كلا الجانبين.

ويرى أنه «مع ذلك لا يزال يتحتم على نتنياهو الاستقالة فوراً. لكنه لن يفعل ذلك، والظروف السياسية لن تجبره على القيام بذلك فبعد كل شيء، معظم الشعب، أو جزء كبير جداً منه يؤيده.

ودعا موريس إلى استبدال الاسطوانة، أو استبدال نتنياهو حتى لو كان على حق في شأن نوايا إيران والفلسطينيين.

موريس الذي بدأ مسيرته كمؤرخ صاحب رؤية يسارية منذ وضع مؤلفه الشهير «قضية اللاجئين» قبل نحو عقدين، وصار صاحب توجهات يمينية في السنوات الأخيرة، يخلص إلى القول إنه ليس حلّ رموز نوايا العدو هو المهم اليوم. ويستطرد: من المهم الحفاظ على تعاطف المشجع الذي لا يزال معنا.

في كتابه الأخير «دولة واحدة، دولتان» الصادر بالإنكليزية عن جامعة «ييل»، يرى موريس الحل بالعودة للخيار الأردني من خلال كونفدرالية تشمل الضفة وغزة والأردن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى