موسكو تبلغ دي ميستورا رفض طرح هيئة حكم انتقالي لسورية الحكومة عالقة في «النفايات» و«التعيينات» و لا انفراجات قريبة

كتب المحرر السياسي :

حسم حلف الأطلسي وردّ الكرة للرئيس التركي رجب أردوغان الذي ظنّ أنّ انضمامه من دون حرب برية للتحالف ضدّ «داعش»، سيكون كافياً لنيل الموافقة والدعم لمشروعين يتخطيان قدرات الأطلسي وحساباته، فلا منطقة حظر جوي فوق سورية مخاطرة يتحمّلها الحلف الذي يعلم القيمون عليه أنها استفزاز لروسيا لن يمرّ بسهولة بعد تعهّد أميركي واضح بربط كلّ منطقة حظر جوي في أيّ مكان من العالم بقرار يصدر عن مجلس الأمن، والسير فيها بالانفراد يعادل إعلان حرب كيوم جاءت الأساطيل الأميركية إلى البحر المتوسط وتلمّست حدود القرار الروسي بمساندة سورية، والقرار الإيراني بالشراكة مع سورية وقرار المقاومة باعتبار أنها حرب تقف وراءها «إسرائيل» والتصرف على هذا الأساس. ويستعاد المشهد نفسه مع التهديد بمنطقة حظر جوي، خصوصاً أن سورية أعلنت أنها ستتعامل مع أيّ انتهاك لسيادتها كعدوان، فذهب الأطلسي إلى التهدئة. وعلى ضفة موازية حرص على تأكيد التمسك بالتحالف مع الأكراد داعياً أردوغان إلى الحلّ السياسي معهم، على رغم بقاء حزب العمال الكردستاني على لائحة الإرهاب لدى دول الحلف.

بالتزامن مع سقوط وهم أردوغان بإنشاء المنطقة العازلة بقوة الحظر الجوي ومحاولته استبدالها بقرار تقديم الغطاء الجوي لتولي المجموعات المسلحة المدعومة من الغرب المناطق التي تنزح منها قوات «داعش» بعيداً عن الحدود التركية، حملت المعلومات الواردة من نيويورك عشية تقديم المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إحاطته حول مساعي الحلّ السياسي في سورية أمام مجلس الأمن الدولي، ما يفيد بقيام مندوب روسيا في مجلس الأمن فيتالي تشوركين بإبلاغ دي ميستورا رفض موسكو بالمطلق أن تتضمّن الإحاطة الدعوة إلى هيئة حكم انتقالي في سورية، لأنها لن تقبل بالاجتزاء والتفسير الانتقائي لبيان جنيف الصادر عن الطرفين الروسي والأميركي كإطار للحلّ السياسي، خصوصاً أنّ مفهوم الجسم الحكومي الذي تضمّنه بيان جنيف مختلف عليه بين الطرفين الروسي والأميركي، بينما التفاهم قائم اليوم على اعتبار الحرب على الإرهاب مدخلاً رئيسياً لأيّ مسعى للحلّ السياسي في سورية، وهو ما لم يكن قائماً بقوة في أيام صدور بيان جنيف الأول على رغم ورود فقرة واضحة حول الإرهاب في البيان.

في لبنان ما زالت إشارات التفاؤل بتسويات لقضايا الخلاف تتكشف سراباً سواء ما يتصل بحلحلة لقضية التعيينات أو بقرارات تنهي أزمة النفايات، وما زالت الحكومة غارقة في خلافات تبدو مستحكمة تجعل التأجيل سيد الموقف حتى يحين موعد مناسب للتمديد في الملفين، بعدما صار استراتيجية الشأن العام في لبنان تختصر بمعادلتي التأجيل فالتمديد.

أزمة النفايات إلى الحلول الموقتة

طغى ملف النفايات على النقاش السياسي في لبنان، حيث تكثفت اجتماعات اللجنة المولجة متابعة قضية النفايات في السراي الحكومي برئاسة الرئيس تمام سلام، وأكدت على القرارات التي اتخذت ليل الاثنين ومراحل التنفيذ التي تقضي برفع النفايات من شوارع العاصمة بيروت وضواحيها إلى أماكن مؤمنة موزعة على جميع المناطق إلى أن يصار إلى إجراء المناقصة وتلزيم العارض.

وعقدت اللجنة المولجة متابعة قضية النفايات اجتماعاً في السراي الحكومية أمس، برئاسة سلام وبمشاركة وزراء: الصناعة حسين الحاج حسن، شؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج، المالية علي حسن خليل، الزراعة أكرم شهيب، الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، البيئة محمد المشنوق والتربية والتعليم العالي الياس بو صعب.

ولفت أمين سر اللجنة محمد المشنوق إلى أن اللجنة أكدت على القرارات التي اتخذت الاثنين ومراحل التنفيذ، وأبدت ارتياحها إلى سير العمل الذي سيستكمل بإجراءات إضافية أعطيت التعليمات في شأنها لغرفة العمليات في مجلس الإنماء والإعمار، وتقرر أن تعقد اللجنة جلسة عند الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم.

ولفتت مصادر وزارية لـ«البناء» إلى أن ملف النفايات وضع على طريق الحل الموقت ويتم الآن البحث بالتفاصيل في اللجنة المصغرة ويقضي هذا الحل الموقت بنقل نفايات بيروت وضواحيها إلى أمكنة مؤمنة وموزعة على مختلف المناطق إلى أن يحصل فض العروض وسند الالتزامات للعارض وريثما يصار إلى إجراء مناقصة في بيروت وبانتظار الحلول الجذرية التي هي إما إنشاء مطامر وإما اعتماد تقنية التحليل الحراري».

فيما قالت مصادر وزارية أخرى لـ«البناء» إن اجتماع اليوم لم يصل إلى أي نتيجة لكن سيستكمل في جلسة الغد متوقعاً الخروج بحلول.

وبعد المعلومات التي تحدثت عن نقل شاحنات النفايات إلى بعض المناطق في بيروت والبقاع، قطع أهالي منطقة عين دارة طريق عين دارة – ضهر البيدر وأعلنوا رفضهم استقدام النفايات إلى المنطقة، وأكدوا أنهم سيحجزون كل شاحنة نفايات ممكن أن تمر من المنطقة.

ونفى وزير البيئة محمد المشنوق نفياً قاطعاً كل ما ورد بأن شاحنات رمت النفايات في عدد من المواقع، خصوصاً في نهر بيروت وفرن الشباك وعدد من المناطق، وأوضح بحسب بيان صادر عن مكتبه الإعلامي أن أي شاحنة تعمل في إطار الخطة التي وضعتها اللجنة الوزارية لم تفرغ أي نفايات في أي موقع من تلك المواقع».

القضاء يضع يده على الملف

وفي السياق، تابع النائب العام المالي القاضي الدكتور علي إبراهيم، دراسة ما توصلت إليه التحقيقات الأولية في ملف شركتي «سوكلين» و«سوكومي» والأموال المستوفاة من الصندوق البلدي المستقل، وأصدر قراراً تمهيدياً قضى بتعيين لجنة فنية يبلغها القيام بمهام حددت في نص القرار على أن ينظر في ضوء ما تتوصل إليه بالمقتضى القانوني.

ورد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على قرار القضاء بالقول: « على القاضي إبراهيم أن يعيد النظر في قرار تعيين لجنة فنية بملف سوكلين وسوكومي، وإذا أراد أن يحاسب أحداً عليه أن يتوجه إلى الإدارة التي عملت مع سوكلين وليس مع الشركة نفسها».

الشارع ينتفض

وتفاعلت أزمة النفايات لدى الأوساط الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني والناشطين بعد أن «بلغ السيل الزبى» لدى المواطنين الذين اختنقوا بروائح النفايات السامة على مدى أسبوعين وبعد أن تمادت الدولة في إهمالها بمعالجة الأمر، حيث عمد المعتصمون إلى قطع الطريق باتجاه وزارة البيئة وشارع بلس في الحمرا، ووصل المتظاهرون إلى محلة «سبيرز»، واعترضوا سيارة لوزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي قال تعقيباً على الاعتصام: «طوقني 15 شخصاً ونعتوني بالحرامي ورموني بالنفايات ولفظت صفة الادعاء على أحدهم»، وعلى الفور أعطى المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود توجيهاته إلى النائب العام الاستئنافي في بيروت زياد أبو حيدر وإلى قوى الأمن الداخلي، بإجراء التحقيق سريعاً وطلب توقيف المعتدين.

كما نفذ ناشطون في حملة «طلعت ريحتكم» التي انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اعتصاماً ومسيرات تخلله إقفال طرق في وسط بيروت، احتجاجاً على «الحلول الوهمية».

كما تجمع عدد من الناشطين أمام ساحة رياض الصلح بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء، ورشق المعتصمون البيض باتجاه السراي الحكومي وسط هتافات «ارحل».

وعقد تكتل التغيير والإصلاح اجتماعه الأسبوعي برئاسة رئيس التكتل العماد ميشال عون في دارته في الرابية، وأكد المجتمعون أن الحكومة هي مكان الشّركاء الصّالحين لكي يتشاركوا سويّاً أزمات الوطن.

وعقب الاجتماع، أشار وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل إلى أن «هذا الملّف دخل في الابتزاز السياسي والتهديد الإعلامي الذي طاولنا بموضوع الحكومة. وأكد باسيل رفض التكتل «أيّ إغراء في موضوع النفايات وصوّتنا على هذا الموضوع، وجدّد القول، بأن «الحكومة هي مكان الشّركاء الصّالحين لكي يتشاركوا سويّاً أزمات الوطن». وأضاف: «نحن شريكٌ صالح نمدُّ يدنا للناس لكي نتّفق ونحلّ أزمات الدّولة من دون انتقائية».

وقالت مصادر التيار الوطني الحر» لـ«البناء» أن فريق 14 آذار هو الذي أوصل هذا الملف إلى ما وصلنا إليه اليوم والآن يطلب منا الشراكة لكن عندما جمع بعضهم الأموال ونشر الفساد في هذا الملف لم نشاركهم في ذلك بل قدمنا مشروعاً لحل الأزمة لكنهم رفضوه في الحكومات السابقة».

أزمة النفايات تتقدم على أزمة الحكومة

وتقدمت أزمة النفايات على الأزمة الحكومية في ظل استمرار الاتصالات بين المعنيين لإيجاد مخارج للأزمة، حيث أرجئت جلسة الأمس لمزيد من المشاورات ولإفساح المجال أمام بعض الوزراء لمتابعة معالجة أزمة النفايات، في حين لا تزال استقالة سلام موضع أخذٍ ورد، حيث تلقى سلام اتصالات دعم من سفراء بعض الدول العربية والأجنبية شددوا خلالها على الحفاظ على الحكومة كخشبة خلاص للبنان.

وأعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء أن رئيس الحكومة تمام سلام، أرجأ الجلسة لمزيد من المشاورات، على أن تعقد الجلسة الدورية للمجلس العاشرة من صباح الخميس المقبل.

وأكد وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» أن مجلس الوزراء ورئيسه تمام سلام ارتأوا إرجاء الجلسة لفسح المجال أمام الوزراء المعنيين للعمل لإيجاد حلول موقتة لأزمة النفايات كما أن اهتمام مجلس الوزراء منصب على موضوع النفايات ولا يمكن مناقشة آلية عمل الحكومة قبل حل هذا الموضوع الطارئ ولأن ما كان سيقال في الجلسة عن الآلية يمكن تأجيله إلى جلسة الخميس».

ونقل مصدر وزاري عن سلام لـ«البناء» أن الاستقالة حق يملكه رئيس الوزراء ويستعمله عندما يريد، إلا أن المصدر استبعد أن يستعمله الآن إلا إذا رأى ذلك مناسباً أي عند الاستمرار في تعطيل الحكومة.

وأضاف المصدر: «أن سلام تلقى اتصالات من المملكة العربية السعودية لدعم موقفه واستمراره في رئاسة الحكومة، كما تلقى اتصالات دعم من العديد من سفراء الدول العربية والأجنبية ومن أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي، وجميعهم شددوا على دعم سلام وحكومته لأنها خشبة الخلاص الأخيرة أمام هذا الفراغ الضارب في كل المؤسسات».

ونقل المصدر عن سلام امتعاضه واستياءه من هذا الوضع الحكومي وأزمة النفايات، وأنه على رغم صبره الطويل وصدره الواسع، سيتصرف بحزم دائماً بما يحقق مصلحة لبنان».

لقاء عون ـ مقبل

ومن جهة أخرى أشار مصدر في التيار الوطني الحر إلى أن العماد عون سأل وزير الدفاع سمير مقبل خلال لقائه معه أول من أمس في الرابية، «إذا لم ننجز ملف التعيينات في مجلس الوزراء، فما هو إذاً دور الدولة والدستور والقوانين والحكومة؟ فأجاب مقبل: أنا أؤيد مبدأ التعيينات لكن ماذا لو لم يحصل توافق في مجلس الوزراء على مرشحين للمناصب الأمنية؟ فرد عون: يجب أن يكون هناك تعاون على حصول التوافق وإلا يكون هناك تواطؤ».

وأكد المصدر أن «الوزير مقبل اتفق مع العماد عون على السير بإجراء التعيينات إلا أن الشق الآخر لم يتعهد به وهو حصول التوافق على قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز، ما يعني بحسب المصدر أن العملية لم تنته والوعود شيء والحقيقة شيء آخر».

وجدد المصدر تمسك التيار ببحث آلية عمل الحكومة في الجلسة المقبلة قبل بحث أي من بنود جدول الأعمال.

وفي إطار جولته على القيادات السياسية، زار مقبل معراب حيث التقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وجدد مقبل التأكيد أن «اسم قائد الجيش سيبقى معلقاً حتى أيلول، حينها يتخذ وزير الدفاع الإجراءات اللازمة وفق القوانين».

نصرالله: نتعرّض لمعركة وجود

وأطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس خلال افتتاح مؤتمر «متحدون من أجل فلسطين ـ إسرائيل إلى زوال» متحدثاً في الشأن الإقليمي والقضية الفلسطينية، حيث أكد أنّ «القضية الفلسطينية هي قضية حق لا لبس فيه».

ولفت السيد نصرالله إلى أننا «نتعرض لمعركة وجود ليس لها سابقة في تاريخ المنطقة»، وأوضح أنّ «صراع الوجود الذي تعيشه الأقليات في المنطقة أدى إلى أن تصبح إسرائيل خطراً ثانوياً».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى