تركيا شريك أميركي كامل

لطالما كانت اللعبة الأميركية في الشرق الاوسط غير واضحة المعالم لجهة الشريك الأكثر قرباً من الاستراتيجية الأميركية، فكان الحديث عن شريك «إسرائيلي» في المنطقة ثم مصري ثم سعودي ثم قطري ثم تركي.

لم يكن واضحاً ايّ من الدول العربية النافذة هي شريكة لواشنطن، او من هي الدولة التي تتولى مع الولايات المتحدة رسم خريطة «الشرق الاوسط» ومصير العرب بشكل واضح للسنوات المقبلة، بعد ما سُمّيَ «ثورات الربيع العربي».

كل الدول العربية لعبت نفس الدور حتى تفاوتت القدرة على التفريق بين منضوٍ تحت إطار السياسة الأميركية او بين تقاطع مصالح فرض اتجاهاً معيناً على الدول، فكانت قطر كالسعودية كمصر وتركيا، دول سلكت اتجاهاً يشير الى حلف واحد وقلب واحد مع الولايات المتحدة لفترة محددة من الزمن.

بدأ الخلاف حول الملف السوري يتفاقم، وبدأ يظهر الى العلن شيئاً فشيئاً، فكان هناك تحوّل في الموقف المصري بعد سقوط محمد مرسي وتسلّم عبد الفتاح السيسي الذي أرسل أكثر من مرة رسائل إيجابية حول ضرورة مكافحة الإرهاب في سورية والعراق ومصر، عدا عن تقليص التصريحات المناوئة للرئيس بشار الأسد حتى اختفت وانعدمت خلافاً لسلفه.

خلاف أكبر طفا على السطح بين الأميركيين والسعوديين حول الاتفاق النووي مع إيران، فباتت السعودية عاتبة ومعترضة على كلّ ما جرى، وغير مستعدّة لتقبّل الواقع الجديد الذي فرضته الولايات المتحدة بطبيعة الحال أولاً واخيراً، وهي الحليف الاول للعائلة المالكة، فباتت السعودية اليوم تريد لعب أوراقها ورميها في الميدان امام الأميركي اولاً وخصومها ثانياً علها تثبت أنها قادرة وليست مستعدة للانكسار أمام الغيرانيين وانْ كان الراعي أميركياً.

الخلاف بين «إسرائيل» وأميركا ايضاً بدا واضحاً وسبق باقي الدول الحليفة وكان أساسه علاقة سيئة بين بنيامين نتنياهو وباراك اوباما على أرضية خلافية تتمظهر برؤية جديدة للمصلحة «الاسرائيلية» بالعين الأميركية، حتى باتت «إسرائيل» اكثر حدة في مجمل أشهر المفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1، وتمادت في محاولات عرقلة سير المفاوضات باختلاق أزمات وفتح جبهات ودعم للإرهاب على الحدود السورية واعتداءات مختلفة كان أهمّها رسالة مزدوجة لإيران وأميركا، وهو اعتداء القنيطرة الذي ردّ الأميركي بصدّده انّ الامر لا يتطلب حرباً.

وحدها تركيا تؤكد شراكتها الكاملة مع الولايات المتحدة توقيتاً وسلوكاً ومنهجاً وتكتيكاً، فها هي اليوم تخطو خطوات قتال «داعش» في لحظة اقليمية كبرى صنعها الأميركي وكانت اتفاقاً تاريخياً مع ايران، وفي نفس اللحظة التي يعلن فيها الأميركي عزمه على التعاون مع ايران لمكافحة الإرهاب باعتبار انّ هذا القرار هو مصلحة للإدارة الحالية يبدو أنّ أوباما يستخدمها ورقة انتخابية ديمقراطية.

تركيا وخلال 5 سنوات لعبت دوراً أساساً في تحفيز الإرهاب على الامتداد والانتشار بإيعاز أميركي «اسرائيلي» لتفتيت المنطقة دويلات بدءاً من العراق وصولاً حتى سورية وأطراف لبنان، ومن العراق يعتزم الأميركيون بدء العدّ العكسي لهذا الامتداد، فباشرت تركيا بإعلان حربها على «داعش» في الشمال السوري.

تركيا شريك كامل للأميركيين ويبدو أنها شريك ايضاً في الحلول الأميركية الإيرانية المقبلة.

كشفت المتغيّرات انّ تركيا وحدها شريك ثابت واستراتيجي للأميركيين وقد استخدمت كامل أرصدتها وأبرزها وصايتها على «الاخوان المسلمين» وثقلهم في اكثر من دولة، في سياسة أميركية أثبتت فشلها.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى