إيران… من القوي إلى الأقوى

فاديا مطر

ـ يلجأ المجتمع الدولي إلى نظام العقوبات الاقتصادية كمرحلة استبدالية للحرب أملاً بأن تثمر نتائج إيجابية تمنع أو تؤخر طريق القوة العسكرية، ويمكن أن تكون هذه العقوبات محدودة في زمانها ومجالاتها أو مفتوحة بمدى زمني واسع وقطاعات واسعة، وهي ما فُرض من عقوبات دولية على إيران منذ عام 1979حتى الآن، والتي أتخذت بحقها سلسلة كبيرة أتسعت لتضاف إليها عقوبات من مجلس الأمن في عام 2000 في سعي من المجتمع الدولي لتجميد برنامج إيران النووي السلمي الموجود تحت إشراف الوكالات المختصة، والذي توقف المجتمع الدولي فيه أمام مؤتمر جنيف النووي في 2013 بين إيران والسداسية الدولية في أولى محطات الضوء التي أتخذت مساراً طويلاً متجاذباً رافقته ارتباطات شدد فيها المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة العقوبات والحصار على الشعب الإيراني، والذي لم يمنع استمرار إيران نحو التطور وإيجاد آلية لرفع هذه العقوبات عن إيران لتكون أحد أبرز النقاط الحاضرة في المفاوضات الدولية مع إيران إن كانت بالشكل الجماعي من قبل المجتمع الدولي او بالشكل الفردي من قبل الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية من خارج سياق احترام العلاقات الدولية وفي سياق يتم بمعايير مزدوجة من قبل هذا المجتمع الدولي الذي يكف نظره عن الكيان «الاسرائيلي» الذي يمتلك ترسانة نووية حربية هائلة، لكن بعد مفاوضات شاقة استمرت 12 عاما ًظهرت فيها إيران كمارد خرج من قيود كبلته لسنوات بعد الاتفاق النووي مع السداسية الدولية في 14 تموز الجاري والذي أدارته إيران اعتماداً على عدد من عناصر القوة يُدرك اهميتها الاميركيون جيداً من ناحية، ومن ناحية أخرى تُستثمر في اللعبة السياسية الداخلية الأميركية كنصر للديمقراطيين الذين يحاولون إبراز خيارات خصمهم السياسي الخاطئة والشريكة للكيان «الاسرائيلي» المعارض اللدود للاتفاق النووي الذي سيمتد إلى رفع الحظر الاقتصادي عن إيران لتكون واحدة من الدول التي تثير شهية حركة الاستثمار العالمي لكونها تمتلك البنى التحتية الملائمة للاستثمار والسوق القابلة والمنفتحة والتي تحدث عنها أول من أمس مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وعن أهمية رفع الحظر الاقتصادي عن إيران كما كان تحدث رئيس مكتب رئيس الجمهورية الإيرانية محمد نهونديان في 23 الجاري بأن ّ»الأزمة المصطنعة بشأن البرنامج النووي كانت عقبة أمام الدول الغربية للاستفادة من الطاقات والامكانات الاقتصادية الهائلة لإيران وهو ما يجعل إيران في تعافٍ اقتصادي يرفع حجم تجارتها مع الدول المجاورة لها ودخولها إلى السوق العالمية كمصّدر للنفط الخام والتطور التكنولوجي والصناعات الحديثة التي ستنعكس على عملتها واقتصادها في شكل عام ويزيدها قوة، فالتعافي الاقتصادي والأرصدة المتواجدة في البنوك الاميركية والأوروبية منذ حكم الشاه هو ما سيكون له تأثيره القوي على المجتمع الإيراني ويرمي بنتائج إيجابية مرتقبة على السوق العالمية في حالة من المصالحة تُعيد إيران إلى نوافذ الانفتاح على السوق الأوروبي ةوالأفريقية والتغلغل فيها إلى حد كبير كما تجربتها في السودان، مما يجعل نهاية21 شهراً من المفاوضات إيران وحلفاءها في موقع الانتصار كما اشارت صحيفة «ديلي بيست» في 14 تموز الجاري بأنّ حلفاء إيران يرون في اتفاقها زيادة من الجهود الإيرانية لدعم استقرار المنطقة وهو ما ستترتب عليه انعكاسات مرتقبة في زيادة النفوذ الإقليمي والقدرة العسكرية عقب رفع العقوبات الاقتصادية كما ذكرت مجلة «بوليتكو» في 17 تموز الجاري لتكون المرتقبات أكبر على الصعيد الاقليمي والدولي الذي يساهم في استقرار المنطقة على نواحٍ متنوعة، فإيران تنتقل من القوي إلى الأقوى .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى