إيران تحجز مقعدها النووي بجدارة بين الكبار

جمال رابعة

أطلّ الرئيس الأميركي باراك أوباما عبر وسائل الإعلام يوم الثلاثاء 14/7/2015، لمناسبة إنجاز الاتفاق النووي في فيينا ليقول: «إيران كانت نداً ذكياً للولايات المتحدة الأميركية وسنكون دائماً منفتحين على الشعب الإيراني على رغم الخلافات في الماضي».

هذا الحق والاعتراف من السداسية الدولية لم يأتيا منّةً ولا كرم أخلاق من هؤلاء، بعد مفاوضات دامت حوالى ثلاث عشرة سنة خاضت الدبلوماسية الإيرانية خلالها معارك سياسية كبيرة، وحققت نصراً كبيراً بإنجاز الاتفاق.

وأهمّ ما تميّزت به سياسة عضّ الأصابع، الصبر الاستراتيجي لجهة المحافظة على حق الشعب الإيراني باستخدام واستثمار الطاقة النووية السلمية، بعد أن كان الغرب الأطلسي بقيادة الإدارة الأميركية يرفض أيّ اتفاق يحقق لإيران وللشعب الايراني اكتفاءً ذاتياً من الطاقة النووية، فلا هم كانوا موافقين على أن تخصّب إيران اليورانيوم على أرضها ولا امتلاكها لأجهزة الطرد المركزي.

وفي السياق ذاته، وعلى هامش المفاوضات وعند خروج أحد أعضاء الوفد الإيراني إلى الشارع استوقفه أحد أعضاء الوفود المتعاطفة مع إيران بالقول: «أنتم فريق جيد ووصلتم إلى ما تطلبون، لكن من يجب أن تقدّم له التهنئة هو قيادتكم التي وضعت خطوط حمراء سمحت لكم بالوصول إلى اتفاق أفضل بكثير مما كان ممكناً».

وهذا في الحقيقة ما جاء على لسان الرئيس حسن روحاني في خطاب بعد التوقيع قال فيه: «سرّ نجاحنا في المفاوضات النووية يكمن في الاتحاد والإجماع الداخلي، والعمل بتوجيهات القيادة الرشيدة».

أما الآن، فالسؤال المهم الذي يطرح نفسه هو: ما تداعيات الاتفاق النووي على إيران بشكل خاص ومنطقة الشرق الأوسط عموماً؟

إنّ ما حمله الاتفاق من جملة الآثار المعنوية للشعب الإيراني له أبعاد رمزية وطنية رفيعة وعالية مختزنة بذهنية الشعب الإيراني بعد كسر طوق العزلة عن دولتهم ممن ناصبهم العداء والكراهية والوقوف في وجه تطلعاتهم في الحرية والتنمية.

وهذا ما يمهّد لمشاركة حقيقية وفاعلة وحاجة ملحة من قبل المجتمع الدولي كي تقوم إيران بدور كبير في الحرب على الإرهاب.

وبرفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على إيران، سيشهد الاقتصاد الإيراني قفزة كبيرة وارتفاعاً في معدّلات النمو الاقتصادي بعد عودة المليارات المحجوزة وانطلاق قطاع النفط وصناعة البتروكيماويات وإلغاء القيود على المصرف المركزي الإيراني، وهذا ما شهدناه من تسابق رجال السياسة الغربيّين إلى طهران للتباحث في مشاريع استثمارية داخل إيران.

في الاختتام يمكن القول إنّ إيران بعد الاتفاق استطاعت أن تقدّم نفسها كقوة كبيرة واستراتيجية، وتقول للعالم إنها استطاعت أن تتبوأ مكانة مرموقة في نادي الكبار وباعتراف السداسية الدولية في العالم، ومن المؤكد أنّ هذه القوة ستنعكس لمصلحة حلفائها في المنطقة في العراق وسورية ولبنان وقضية العرب والمسلمين الأولى فلسطين المحتلة.

وهذا ما تؤكده تصريحات مستشار قائد الثورة الإسلامية في إيران للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي خلال لقائه في طهران وزير الداخلية السوري، حيث تقرّر خلال الزيارة عقد اجتماع ثلاثي بين وزراء الداخلية للدول الثلاث إيران والعراق وسورية في القريب العاجل حول قضية محاربة الإرهاب، وهذا ما يتيح مخرجات تؤدّي إلى تغيير حقيقي وكبير في موازين القوى في العراق وسورية، في حين أنتج هذا الاتفاق في المقلب الآخر لدى الحلف المعادي حالة من التوتر والهيجان والهستيرية لآل سعود ومسؤولي الكيان الصهيوني، وهم حلفاء الماضي والحاضر… والمستقبل؟!

عضو مجلس الشعب السوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى