أردوغان… بين كوابيس وواقع صعب

فاديا مطر

منذ أن طرحت تركيا فكرة المناطق العازلة في سورية عام 2012 في مجلس الأمن الدولي بات الخيار يتأرجح بين تركيا والولايات المتحدة الداعمة للفكرة وقتها وبروز تناقض في الأهداف والاولويات بين الطرفين، فتكهنات وأسئلة كثيرة رافقت الحدث والقلق الأميركي يزداد ويتنامى مع الاشتباكات العسكرية المتواترة في الشمال السوري التي تحكمه المعطيات الميدانية والسياسية التي تشير إلى خلط الأوراق ليتبقى خيار المنطقة العازلة تمهيد استراتيجي يستهدف الدولة السورية أو أولويات أميركية تتوزع في مكان آخر.

فقد أوضح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء الماضي أنه «يكمن هدفنا في تهيئة القاعدة لإقامة منطقة عازلة، وفي المرحلة الأولى يتعين علينا تطهير المنطقة من «داعش» وبذلك ستتم إقامة البنية التحتية الضرورية للمنطقة الآمنة بعد أن كان كشف أردوغان من خلال المكالمة الهاتفية مع الرئيس الأميركي في 22 تموز الاجراءات التي اتخذتها أنقرة في موضوع المنطقة العازلة بعد أن كان صرح أمين عام حلف الناتو نيس ستولتنبرغ في 15 من هذا الشهر أن الحلف لا يشارك في الجهود التي تبذلها تركيا لإقامة منطقة «آمنة «على الحدود السورية التركية، فهذه بموضوعه الإستراتيجي يكمن في أن سيطرة الأكراد على تل أبيض جعلت الطريق مفتوحا ًبين كوباني والمناطق الكردية في أقصى الشمال السوري المفتوحة أصلاً على إقليم كردستان العراق مما جعل القلق التركي يتعاظم مع رؤية تركيا حدودها الجنوبية تأخذ ملامح على الأرض تشبه في طياتها ما جرى في إقليم كردستان العراق سابقاً وإحساسها العميق بأن حليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة يقف هذا المشروع وهو ما يترك قلقاً تركياً من أن الأدارة الأميركية تريد التورط التركي في المستنقع السوري بسبب تناقض أجندة الطرفين حيال قضايا عدة في الشرق الاوسط والدعم اللوجستي المكلف للفكرة والذي ربما سينتهي بإعادة النظر في مجمل السياسة التركية وربما بنهاية حقبة أردوغان فهو في شكله ومضمونه يجعل تركيا في محنة كبيرة تجد نفسها فيها خاسرة وتقع بين جحيم الصمود الكردي وجدل الخيارات الصعبة المتداعية سلباً عليها، خصوصاً بعد الانخراط في التحالف الدولي لمحاربة «داعش «وإثارة إشارات استفهام كبيرة حول الرفض التركي السابق رغم حجم تركيا إقليمياً وعسكرياً ودعمها اللوجستي والمخابراتي وحتى العسكري لتنظيم» داعش» الإرهابي الذي تتخذ منه تركيا بحسها الطائفي ذريعة تدفعها نحو حلم» منطقة عازلة» سورية مع غياب قرار أممي لهكذا قرار ووجود قوة عسكرية سورية تمنع وجود الفكرة أصلاً، بالإضافة الى الخوف الأميركي من مستنقع التورط السوري المباشر وكلفته الباهظة جداً من الناحية العسكرية والسياسية، وهو ما جعل أحلام «أردوغان» تنام على وسادة التخبط بين الواقع والوهم الذي يديره عقله العثماني السلطوي الذي يترنح بين كوابيس من الصعب تحقيقها .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى