يعالون أميراً لـ«جبهة النصرة» ودي ميستورا يبايع دمشق

سعد الله الخليل

بالرغم من أنّ التورّط «الإسرائيلي» في ما يجري في العالم العربي والمنطقة لم يكن خافياً على أيّ من المتابع لمجريات الأحداث، قبل أن يتطوّر التدخل وتشهد الأجواء السورية واللبنانية اختراقات لطائرات عدو، باتت عداوته مجرّد وجهة نظر قابلة للنقاش لدى العديد من منظري ثورات العرب، التي لم يبق من أسمائها وألوانها سوى دماء بريئة أريقت على امتداد الجغرافيا ودمار لبنية تحتية، يتطلب إعادة إعمارها ميزانيات وسنوات من العمل، والدخول في حروب بالسياسية لا تقلّ ضراوتها عن حروب الميدان.

على مدى السنوات الخمس من عمر الأزمة السورية يجاهد منظرو «الثورة» المزعومة في إخفاء العلاقة العضوية مع العدو «الإسرائيلي»، بالرغم من الظهور العلني لقيادات الصف الأول على القنوات العبرية مقدّمين الضمانات وولاء الطاعة و«حسن الجوار»، فيما تهافت على الأرض قادة الميدان لمساعدة مراسلي الوسائل الإعلامية العبرية على الأراضي السورية الخاضعة لسيطرتهم، معبّرين عن سعادتهم للقاء «صديق» حُرموا منه طوال عقود، كلّ هذا قبل أن تصبح مشافي تل أبيب ملاذاً لجرحى «الثورة السورية» لدوافع محض إنسانية، دفعت رئيس وزراء كيان العدو لزيارة المصابين في مشافي إخوانهم في الفكر والسلوك والانتماء، وكنوع من ردّ الجميل كان لا بدّ من أنّ يستهدف «الثوار» قواعد الدفاع الجوي السوري، لتسهيل مهمة الطائرات «الإسرائيلية» في دعم «الثورة والثوار» لنيل «حقوقهم».

منذ الغارة الأولى للطائرات «الإسرائيلية» على الأراضي السورية تسارعت تحليلات المعارضة السورية على إبعاد شبهة دعمها، بتبرير سلوك العدو بأهداف استراتيجية خاصة به، كوقف إمداد السلاح عن حزب الله عبر ريف دمشق، وإيعاد النفوذ الإيراني عن حدود الكيان، ولعلّ الغارتين المتزامنتين للعدو «الإسرائيلي» على الحدود اللبنانية السورية وفي القنيطرة تكشفان نقيض ما يروّج له أنصار العدو «الإسرائيلي» في صف «المعارضة السورية»، فالغارة على قرية حضر في ريف القنيطرة استهدفت 3 عناصر من اللجان الشعبية، فأي تهديد لتلك اللجان على أمن كيان العدو سوى محاربة أدواته، فيما استهدفت الغارة على الحدود اللبنانية السورية مركز تدريب تابعاً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة في قوسايا ودمّرت مستودع ذخيرة في الموقع الذي لعب دوراً بارزاً في معارك القلمون والزبداني، والتي شهدت تققهر «جبهة النصرة» والمجموعات الإرهابية، فما الرسالة التي أراد طيران العدو إيصالها للفصائل الفلسطينية باستهداف المقرّ؟ وأيّ فرق بين سلوك العدو وسلوك «النصرة» و«داعش» في مخيم اليرموك؟ ومن أعطى الأوامر بضرب المركز لمنح «النصرة» مزيداً من إمكانية الحركة في القلمون؟ ولو صدقت مزاعم تل أبيب بالتخوّف من الجماعات الإرهابية، لما ضربت من يحاربها وبذلك تسقط الغارة كلّ ذرائع العدو والمعارضة السورية بغياب التنسيق، والعمل في صفّ واحد لتشكل «جبهة النصرة» وغيرها من المجموعات خط الدفاع الأول لمصلحة العدو، تستحق من أمير «النصرة» الحقيقي موشيه يعالون إصدار قرار بضرب من يحارب جماعته.

كما على الأرض باتت الأمور مكشوفة، كذلك في السياسة، فقد وصلت الأطراف المراهنة على الحرب والعمل العسكري إلى نتيجة مفادها استحالة التقدّم في خياراتها، هذا ما أكده المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، واقترح إنشاء مجموعات عمل سورية – سورية لتفعيل بيان «جنيف 1» كقاعدة للحلّ السياسي للأزمة السورية، وهو ما دأبت الحكومة السورية السعي إلى تحقيقه سواء عبر لقاءات موسكو أو طهران من دون أن يلقى أيّ آذان صاغية لدى الرؤوس الحامية الساعية إلى تسعير الحرب في سورية، دي ميستورا الذي أكد ضرورة الالتزام بمكافحة الإرهاب كأولوية وفق قرارات الأمم المتحدة ينسجم أيضاً مع رؤية دمشق.

ما بدأ دي ميستورا بقوله أكمله مدمن القلق الأممي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بأنّ الأحداث التي تشهدها سورية أدّت إلى ظهور تنظيم «داعش»، على أمل أن يمتلك الجرأة يوماً لوضع الأمور في نصابها، ويكشف رعاة ذلك التنظيم الحقيقيين من ممالك ودول وإمارات.

بعد خمس سنوات عجاف من الحرب على سورية تعود كلّ الأطراف الساعية لإيجاد حلّ للأزمة السورية، وتلك التي أجّجت الحرب لتعترف بصحة الرؤية السورية لما يدبّر ضدّها، والتي أعلنتها دمشق منذ اليوم الأول مؤامرة «إسرائيلية» بأدوات محلية إقليمية عالمية.

سنوات من الحرب تنصّب موشيه يعالون أميراً لـ«جبهة النصرة»، فيما يرغم الصمود السوري بان كي مون وستيفان دي ميستورا على مبايعة دمشق لصدق رؤيتها لمجريات الأمور.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى