إلغاء التأشيرات إلى إيران

بدأت مفاعيل الاتفاق النووي الإيراني تلوح في أفق المنطقة، لكن هذه المرة على الطريقة الإيرانية. فعلى ما يبدو اتخذت إيران قراراً بفتح أبوابها وأجوائها على مصراعيها أمام كلّ المهتمين بالتواصل والتعاون، وربما بالدخول إليها، لعدة أسباب بينها الاقتصادي والثقافي والسياسي.

لكنّ حسابات إيران هذه المرة يبدو أنها جاءت مفاجئة أكثر مما كان متوقعاً، فهذا النظام الذي اتهم بالانغلاق والانعزال وظلم شعبه يبدو أنه يخطو خطواته الجريئة نحو الانفتاح المدروس. فمن اليوم بات ممكناً للزائر أوالسائح أو المستثمر التركي واللبناني والأذربيجاني والجورجي والبوليفي والمصري والسوري، دخول إيران من دون تأشيرات دخول، بناء على القواعد الجديدة لنظام التأشيرات، بحيث يستطيع مواطنو هذه الدول البقاء في إيران من دون تأشيرة لفترات متفاوتة، حسب الدولة تتراوح بين 15 يوماً و90 يوماً.

وتشير المعلومات إلى أنّ السلطات الإيرانية تدرس، في إطار البرنامج الحكومي لتطوير السياحة، إمكانية إدخال نظام «التأشيرة الحرة» لمواطني 60 دولة أخرى.

هذه الخطوة تؤكد للمتابعين للشأن الإيراني وللمهتمين بطبيعة سلوك هذا النظام الذي هو نظام إسلامي أولاً وأخيراً، أنّ السياسة الإيرانية الانفتاحية لم تكن تتعلق بهوية نظام أو جزع وخوف من انفلات الأمور فيه، إنما كانت قراراً مدروساً كان يقتضي بعدم الانفتاح الزائد على دول، ولو كانت صديقة، لأسباب تعرف إيران أنها تتعلق بأمنها القومي والداخلي، وخصوصاً أنها كانت مستهدفة بعدة خطوط، علمياً وتكنولوجياً وأمنياً وسياسياً، ليتبع ذلك الاستهداف حصار اقتصادي خانق.

تهدف إيران إلى الإعلان عن سياسة جديدة تبعث الاطمئنان في تلك الدول التي ستنضم أو تقبل هذا العرض الإيراني الذي لن تفوته لأسباب أولها الأسواق الإيرانية التي ستكون هدفاً واضحاً أمامها. أما بالقراءة السياسية، فإنّ الدول التي أعطتها إيران هذه الفرصة، تؤكد أنّ إيران ترسل رسالة إلى العالم عبرها وتفيد بأنها الدول التي تعتبرها إيران جزءاً من مستقبلها السياسي والاقتصادي، وبالتالي فإنّ العلاقات الطيبة والجيدة مع هذه الدول هي تأسيس لأرضية متينة لعلاقات تدوم أبعد من زمن وظرف.

إنّ تشجيع السياحة هو أحد أبرز المكتسبات، لكنّ الخطوة في كلّ الأحوال هي قرار سياسي بامتياز، ينقل إيران من حال الانعزال إلى حال الانفتاح، ويؤكد على شجاعة إيران وثقتها بنفسها وبأمنها وبقدرتها على إدارة الأمور وبأبسط الأحوال تبعث إيران رسالة إلى دول الجوار «نحن بأفضل حال».

تبقى العين «الإسرائيلية» هي العين الأكثر تأثراً بغبار سيمحو عنها لوقت غير قليل القدرة على الشعور بالراحة والأمان، فالاستثمارات التي كانت تتوجه نحو «إسرائيل» والسياحة والتجارة وغيرها، ستجد في إيران الدولة الأكثر جاذبية اليوم، وسيكتشف العالم زيف النظريات «الإسرائيلية» من خلال ما سيكتشفونه في الأراضي الإيرانية من تطور وحضارة وقانون.

تسابق إيران كلّ محاولات العرقلة والتصويب على الاتفاق التاريخي مع الغرب، وها هي تعلن الخطوة الشجاعة تلو الخطوة مؤسسة لأرضية مغرية أمام الدول التي تعرف أنّ بناء أرضية شعب وثقافة وتجارة معها ستكون أقصر الطرق لاستمالتها سياسياً واستخبارياً وأمنياً نحو مخططات طويلة المدى. إنها إيران التي تعرف جيداً من أين تؤكل الكتف.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى