التفاف شعبي حول الجيش وأصوات تطالب بإبعاده عن السياسية: الامبريالية تمنع تسليحه

 

هتاف دهّام

عادت إلى الواجهة في عيد الجيش العلاقة بين المؤسسة العسكرية والسياسة، في ضوء التطورات الأمنية الخطيرة التي تدور من حولنا، وتصدي الجيش لتداعياتها على الداخل اللبناني. وإذا كانت بعض القوى السياسية التي تؤكد على دور الجيش تسعى إلى زجه في المعركة السياسية الحاصلة في البلد، فإنّ الشعب اللبناني ينظر إلى هذه المحاولات من زاوية إضعاف الجيش وفرض قيود على حركته بإيعاز من بعض التيارات السياسية المرتبطة ببعض العواصم الإقليمية. تجرأ بعض المواطنين ومن دون خوف من النافذين السياسيين ربما لأنهم ليسوا أتباعاً لأحد من زعماء الطوائف، على إبداء رأيهم بالجيش وبالطبقة السياسية وببعض الدول الخليجية التي تريد أن تجعل من لبنان مستعمرة تابعة لها، في حين أن البعض الآخر من الذين التقتهم «البناء»، رفض التقاط صورة له أو التعريف عن نفسه، على رغم محبتهم وثقتهم بالمؤسسة العسكرية، وتمنوا علينا استعمال الاسم الوهمي على غرار عمر الخليل الاسم الوهمي ابن الجنوب، ورينيه نصار الاسم الوهمي ابنة الأشرفية، خوفاً على مصالح أقربائهما في الدول الخليجية وخوفاً من التعرّض لهم في لبنان من بعض النافذين، فالوضع الأمني المتفلت بات يقلق الجميع.

«يجلس المحامي كسبار ديردريان في أحد مقاهي الحمرا يقرأ إحدى الصحف، نقاطعه لنسأله عن المطلوب من الجيش، فيقول: «لولا الجيش ما في لبنان». فهو يقوم بواجباته في شكل كامل غير أنّ السياسيين لا يساعدونه، يأسف كون بعض اللبنانيين يجاهر انه ضدّ الجيش، فهل يجوز في بلد مثل لبنان أن يطلق مواطن رصاصة على عنصر من عناصر الجيش وتغطيه بعض الجهات السياسية والرسمية. التعرّض للجيش يقول كسبار يصبّ في خدمة السعودية والغرب، الرياض ضدّ لبنان في المطلق، وتنظر إليه كمستعمرة، والامبريالية الصهيونية والأميركية والسعودية تمنع تسليح الجيش، وفرنسا تلعب دوراً ش فهي تضع أكثر من عشرين شرطاً لتسليح الجيش وذلك حفاظاً على أمن «إسرائيل». يرفض ديردريان التفكير بانقسام الجيش، بالنسبة إليه انقسام الجيش انهيار للبنان الدولة والمواطن، فالجيش هو الذي يحافظ على لبنان ووحدته ووحدة شعبه.

ويؤكد الملحن والمنتج الموسيقي ميشال الفتريادس ضرورة ألا تأتمر المؤسسة العسكرية بقرارات السياسيين وأن تكون قراراتها مستقلة. وينظر المنتج الموسيقي إلى الهبات العسكرية بأنها دون المستوى المطلوب على رغم أن الجيش أعلن مراراً أنه بحاجة إلى مساعدات في العتاد والعتيد وتدريب العناصر والسلاح والآليات، وإذ يشدد على أنّ من يحب الجيش عليه فصل الخلافات السياسية عن مصلحة الجيش يشير الفترياديس إلى غموض يلفّ الهبة العسكرية السعودية، ويتساءل عن رفض الحكومة بعض الهبات غير المشروطة. ويأسف الفترياديس للجريمة التي ارتكبت بحق الشهيد المقدم ربيع كحيل لكنه يضعها في خانة الفلتان الأمني الذي تتحمّل مسؤوليته الدولة التي أصدرت قوانين العفو بحق مجرمين قتلة.

ويشدّد مسؤول مجموعة أصدقاء فوج المغاوير وليد مارك على أن المطلوب من الجيش أن يكون صارماً أكثر وأن لا يرحم بتاتاً كلّ مخلّ بأمن الوطن مهما كان انتماؤه، وسواء كان لبنانياً أو أجنبياً، وأن يحاكم المخلون محاكمة عسكرية بامتياز، وأن يرفض كلّ التدخلات السياسية أو الحزبية وحتى الدولية، وأن تعطى لأجهزته المخابراتية والأمنية الصلاحيات الكاملة والأوامر الصارمة لتنفيذ جميع المهمات.

إن تطوير الجيش في نظر وليد يكون بتسليحه بأسلحة متطورة وجيدة الاستعمال، وتجهيزه وتدريع كافة الألوية والأفواج المقاتلة للحفاظ على سلامة الجنود وصولاً إلى المقاتلات والبوارج والغواصات والدبابات ذات التقنية العالية التطور.

لا مانع من قبول الهبات من البلدان المتطورة، إنما هبات الشحادة متل الباصات والدواليب والشاحنات والألبسة والأحذية وغيرها من العتاد المصدّي من دون قطع غيار، فعلى الجيش كما يقول مارك أن يرفضها رفضاً قاطعاً. ويشدّد على أنّ الجيش اللبناني الوحيد الذي ما زال صادقاً لقسمه حفاظاً على العلم وذوداً عن الوطن وبكلمة والله العظيم ما زالت أعيننا تدمع برحيل الشهداء من حين إلى آخر، وهذا أكبر دليل بأنه بعيد عن الأطراف السياسية أو المذهبية أو الطائفية.

إن المدرسة الحربية هي مدرسة الشرف والتضحية والوفاء، ولا يوجد في قاموسها غير التضحية والعطاء، ولا صحة كما يقول ابن مغدوشة لكلّ ما يشاع بأنّ كلّ قائد للجيش عند وصوله للقيادة والذي هو مؤتمن على أمن الوطن وسيادته، يقوم بمراعاة لأطراف سياسية معينة للوصول إلى الكرسي الرئاسي .

أما السيدة رينيه نصار فتؤكد «أنّ أحداً من السياسيين من فريقي 8 و14 غير متحمّس لتطوير وتسليح الجيش، والهبات التي تقدّم للجيش لا يرى الجيش منها إلا كلاماً أو أسلحة مهترئة، فهناك حرب إقليمية تجري والسياسات تتصارع ولا شيء يلوح في المنطقة، وبات الجيش كبش محرقة في صراع محلي له امتدادات إقليمية وغربية. تتمنى نصار على الجيش أن لا يدخل في الزواريب السياسية التي يتعمّد الأفرقاء اللبنانيون عن قصد أن ينغمس فيها، خصوصاً أن آمالنا الوحيدة المتبقية هي على هذه المؤسسة التي مطلوب منها حماية الوطن وأن تكون حاضرة بقائدها وضباطها وعناصرها في شكل دائم على الحدود للتصدّي لأيّ اعتداء.

ويرى المخرج الإذاعي غسان خوري أن كلّ نقطة دم تراق من جندي لبناني «بتسوى رقبة سياسيّي الصفقات وزعماء الطوائف. الجيش هو الوحيد الذي يعمل من أجل لبنان». يصلي غسان الذي يزيّن مكتبه بصور مغاوير الجيش، إلى الله كي يحمي الجيش وينصره. ويقول: «المؤسسة العسكرية في حاجة إلى دعم معنوي قبل المادي، يجب أن نكون جميعاً كلبنانيين إلى جانبها بعيداً عن الحسابات الطائفية، وعلى الحكومة اللبنانية أن تفصل بين الخلافات السياسية الموجودة داخل مكونات الحكومة وبين مصلحة الجيش وتقبل تسليح الجيش من الدول التي قدمت وتقدم الهبات غير المشروطة وأن تضع حداً للتهجم الإعلامي والسياسي من بعض النواب على المؤسسة العسكرية».

بحزم يؤكد ابن الدامور أنه إلى جانب الجيش ومعه حتى آخر رمق، وأن لا مشكلة لديه في الانخراط في هذه المؤسسة اليوم قبل الغد، لا بل على العكس يتمنى ذلك، فالقتال في صفوف المؤسسة العسكرية ضد الإرهابيين وسام شرف.

ويطلب صاحب أحد المحال التجارية في بيروت عمر الخليل من الجيش أن يكون يداً واحدة وأن يكون الشعب إلى جانبه بعيداً عن الحسابات الطائفية. ويرى أنّ تطوير الجيش يحتاج إلى دعم مادي غير متوافر، فالمال المتواجد في خزينة الدولة يتقاسمه زعماء الطوائف وتسرقه الطبقة السياسية الحاكمة. وأمام ذلك، يدعو الخليل الجيش إلى السيطرة على البلد، ورمي السارقين والنافذين وأصحاب الصفقات خارج السلطة، وأن يكون الحكم عسكرياً ويتسلم كلّ شؤون الدولة، لا سيما ما يتعلق بالمال العام، وعندها يمكنه أن يطوّر نفسه، قبل أن نطلب مساعدات من الخارج، قد تكون وفق أهواء ومصالح الدولة صاحبة الهبة. يرفض عمر أي هبة أو مساعدة من السعودية فهي كما يقول بلد الإرهاب، والهبات التي قدمتها إلى لبنان كانت للتغطية على بعض الصفقات وعلى دعمها الإرهاب والإرهابيين في عرسال.

ويرى عاطف منصور أنّ الأمن والأمان لن يتحققا في لبنان إلا على يد الجيش، فهو الملاذ الأخير لنا في بلد المحسوبيات والصفقات والسرقات ولذلك يجب أن يقتصّ من كلّ القتلة الذين ارتكبوا الجرائم المروّعة بحق عناصره ويضرب بيد من حديد. نحن نرفع رأسنا بجيشنا عندما يقوم بواجبه، لكن عندما يفتح الباب أمام القادة السياسيين للتدخل في مهامه وواجباته يصبح مصدر شبهة. ويقول منصور: لو يوقف السياسيون السرقة بإمكاننا تمويل الجيش، ولكنهم، لن يكفوا عن السرقة ونهب مقدرات البلد، ولا يريدون للدول الصديقة أن تسلحه، ولا يقبلون الهبات إلا من السعودية والولايات المتحدة وفرنسا، تلك الدول التي تقدّم لنا مخلفات السلاح الفرنسي من الحربين العالميتين، وهذا يشير إلى تلاقٍ غربي وخليجي مع بعض القوى المحلية لإضعاف الجيش.

يطلب يوسف ضاهر من الجيش الحزم في قراراته وعدم مراجعة أحد من السياسيين ومحاسبة المجرمين الذين يرتكبون جرائم بحقه من دون الإصغاء لأيّ من القوى السياسية التي استوردت لنا المشاكل الإقليمية، وأن لا ينتظر الغطاء السياسي لمحاربة الإرهابيين في عرسال. يرى ضاهر ضرورة أن تكون المعلوماتية الموجودة لدى الأجهزة الأمنية في قبضة المؤسسة العسكرية وان تفرض على الحكومة قبول المساعدات غير المشروطة للجيش الذي يخوض معركة شرسة ضد الإرهابيين.

أما كريم فواز فيطلب من الجيش أن يقوم بانقلاب عسكري ويتسلم الحكم، فهو لا يرى حلاً للأزمات التي تفتك بنا إلا بتسلم الجيش مقاليد الحكم. وحتى ذلك الحين يدعو فواز القوى السياسية إلى أن تراجع حساباتها وتكفّ عن ضرب الجيش، ويدعو إلى الضغط الشعبي لقبول المساعدات العسكرية من روسيا والصين وإلى عدم وضع العراقيل في وجه الهبة الإيرانية والتذرّع بأنّ إيران تريد من الجيش أن يكون في صفها، فهذه التحليلات لا يقبلها عاقل، فالجميع بات يدرك من يريد من الدول الإقليمية والخليجية مساعدة لبنان، ومن يريد أن يبقى لبنان ضعيفاً، فهبة 3 مليارات دولار لا نعلم أين هي، وهبة المليار تقاسمها بعض المسؤولين والسياسيين والعسكريين، وضحكوا على الشعب اللبناني بعدد من صواريخ الميلان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى