سورية الصامدة المنتصرة هي من هزمت المؤامرات

هشام الهبيشان

على مدار أربع سنوات وأكثر وجدت سورية نفسها في خضم حرب عالمية في أشرس صورها، حرب معقدة مركبة للغاية أسقطت فيها كل المعايير الإنسانية، عشرات الآلاف من الإرهابيين العابرين للقارات، وملايين الأطنان من الأسلحة سلحوا بها ودمروا بها مدن وقرى سورية بكاملها وقتلوا أهلها وضربوا بها مقومات حياة المواطن السوري، وحاربوه حتى في لقمة عيشه اليومية، حرب معقدة قوامها الكذب والنفاق والمصالح الصهيو أميركية وليس لها أي علاقة بكل الشعارات المخادعة التي تتستر بها، ففي سورية تفاصيل المؤامرة جهزت على مراحل وحلقات وبمشاركة دول عربية وإقليمية، ومع كل هذا وذاك، فقد أثبتت سورية العربية المستقلة بشعبها وبجيشها وبدولتها الوطنية أنها قادرة على الصمود، وصمدت على رغم كل التحديات الداخلية والخارجية وها هي اليوم تقف شامخة على أهبة الانتصار.

فالمعركة لم تكن يوماً في سورية هي معركة مع مجموعات إرهابية عابرة للقارات بقدر ما هي معركة مع نظام جديد عالمي يرسم وينسج خيوط مؤامرته في سورية، ليعلن قيام النظام العالمي الجديد الذي تحكمه قوى الإمبريالية العالمية وتقوده الماسونية اليهودية الصهيونية بنسيجها اليهودي المسيحي المتطرف المسيحية المتصهينة ، فهذه المؤامرة تعكس حجم الأهداف والرهانات المتعلقة بكل ما يجري في سورية، وهي أهداف تتداخل فيها الحسابات الدولية مع الحسابات الإقليمية، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة إلى أقصى الحدود، إلا أن الجيش العربي السوري صمد وكسر بصموده كل الرهانات الشرقية والغربية الإقليمية والعربية، فالجيش العربي السوري حقق إنجازات كبيرة وهائلة في الميدان أذهلت العالم وغيّرت سياسات ورسمت معادلات جديدة لا يستطيع أحد القفز فوقها، والأهم من كل ذلك هو تلاحم الشعب والجيش والقيادة السياسية في معركة ضارية قادتها ومولتها ورعتها 90 دولة في العالم، غير أنّ لإرادة الشعب السوري المؤمن بقضيته والمتفهم لحقيقة وطبيعة المؤامرة أبعاداً وخلفيات أفشلت خطط الأعداء وأسقطت أهدافهم بالتضحيات الجسام.

فعندما نعود بالذاكرة إلى سنوات عجاف مضت، نلاحظ أنّ الهجمة الشرسة هذه والحرب الشعواء تلك، كانت تستهدف بشكل أساسي هدفاً رئيسياً هو «العقيدة البنائية والفكر الاستراتيجي للجيش العربي السوري وثوابت الدولة وأركانها الأخرى، من مبادئ وطنية وقومية جامعة، من شعب مقاوم زرع في فكره ووجدانه الحسّ الوطني والقومي، والأهمّ من ذلك هو نهج السلطة السياسية التي زرعت هذه الأفكار وأصبحت قاعدة لبناء سورية القوية، سورية عنوان المقاومة والقلب العروبي النابض، ومن هنا قررت القوى التآمرية أنه من دون تدمير وتمزيق سورية واستنزافها، فإنهم لن يصلوا إلى مبتغاهم وهدفهم الأعظم المأمول بتدمير محور المقاومة، وتنصيب «إسرائيل» سيداً للمنطقة العربية والإقليم ككلّ، وكلّ هذا سيتمّ بحسب مخططهم من خلال نشر آلوف الجماعات المسلحة على الأراضي السورية.

ومع كل هذه التضحيات الجسام التي قدمها السوريون، إلا أن معركة هذه القوى التآمرية على الدولة السورية لن تنتهي ما دامت أدواتها الإرهابية وأوراقها القذرة هذه موجودة على الأرض السورية، لذلك اليوم تؤمن الدولة السورية بأن حجم إنجازاتها على الأرض واستمرار معارك تطهير سورية من رجس الإرهاب، بالتوازي مع السير في مسيرة الإصلاح والتجديد للدولة السورية، مع الحفاظ على ثوابتها الوطنية والقومية، كل ذلك هو الرد الأفضل والأكثر تأثيراً اليوم على قوى التآمر، فدول التآمر على الدولة السورية ومع زيادة حجم الخسائر التي تتلقاها بسورية بدأت تقر تدريجياً بحقيقة فشل مشروعها على الأرض السورية.

ختاماً، يمكن القول إنه بعد مرور هذه السنوات الأربع المريرة على الدولة السورية بكل أركانها وما جلبتها للدولة السورية من جراح عميقة ودروس تاريخية مريرة، إلا أن الدولة السورية اليوم بكل أركانها يتضح أنها بدأت تتعافى من هذه الجراح، وبدأت من جديد مرحلة النهوض الأقوى والذي سيبنى على نهوضها هذا، الكثير من المتغيرات التي لن يكون أولها ولا آخرها سقوط العديد من الأنظمة الوظيفية الطارئة على هذه المنطقة.

كاتب وناشط سياسي الأردن

hesham.awamleh yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى