مارديني لـ«البناء»: المطرب النجم يجذب الجمهور إلى المسلسل… والشارة القوية لا تشفع للعمل الضعيف

آمنة ملحم

لم يعد دور الدراما السورية مقتصراً اليوم على تقديم فنّانين جدد على الساحة الدرامية كلّ سنة، بعضهم ذاع صيتهم في العالم العربي ككل. إنما يمتد إلى عالم الغناء عبر شارات صارت تلقى رواجاً كبيراً في عالم الموسيقى والغناء، وتحصد جمهوراً وضجة إعلامية، حتى قبل ولادة العمل الدراميّ على الشاشة .

بعدما كانت أغاني الشارات توزّع بطريقة درامية لا يمكن غناؤها منفردةً لتبقى ملتصقة بالمسلسل الذي صنعت خصيصاً لأجله، ها نحن نقف اليوم أمام انطلاقات جديدة في عوالم تلك الشارات، لنرى مؤدّي الأغنية يشعّ بتلك الشارة الغنائية التي أضحت تستقطب نجوم غناء عرباً، لا سوريين فقط .

يطالعنا هاهنا عتب الملحّن السوريّ صديق دمشقي على هذا الاتجاه، إذ يلفت لـ«البناء» إلى أنّ الشارة الغنائية صارت تستخدَم اليوم لجلب أسماء نجوم غناء، وإغرائهم بأرقام مالية عالية من أجل جذب المشاهِد إلى المسلسل. فلم يعد هناك اهتمام بكلام الأغنية، ومدى مقاربته العمل الدرامي. فتأخذ الشارة طابع الأغنية لا طابع المسلسل، وهذا ما لا يعجبه كموسيقيّ .

وأوضح دمشقي أنّ الشارة، من المفروض أن تكون «حدّوتة» مصغّرة عن أحداث المسلسل. «لكننا صرنا نراها عبارة عن أغنية مصمّمة خصيصاً للمطرب النجم كي يوضع اسمه في العمل».

ويؤكد دمشقي أن الموسيقار عمار الشريعي أذكى من استخدم الشارة الغنائية، ولم يستخدم نجماً، إنما صنع نجوماً من خلال شاراته .

أما عن تفاصيل اختيار نمط الشارة في الأعمال الدرامية، فيقول الموسيقيّ فادي مارديني لـ«البناء» إنّ الموسيقيّ ومخرج العمل يختاران معاً نمط الشارة، سواء كانت موسيقى فقط، أم تتضمّن غناءً. ويتدخل المنتج أحياناً ـ إيجابياً أو سلبياً ـ بحسب احترامه الفنّ وثقافته أو العكس. وفي حال اعتماد شارة غنائية، تجري الرياح بحسب نمط المسلسل.

وأشار مارديني إلى أنّ جزءاً كبيراً من الجمهور صار اليوم قادراً على التمييز بين الشارة الغنائية المصنوعة بطبيعة كلماتها وألحانها وتوزيعها على أساس دراميّ بحت، وبين الشارة التي تشبه بتركيبتها الأغاني التي تسمَع عادة في الإذاعات، وتلك الشارات غير الدرامية.

ويلفت مارديني الذي يعدّ من صنّاع النوع الأقرب إلى الأغاني التي يمكن أن تذاع منفردةً بعيداً عن مسلسلها، إلى أنّ هذا النمط هو الأصعب، وذلك لعدم وجود صنّاع أغانٍ محترفين في سورية، كما في لبنان ومصر. وتكاليف صنع أغنية، أكبر بكثير من تكاليف صنع شارة درامية بحتة، عدا عن الانتهاء بأغنية جميلة حقاً أو العكس .

أمّا عن التوجّه نحو اختيار المطرب النجم، فيؤكد مارديني أن سورية مليئة بالأصوات الهامة، لكنّ إمكانيات منتج العمل والموازنة المخصّصة للشارة، تحكم في اختيار مطرب دون سواه.

وفي معرض حديثه عن مدى إمكانية الاستفادة من الشارة لدعم المسلسل، يذكر مارديني أنها قصة تدريجية تبدأ من كلمات الشارة ومدى ملامستها العمل وحكايته. ثمّ يأتي اللحن وتناغمه مع الكلمات وأذن المستمع، لتأتي المرحلة الأكثر تكلفة والمتمثلة في التوزيع الموسيقي الذي يعتمد أكثر من نقطة، وتبدأ بملاءمته نمط العمل أولاً، وأهمية الموزع ثانياً، والأهم من ذلك الموازنة المخصّصة للتوزيع من آلات واستدويوات، لنحصل على أفضل «كواليتي».

وبعد كل ذلك، إن وقع الاختيار على مطرب نجم ومحبوب ليضع صوته على الأغنية، شرط انسجامها مع صوته وإحساسه، فبكل تأكيد ستكون النتيجة أفضل للمسلسل كدعاية له قبل العرض. لأنه، ومع انطلاق العمل، تبدأ مرحلة نجاحه بأبطاله ومخرجه ونصّه وحبكته الدرامية، ليصبح دور الشارة الطبيعي أن تكون مرافقة لعرض مشاهد الشارة وصوَرها، والأسماء، ولتكون بمثابة الترحيب بالمُشاهِد قبل بداية كلّ حلقة.

هنا، يأتي دور الموسيقى التصويرية. فإن كان صانعها مؤلف الشارة نفسه، تكون النتيجة أفضل كي يحسن استخدام اللحن الذي أحبه الناس وسمعوه وحفظوه من الشارة، ويستعمله كموسيقى بتوزيعات مختلفة داخل الحلقة، إضافة إلى ألحان أخرى تخدم حالة المسلسل، وتساعد في إيصال إحساس الممثل وحركة الكاميرا وأفكار المخرج.

ويعود مارديني لينفي قدرة شارة العمل على صنع نجاح له في حال كان العمل ضعيفاً درامياً ويقول: حتى إن صادف وجود شارة جميلة يغنّيها نجم، فلن يشفع الأمر للمسلسل لدى الجمهور. ليبقى عملاً ساذجاً بنظره. وهنا تصبح الشارة أغنية جديدة للنجم الذي غنّاها، ويبقى صداها يتردّد عبر الإذاعات وشبكة الإنترنت. وهنا يُعدّ المستفيد الأول هو المطرب. أما إذا كان المسلسل جيداً والشارة جميلة، فسيبقى اسمه مرتبطاً بالأغنية كلّما أذيعت، وسيتذكره الجمهور ويردّد صدى نجاحه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى