من كتاب «الإعلام الصهيوني… والإعلام المتصهين»… للدكتور سمير صارم / «العربية» و«الجزيرة» توأما الإعلام المعادي (5)

 

في هذا العدد نعرض الحلقة الأخيرة من كتاب الدكتور سمير صارم الإعلام الصهيوني والإعلام المتصهين، وقد تضمنّت هذه الحلقة عرضاً عن ظروف تأسيس محطة «العربية» السعودية وطبيعة المهمة الموكلة إليها، إضافةً إلى الدور المتصهين الذي لعبته في تغطية العدوان الكوني على سورية إضافةً إلى شهادات بحق «العربية» تظهر حقيقة هذه المحطة وخطرها.

قناة «العربية» المتصهينة

قناة «العربية» هي قناة فضائية إخبارية سعودية وجزء من شبكة إعلامية سعودية كانت تبثّ من الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي بمصر والآن تبثّ من مدينة دبي للإعلام بالإمارات العربية المتحدة، وتهتم هذه القناة بالأخبار السياسية والرياضية والاقتصادية مع تركيز على المشروع السعودي والترويج له سياسياً واجتماعياً واقتصادياً على رغم أن غالب مذيعي القناة والعاملين على كتابة أخبارها ليسوا سعوديين… بدأت البث في 3 آذار 2003.

تأسّست القناة من قبل مركز تلفزيون الشرق الأوسط MBC ، مجموعة الحريري، ومستثمرين من دول عربية أخرى عدة… لكن تسريبات ويكيليكس كشفت أن محطة العربية ومجموعة «إم بي سي» عائدة لنسيب الملك فهد وليد الإبراهيم وأن 50 في المئة من أرباح القناة هي من نصيب الأمير عبد العزيز بن فهد ابن الملك السعودي الراحل وأن الأمير ممن يقفون خلف التوجّه السياسي والفكري للقناة.

تولى إدارة القناة حين إنشائها وزير الإعلام الأردني السابق صالح القلاب، حيث بدأت تغطية الحرب على العراق ثم تولى الإدارة الإعلامي السعودي تركي الدخيل وذلك بعد مرور عام على تأسيس القناة. ثم الإعلامي السعودي عبد الرحمن الراشد الذي تم تعيينه كمدير للقناة أوائل عام 2004 وجاء كما تبين الوقائع لتنفيذ الرؤية «الإسرائيلية» للصراع العربي ـ الفلسطيني.

وقد تماهت القناة كثيراً مع السياسة «الإسرائيلية» والأميركية في المنطقة، وخصوصاً في ما يخصّ حزب الله والمقاومة الفلسطينية وغزو العراق.

اعتنقت «العربية» قائمة من التعبيرات مختلفة عن تلك التي تستخدمها وسائل الإعلام العربية فيما يخصّ الصراع العربي ـ «الإسرائيلي» أو ما تبعها من غزو أميركي للعراق. فالعربية التي أدارها بداية وزير الإعلام الأردني الأسبق صالح القلاب أطلقت على من يقتلهم جنود الاحتلال «الإسرائيلي» من الفلسطينيين «القتلى» تبعه في ذلك عبد الرحمن الراشد يبرر هذه النقطة قائلاً إن القضية معقدة أكثر مما تبدو، فالمحطة ليست وظيفتها منح الناس الشهادة فذلك حقّ رباني، و»عندما يقتل إرهابي بريئاً أو مجاهداً سواء في السعودية أو مصر أو اليمن أو المغرب أو غيرها، نقول إنه قتيل، فلماذا نسميه في لبنان أو فلسطين شهيداً؟».

وقناة «العربية» وجريدة «الشرق الأوسط» وغيرهنا يأتيا كجزء من «الإمبراطورية الإعلامية» السعودية، لمحاولة تحسين صورة المملكة أمام العالم ودعم سياساتها المؤيدة لـ»إسرائيل» والولايات المتحدة في المنطقة.

الراشد يصهين «العربية»

شنّ خبير إعلامي سعودي حملة عنيفة ضد «الخطاب المتصهين» الذي تقدمه قناة العربية الإخبارية في ظل رئاسة الإعلامي السعودي «عبد الرحمن الراشد»، وذلك في أعقاب الجدل الذي صاحب قرار عزل الراشد من قناة «العربية» والاستغناء عن كتاباته في صحيفة «الشرق الأوسط» ثم صدور قرارات أخرى غامضة بعودته إلى الصحيفة وإلى القناة خلال أقل من أسبوع، وهو ما عزته صحيفة «يديعوت أحرونوت» «الإسرائيلية» إلى ضغوط أميركية وغضب شديد أبدته إدارة الرئيس أوباما من قرار إبعاد الراشد الذي اعتبرت أن المستهدف هو إبعاد الأصوات المؤيدة للتعاون مع الولايات المتحدة في حربها على «الإرهاب»، وقال أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الرياض الدكتور أحمد بن راشد بن سعيد في حوار نشرته صحيفة «المصريون» أن رسالة قناة «العربية» الأساسية هي التصدي لخطاب المقاومة وصناعة تغطية إعلامية عربية على السلوك العدواني الأميركي و«الإسرائيلي» ضد العالم الإسلامي ومصالحه، مضيفاً في حواره: «فلسفة عبد الرحمن الراشد ورؤيته، إنه يزدري المقاومة أصلاً ولا يؤمن بها، ويريد منا جميعاً الدخول في بيت الطاعة «الإسرائيلي»… لا يرى الراشد في حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين وغيرها إلا الشر المحض، كما يؤكد «بن راشد» في حواره أن الخطاب السوداوي الذي تقدمه قناة العربية عن الحالة العربية مقصود بها تقديم الذرائع للتدخلات الأجنبية في صياغة البنية الاجتماعية والتربوية والثقافية ودائماً يبرر العدوان العسكري على المنطقة»، كما وصف القناة بالديماغوجية الإعلامية في تعاملها مع الأحداث المتباينة وبخاصة ما يتعلق بتقاطعات الأزمات بين العالم الإسلامي والكيان الصهيوني أو السياسة الأميركية، وبعدها التام عن الحيادية والمنطق وأبسط مبادئ الإعلام المسؤول، ودلل على كلامه بنماذج كثيرة من تحليل خطاب القناة وتعبيراتها المتحاملة للغاية على أي سلوك عربي أو فلسطيني أو إسلامي في المقابل يتسم خطابها بالتبرير والتواطؤ مع الرؤية الأميركية و«الإسرائيلية» حتى في استخدام المصطلحات المعبرة عن الوقائع، كما رصد الخبير الإعلامي السعودي تكرار تعمد عبد الرحمن الراشد رئيس قناة «العربية» إهانة أي مسؤول عربي أو إسلامي يقف موقفاً مدافعاً عن القضية الفلسطينية.

وفي ختام حواره قال الخبير الإعلامي السعودي: «أعتقد أن مشروع قناة العربية برمته يمثل اختباراً لقدرتنا على المقاومة والاحتجاج. لا بد أن يتنادى المثقفون الشرفاء الناطقون بالعربية لمواجهة هذا العبث والتطاول والنفاق الذي تنشره العربية على آفاقنا صباح مساء. وطالب بتشكيل جبهة شعبية ضد الإعلام المتصهين ورموزه وقادته ومموليه تتولى مقاطعة هذا الإعلام والتحذير منه والدعوة إلى عدم التعامل معه ورصد ما يبث فيه وتحليله وتعريته. كما طالب بتشكيل «محكمة جرائم حرب» فكرية/إعلامية تضع قوائم بأسماء الذين يثبت تخندقهم في صف العدو وتماهيهم مع أجنداته ومشاريعه، ومن ثم تحاكمهم وتصدر بحقهم الأحكام العادلة».

وفي سياق رصده للسياسة التحريرية لقناة «العربية» يقول: «لم يطلق الراشد وصف الإرهاب على أي عدوان أميركي أو «إسرائيلي» ضد المدنيين المسلمين أو العرب مهما كانت بشاعته بل وصف عمليات الأميركيين البشعة في أفغانستان والعراق والصومال وغيرها بأنها «مكافحة الإرهاب»»، ويضيف: «إن أبرز ما يؤكد وقوف القناة ضد مصالح الشعوب العربية وقيمها وثقافتها هو تماهيها مع الخطاب الصهيوني، فلم تسقط وصف الشهداء عن الضحايا الفلسطينيين فحسب، بل أسقطت صفة الاحتلال عن الجيش «الإسرائيلي»، وهي التي يعرف بها دولياً، وسمته الجيش «الإسرائيلي» أو القوات «الإسرائيلية» أو قوات الأمن ، وتمكن ملاحظة هذا في نشرات الأخبار أو الشريط الإخباري… ما يوحي بأن المعركة ليست بين جيش محتل وشعب واقع تحت الاحتلال، بل شأن أمني محلي تعالجه «إسرائيل» داخل حدود أراض تملكها وتخضع قانونياً لسيادتها. بل خطت القناة خطوة أبعد من ذلك، إذ أشارت إلى «إسرائيل» باسم القدس الغربية ، موضحة بذلك أن القدس عاصمة لـ«إسرائيل»، وهو ما لم تعترف به حتى الولايات المتحدة الأميركية.

من جانب آخر، دافعت صحيفة «يديعوت أحرونوت الإسرائيلية» عن الإعلامي السعودي عبد الرحمن الراشد بقوة واعتبرته ـ بحسب وصفها ـ رجل إعلام منتصب القامة، منفتحاً، ناجحاً، صاحب رؤية تجديدية، كما أشارت إلى أنه حصل لقناته على لقب «قناة العبرية» لتماهيها مع الخطاب الأميركي و«الإسرائيلي»، وأشارت الصحيفة إلى أن ضغوطاً أميركية عاجلة وغاضبة للغاية أوقفت قرار طرد عبد الرحمن الراشد خارج قناة «العربية» وأعادته من جديد، بعد أربعة أيام فقط من قرار إبعاده، وتم إخطاره بالتوقف عن «حزم أمتعته» ـ بحسب تعبير الصحيفة.

قناة «العربية» والدور المشبوه خلال العدوان على غزة

قناة العربية ومع أول قذيفة «إسرائيلية» على قطاع في حروبها على هذا القطاع لم تخجل من تسمية الشهداء والضحايا «بالقتلى» الأمر الذي رحبت به «إسرائيل» ومن شاهد كل القنوات العربية على الأقل الإخبارية منها لاحظ التسمية بالشهداء كالفضائية السورية والميادين والمنار والعالم وnbn وغيرها الأمر الذي فضح إدارة قناة «العربية» ووضع علامة استفهام كبيرة حول هذه القناة السعودية ودورها المشبوه، ومن يتابع النشرات الإخبارية لا بدّ أنه لاحظ التالي:

المراسل يوجه الطائرات بتحديد أماكن المقاتلين والصواريخ.

«المحللون السياسيون» الأعراب يدافعون عن حصار النظام المصري لغزة ومهاجمة إيران بشكلٍ غير عادي.

رسم مخطط كامل للأنفاق بالتعاون مع المخابرات المصرية ليتم ضربها بالطائرات «الإسرائيلية».

تكرار استضافة وزير خارجية مصر للدفاع عن نظامه ومهاجمة وتحميل المسؤولية للمقاومة وإيران!

تكرار كل ما ورد اسم سورية ويذكر بأن الجولان السوري محتل من «إسرائيل» والحدود السورية مع فلسطين المحتلة مغلقة أمام المقاومة، بل ويتم اتهام سورية بحماية «إسرائيل».

جميع المذيعين ينهون النشرة بابتسامة عريضة وقت القصف !

استضافة المعادين للمقاومة وسورية وإيران بكل نشرات الأخبار.

ولم نتحدث عن الصحافة الصهيونية المهللة بـ»العربية» ووزارة الخارجية «الإسرائيلية».

يتضح من كل هذا أن القناة السعودية «إسرائيلية» ناطقة بالعربية!

شهادة من داخل «العربية» بدورها المشبوه

في ما يلي مقتطفات من رسالة من الإعلامي الأردني مهند الخطيب إلى وزير الإعلام الأردني الأسبق صالح القلاب يوضح فيها أسباب استقالته من قناة «العربية»، ويكشف فيها خفايا القناة وعمالتها:

سيدي،

بدأت قناة العربية عملها متزامنة مع الغزو الأميركي للعراق. وعلى رغم كل ما قيل عن هذا التزامن، وما قيل في الجهة الأخرى بأن القناة إنما جاءت كردِّ فعلٍ تجاه مواقف قناة الجزيرة من السعودية والكويت وأميركا على وجه الخصوص، فإننا لم نجد لكل هذه الدعاوى ما يسندها من لدن توجهات وأفكار القائمين على القناة في ذلك الحين.

وبدأنا نلحظ مع تسلم الأستاذ عبدالرحمن الراشد مقاليد الأمور في القناة أن الأمور بدأت تسير سيراً سيئاً تجاه الوقوع في براثن التحيّز والبروباغندا.

دعايات وإعلانات مجانية عن مرشحين عراقيين مدعومين أميركياً… برامج خاصة في تشويه صورة المقاومة العربية في العراق وفلسطين بطرق استخباراتية لم يكن الكثير من المذيعين والمعدين يرضى بها، أو يفهم السبب الذي يدعو لها.

العالم العربي والإسلامي بكامله يُسمي قتلى فلسطين من الأبرياء شهداء، إلا قناتنا فتسميهم قتلى، وهي تساوي بين قتلى فلسطين وقتلى العدو.

أشرطة وصور تصل إلى القناة عن قتلى الجنود الأميركيين، وعن عمليات المقاومة العراقية، وعن الضحايا العراقيين الذي قُتِلوا بأيدٍ أميركية أو بأيدي وزارة الداخلية العراقية فيرفض الأستاذ عبدالرحمن الراشد نشرها، بدعاوى وحجج سخيفة، كان آخرها قوله: «إنَّ في هذا تقوية للتيار الإرهابي المتطرف»، فقلتُ له: نحن جهة إعلامية محايدة، شأننا أن ننقل الخبر بحيادية، وهذا التيار المتطرف، وإن كنت أختلف معك في وصفه بالتطرف، هو تيار موجود في الساحة شئنا أم أبينا، وأنا أوافقك أستاذ عبدالرحمن في عدم نقل الرسائل التحريضية الحاشدة، لكن وكما أننا ننقل عمليات الأميركان، فيجب أن ننقل عمليات المقاومة أيضاً على أقل تقدير، فهذا في صالح مصداقية القناة أمام جمهورها، وما يحصل من هجوم ضدنا مبعثه هذا الانحياز في النقل الذي نُتهم به!

القناة تسير وفق أجندة خفية. لم يعد لديَّ أدنى شك في ذلك. وبالمناسبة هذا الشك بات يقيناً لدى كثير من العاملين في القناة وليس فقط مهند الخطيب.

القناة اليوم تنطق باللسان الأميركي، ومن يضع خططها واستراتيجيتها هو الأستاذ عبدالرحمن الراشد فقط، وأما العاملون جميعاً من معدين ومقدمين وغيرهم فلا يستطيعون تمرير أي شيء من دون موافقته على ذلك!

زد على ذلك أن القناة بدأت تستوعب مذيعين معروفين بصلاتهم الاستخبارية المشبوهة، ولا أظنهم يخفون على سعادتك.

إن موضوع فلسطين وقضيتها هي قضية مركزية قومية في العالم العربي، ولا يجب اختزالها من خلال مشكلة شخصية للسيد عبدالرحمن مع حماس ولا يجب الزج بقضية مقدسة كقضية فلسطين في خضم خصومات إدارة القناة. كلنا نختلف مع حماس، لكننا نقف معها شعورياً كسلطة منتخبة، ونقف على الحياد إعلامياً. أما ما تفعله القناة فلا يوجد له أي مبرر سوى وجود أجندة خفية كما أسلفت. يغذي هذه الأجندة أن خصومها هم خصوم عبدالرحمن، فتتقاطع الخصومات هنا، والضحية «قناة العربية».

القناة باختصار شديد هي قناة موجهة، تتناوشها أكثر من سلطة، أميركا وتيار المؤيدين لتدخلاتها في الشأن العربي، السعودية والكويت، وسلطة عبدالرحمن الراشد «الشخصية».

لك أن تعجب من أننا لا نعرف حتى اليوم، من يُموِّل القناة؟ من يدفع رواتبنا؟ من يملك السلطة العليا على القناة؟

عني أنا، فلم أستطع الاستمرار في بيئة تسيرها إدارة ظل، يشعر في «ظلها» الواحد أنه مجرد دبوس صغير في قطعة قماش كبيرة منسوجة بعناية.

مهند الخطيب… وشهادة أخرى عن حقيقة «العربية»

نسجل في ما يلي شهادة للكاتب الدكتور أحمد بن راشد بن سعيد أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود في الرياض، عن قصة ارتباط قناة «العربية» بالمصالح الأميركية و«الإسرائيلية» من خلال رئيسه عبد الرحمن الراشد.

وبن سعيد شخصية أكاديمية وإعلامية بارزة في الجدال الثقافي والإعلامي السعودي، وهو صاحب خطاب نقدي جريء… متابع جيد للنفوذ الإعلامي الأميركي في الإعلام العربي بشكلٍ عام، والخليجي بشكلٍ خاص، وله دراسات عدة منشورة في هذا الجانب، بعضها أثار ضجة كبرى واهتماماً واسعاً، كما يتسم بن سعيّد بتألقه الأكاديمي وحصوله على جوائز إقليمية في دراسات الاتصال السياسي والهيمنة الثقافية والإعلام الجديد وله كتب عدة مثل «قوة» الوصف: «دراسة في لغة الاتصال السياسي ورموزه»، و»قولبة الآخر: قصة التشويه الحضاري والاغتيال الإعلامي للمسلم والعربي»، و»اللغة المتوحشة: مفردات الحرب الأميركية على الإرهاب»، و «حرب المعلومات: الدعاية الأميركية».

ونقتطف هذه الشهادة من حوار أجراه معه الإعلامي المصري أحمد سعد البحيري في صحيفة «المصريون» ونشر بتاريخ 22-09-2010.

وفي لاما يلي بعض ما جاء في الحوار عن قصة ارتباط قناة «العربية» بالمصالح الأميركية و«الإسرائيلية»:

– الراشد ظن أنه على كل شيء قدير، وأنه باستطاعته أن يصنع الرأي العام وفق رؤيته، ويفصل السياسات العربية على مقاسه، يروج للسياسات يعبث بكل شيء، من أجل عيون صناع السياسة الأميركية «الإسرائيلية»، أقبل من العربية والشرق الأوسط لكنه عاد بضغط أميركي.

والراشد يعادي إيران بالقدر الذي تهدد به المصالح الأميركية أو «الإسرائيلية»، الراشد يهاجم سورية والمقاومة الفلسطينية بضراوة، ويتهم حماس باستمرار بأنها مجرد أداة إيرانية وهو يعلم أنه يكذب، وهو منطق نتنياهو نفسه.

وجنود الاحتلال عند الراشد أصبحوا «شرطة»، والشرطة عادة يعملون في ظل دولة ذات سيادة على أرضها، والقدس مدينة محتلة حتى في لغة السياسة الأميركية الرسمية، وهؤلاء «الشرطة» مساكين «انتشروا» خوفاً من أن يقوم المصلون بمهاجمتهم، كما يوحي الخبر، وليس العكس.

ويضيف بن سعيد: «إنه فن صياغة الخبر الصهيوني كما تبدعه الخيالات الشيطانية لمحرري غرفة الأخبار في قناة «العربية». وفي الرابع من آب 2010 أذاعت «العربية» خبراً يقول: «شنت «إسرائيل» غارات على منطقة عبسان بغزة ما أسفر عن قتلى وجرحى فلسطينيين. وقد ساد التوتر المنطقة بعد غارات «إسرائيلية» مكثفة رداً على إطلاق صواريخ من القطاع». المسألة هنا بالطبع ليست «اعتداءات»، كما يحصل عندما يكون الطرف المهاجم عربياً، بل «غارات» و»عمليات»، والضحايا بالطبع ليسوا إلا «صرعى» لا أسماء لهم ولا كرامة. لكن «العربية» تذهب أبعد من ذلك فترسم مشهداً زائفاً أو ملفقاً عندما تصف العنف الصهيوني «بالتوتر»، موحية أن هذا التوتر مفهوم ومبرر لأن أهل غزة هم المعتدون في حقيقة الأمر، وهم الذين أطلقوا الصواريخ على الضحايا «الإسرائيليين». وقد تتبعت خلفيات القصة فوجدت أن المقاومة الفلسطينية في غزة لم تطلق في تلك الأيام أي صاروخ على الكيان «الإسرائيلي»، ولكن «العربية» كذبت من أجل عيون «إسرائيل». والحقيقة أن «العربية» تحرص دائماً على أن تضع «التبرير» في ثنايا أي خبر يتضمن عنفاً صهيونياً ضد الفلسطينيين.

في 25 شباط 2009 ساقت خبراً يقول: «غارة جوية «إسرائيلية» على أنفاق بعد إطلاق صاروخين فلسطينيين»، وفي اليوم التالي خبر آخر: «»إسرائيل» تقصف أنفاق غزة بعد هجمات صاروخية». وعندما يستشهد فتية فلسطينيون تحرص القناة عادة على عرض الرواية «الإسرائيلية» القاضية بأن الفتية كانوا أصلاً يعدون لهجوم صاروخي.

في آخر شهر نيسان 2008 ارتكبت «إسرائيل» مجزرة بشعة في بيت حانون بقطاع غزة فقتلت السيدة ميسر أبو معتق وأطفالها الأربعة، وانشغلت قناة «العربية» بالتحدث في نشراتها الإخبارية المتتابعة عن «المسؤولية» عن الجريمة، مشيرة إلى نفي «الجيش الإسرائيلي» مسؤوليته، ومتحدثة عن «تضارب الأنباء بشأن مسؤولية مقتل أم وأطفالها الأربعة في غزة»، وعن أن «حماس و»إسرائيل» تتبادلان الاتهامات». ويسأل المذيع السعودي محمد الطميحي ضيفاً عبر الأقمار الاصطناعية: كيف لنا أن نصدق رواية حماس؟ القناة أيضاً بثت خبراً في الثالث من أيلول 2010 يقول: «حماس وثلاثة عشر فصيلاً يعلنون تشكيل تحالف لشن هجمات على «إسرائيل».

وعندما اعتدت قوات اليونيفيل في جنوب لبنان على بعض المواطنين في بلدة خربة سلم في شهر تموز منتهكة حرمة منازلهم، وقام هؤلاء المواطنون بالدفاع عن أنفسهم، وقفت «العربية» مع اليونيفيل، واصفة ما قام به اللبنانيون «بالاعتداء»، وناشرة خبراً على صدر شاشتها يقول: «»إسرائيل» تحذر لبنان من العواقب إذا تكررت الحادثة»، من دون حتى وضع كلمة «العواقب» بين قوسي تنصيص. أما ترديد المصطلحات الصهيونية فهو أمر ذائع في لغة أخبار «العربية» كما يظهر مثلاً عندما تستخدم القناة اسم «حائط المبكى» للإشارة إلى حائط البراق.

إن مشكلة «العربية» أنها قناة مؤدلجة تقدم نفسها بوصفها قناة إخبارية، وهذا يمكن أن يكون أي شيء إلا الصحافة. إما أن تكون قناة إخبارية تحترم قواعد الممارسة الإعلامية القائمة على التوازن، وتنأى عن التلوين ولغة الدعاية، وإما أن تتحول إلى منبر للرأي تسجل من خلاله مواقفها وتصفي حساباتها مع من تشاء. أما ممارسة التلفيق والتهويش وإلباسه لباس العقلانية فهو أمر لا يمكن هضمه. خذ مثلاً حادثة وفاة مجدي البرغوثي، من حركة حماس، في سجن برام الله أثناء التعذيب على يد رجال أمن السلطة في أواخر شهر شباط 2008. روت «العربية» الخبر في شريطها كالتالي: «وفاة رجل دين من حماس في سجن برام الله»، بينما نشرت محطات أخرى الخبر بطريقة مختلفة: «وفاة الشيخ مجدي البرغوثي أثناء التحقيق في سجن برام الله». لاحظ استخدام «العربية» عبارة «رجل دين»، والرجل إمام وخطيب مسجد، ولاحظ إسقاط اسمه، وإسقاط الاسم تأطير دعائي يهدف إلى نزع الشخصنة وتحويل الإنسان إلى مجرد رقم من دون اعتبار ولا هوية.

ويؤكد بن سعيد:

هي فلسفة الراشد ورؤيته. إنه يزدري المقاومة أصلاً ولا يؤمن بها، ويريد منا جميعاً الدخول في بيت الطاعة الإسرائيلي. انظر مثلاً كيف تركز «العربية» على حوادث شاذة مثل قيام أب فلسطيني في حزيران 2008 بالتبرع بأعضاء ابنه الذي قتله الاحتلال «الإسرائيلي» لستة مرضى «إسرائيليين»، وكيف علقت القناة على ذلك بالقول إن هذا العمل قد يجمع الفلسطينيين و«الإسرائيليين» ويعزز ثقافة السلام.

إنه يهاجم كل قوى المقاومة والممانعة بما فيها بعض الفصائل الفلسطينية القومية واليسارية الرافضة للسير في ركب التسوية، لكن لأن الإسلاميين هم رأس الحربة في مشروع التصدي للعربدة «الإسرائيلية»، فإن الراشد يصب جام غضبه عليهم.

القناة تعيش مأزقاً وتتخبط في حيص بيص لأنها مؤدلجة حتى النخاع، ولا تستطيع التحرر من صورها النمطية وأحكامها المسبقة.

ويضيف بن سعيد عن تناول القناة للشأن الإيراني ويقول:

تلك مشكلة أخرى، فالاختلاف السياسي للقناة مع إيران دفعها إلى تشويه ما يجري داخل الساحة الإيرانية بشكل يدعو إلى القرف أحياناً، وليس له صلة البتة بأخلاقيات الصحافة. منذ تفجر الخلاف حول نتيجة الانتخابات قالت «العربية» إن «موسوي يعلن احتجاجه على المخالفات الواضحة في الانتخابات»، بينما قالت قنوات أخرى إن «موسوي يعلن احتجاجه على ما يقول إنها مخالفات واضحة..». في مطلع أيلول صرح الرئيس نجاد خلال زيارته قطر أن أي «هجوم إسرائيلي على إيران يعني محو الكيان الصهيوني من خريطة العالم»، فالتقطت «العربية» التصريح وحولته في شريطها الإخباري إلى: «الرئيس الإيراني يجدد التهديد بإزالة إسرائيل والدول التي تدعمها من الخريطة»، وهي كذبة حقيرة وصادمة، لم يقلها نجاد، ولا يمكن بالطبع أن يقولها.

والشهادة تطول لكننا نكتفي منها بهذا القدر الذي يؤكد عمالة الراشد ومن ورائه الحكام السعوديون… هذه الخيانات التي تترجمها العربية خبراً أو تعليقاً أو صورة.

تعريف بـ»الراشد»

عبد الرحمن الراشد ولد في 1956 هو إعلامي سعودي كان يشغل منصب المدير العام لقناة العربية منذ عام 2004 حتى استقالته منها يوم 22 تشرين 2014 وتعيينه عضواً في مجلس إدارة مجموعة MBC وهو يكتب في جريدة الشرق الأوسط التي سبق أن ترأس تحريرها قبل عمله في قناة «العربية». ويملك الراشد شركة ORTV للإنتاج الإعلامي.

الإعلام المتصهين والحرب الكونية على سورية

الحرب الإعلامية التي تشنها القنوات الفضائية والصحافة الورقية والالكترونية، للترويج لمؤامرة الحرب الكونية على سورية استهدفت في الأساس إسقاط النسق السوري وقيادته المقاومة وإلحاقه بالمسار الاستسلامي لتصفية قضية فلسطين، وتفتيت النسيج الاجتماعي وسفك الدم السوري وتدمير الدولة الوطنية السورية وحضارتها.

فقد أسست الأجهزة الإستخبارية الأميركية شبكة مؤسسات إعلامية عملاقة في مجال الفضاء المفتوح والصحافة الورقية والالكترونية حول العالم وفي دول منظومة التحالف الأمني الإقليمي، ووفرت لها التمويل الأجنبي والخليجي المطلوب للترويج لضرورات الحروب الأميركية لمواجهة محور المقاومة العربي الإسلامي تحت عنوان محاربة الإرهاب الدولي.

ملايين المشاهدين فتنوا بالقراءات التحليلية المأجورة من «محللين استراتيجيين» بحسب وصف هذه القنوات التضليلية لهم. وهؤلاء يحصلون على آلاف الدولارات من هذه القنوات الفضائية الممولة من شركات الصناعات العسكرية والأمنية الداعمة للتدخلات الأميركية العسكرية في الوطن العربي.

تظهر نتائج التحليل والدراسة لمحتوى الحملات الإعلامية للقنوات الفضائية والصحافة الورقية والالكترونية، التي أشرفت على إعدادها والترتيب لها مرجعيات خلفية من خبراء مختصين «إسرائيليين» أهداف استراتيجية إعلامية أميركية «إسرائيلية» للترويج للحرب الكونية على سورية ومن سورية، بأن لهذه المؤسسات الإعلامية وحملاتها الترويجية أدواراً ومهمات لتغييب المعلومات والحقائق أو اللعب فيها لتوجيه الرأي العام لتأييد الحرب للترويج لضرورات تنحي الرئيس السوري عن قيادة محور المقاومة.

على سبيل المثال لا الحصر لوحظ أن هناك عميداً سابقاً في الجيش المصري، احتل مساحات في النشرات الإخبارية في منبر قناة «الجزيرة» الفضائية التضليلية للترويج لإسقاط النسق السوري وهزيمة الجيش العربي السوري في المواجهة الكونية على سورية. ومثله كثير من جنرالات سابقين في الجيوش المصرية والأردنية واللبنانية من صنف رتبة وراتب، حيث اتضح أنهم يعملون كمستشارين رئيسيين في مجموعة الشركات الأمنية والسلاح، ومنها شركة» بلاك ووتر.

لم يكن هذا الجنرال أو ذاك سوى مدافع شرس عن التدخل العسكري في سورية في مداخلاته «الاستراتيجية «عبر القنوات الفضائية، ومن بينها «الجزيرة»، و»العربية»، وفي السيرة الذاتية، لم يذكر سوى علاقته السابقة بالجيش المصري والحالية وهو مدير لمركز أبحاث ودراسات استراتيجية، ولم نسمع عن قيادته لمعاركه البطولية لتحرير الأقصى الأسير!

لكن حين الدخول في تفاصيل «المحللين العسكريين الاستراتيجيين الغربيين جميعهم أو بعضهم، نجد في المقابل عشرات المحللين من العسكريين العرب المتقاعدين يعملون بالطريقة ذاتها عبر قناة «الجزيرة» وأخواتها، حيث يلاحظ إن حجتهم الأساس تنصب على دعم «معارضة عميلة» للغرب المتصهين ودعم مصداقية الولايات المتحدة في الدفاع عن حقوق الإنسان ، وتمرير رسالة تهديد إلى الرئيس الدكتور بشار الأسد بالتنحي.

لقد صعد هؤلاء الإعلاميون من جنرالات المنابر الإعلامية الفضائية وليس من ساحات القتال، واحتلوا مساحات في الصحافة الورقية والالكترونية مئات المرات، ولم يشر إلى مؤهلاتهم العلمية والعملية كاملة، ولا إلى علاقتهم وارتباطهم بقطاع التسليح والأجهزة الاستخبارية العالمية، وأما توصيفهم العام، فكان إما دبلوماسيين سابقين، أو محللين استراتيجيين ويحصلون على ألوف الدولارات سنوياً.

بالنتيجة حين دراسة المداخلات الإعلامية المأجورة لهؤلاء «الخبراء الاستراتيجيين» في قناة «الجزيرة» وأخواتها حول الحدث السوري عبر الفضاء المفتوح والمفضوح، تجد أن القواسم المشتركة بين المحللين العرب والأجانب عبر وسائل الإعلام،هي الترويج للمجمع الصناعي العسكري في الولايات المتحدة الأمريكية أولاً، وضمان أمن «إسرائيل»، والنفوذ الأميركي في الإقليم ثانياً».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى