الاحتلال الصهيوني يتمادى هل في الأفق انتفاضة جديدة؟

حميدي العبدالله

بصورةٍ موازية لتراجع أعمال المقاومة المسلحة ضدّ الكيان الصهيوني، وفي صورةٍ موازية لتجميد القتال عبر جبهة غزة لنصرة الضفة ولتحرير فلسطين، وفي ظل سيادة الدعوات إلى حلّ سياسي للصراع مع العدو، أو وقف الصراع لعشرات السنين، وفي ظلّ غياب الاهتمام العربي والدولي بالقضية الفلسطينية جراء تحوّل الاهتمام إلى قضايا عربية وإقليمية أخرى حيث يسقط يومياً العشرات وأحياناً المئات باقتتال أشعلت فتيله الدول الغربية وحلفاؤها بالمنطقة في أكثر من بلد عربي، في ظلّ كلّ ذلك يتمادى الاحتلال الصهيوني في اعتداءاته التعسّفية ضدّ الشعب الفلسطيني، تارةً من خلال مصادرة المزيد من الأراضي وبناء المستوطنات عليها، وتارةً أخرى من خلال الاعتداء على المقدسات، ولا سيما الإسلامية والمسيحية، وتارةً ثالثة من خلال السماح لقطعان المستوطنين بالاعتداء بشكل وحشي على المواطنين الآمنين وقتل الأطفال والاعتداء على الشيوخ في محاولة واضحة لخلق مناخ ضاغط يرغم الشعب الفلسطيني على الهجرة وتفريغ الأراضي من سكانها الأصليين وإسكان مهاجرين في بيوتهم وأراضيهم.

في كلّ مرة تتصاعد هذه الهجمات بأشكالها الثلاثة، يقوم الشعب الفلسطيني الأعزل والمحاصر، من قياداته ومن دول المنطقة، بالردّ بالحجارة والصدور العارية ويسقط المزيد من الشهداء، ويراهن البعض على احتمال أن تقود المواجهة إلى اندلاع انتفاضة جديدة على غرار انتفاضة 1987 وانتفاضة 2000 اللتين شكلتا علامات فارقة في التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني. لكن سرعان ما يتضح أنّ الهبّات الجماهيرية احتجاجاً على جرائم الكيان وصمت القوى الفلسطينية والعربية وتواطؤ الدول الغربية مع الكيان الصهيوني، هي مجرد ردّ فعل عفوي آني لا يرتق إلى مستوى الانتفاضة التي تردع العدو وتجعله يعيد النظر في سياساته التعسفية بحق الشعب الفلسطيني.

الأرجح أنّ ما جرى ويجري كردّ فعل على حرق الرضيع الفلسطيني على أيدي قطعان الصهاينة لن يخرج عن هذا الإطار، وستعود الأوضاع إلى ما كانت عليه بانتظار جريمة وحشية أخرى تستدعي ردّ فعل ضدّ ممارسات الاحتلال، وتختفي هي الأخرى بدورها بعد مرور أيام قليلة وبعد أن تهدأ الخواطر.

من الواضح أنّ شروط ولادة انتفاضة جديدة صعبة ومتعذّرة في ظلّ موقف القوى الفلسطينية الفاعلة التي تبحث جميعها عن تهدئة للصراع مع العدو، لا بكيفية تصعيد المقاومة بأشكالها المختلفة لانتزاع الحقوق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى