المحرقة الدائمة

معن بشور

حين يضطر مجرم الحرب الإرهابي نتنياهو المسؤول بسياساته وثقافته وعقيدته عن كلّ الجرائم الإرهابية في فلسطين والوطن العربي إلى التبرّؤ من جريمة حرق الرضيع علي سعد دوابشة مع ذويه في منزلهم، وحين تضطر الإدارة الأميركية المسؤولة تاريخياً عن تغطية كلّ جرائم هذا الكيان الجماعية والفردية بذريعة الدفاع عن النفس الى إدانة هذه الجريمة المتوحشة، فذلك يعني انّ جريمة حرق الرضيع الشهيد علي سعد دوابشة قد تخطت كلّ المقاييس والاعتبارات الإنسانية والأخلاقية.

ولكن هل يكفي الاستنكار والإدانة من تل ابيب وواشنطن، بل من كلّ عواصمنا العربية وعواصم العالم، للردّ على هذه الجريمة التي تكشف انّ المشروع الصهيوني الذي قدّم نفسه كضحية للمحرقة النازية يقود منذ تأسيس كيانه محرقة مستمرّة بحق الشعب الفلسطيني، والتي وصلت إلى ذروتها بحرق عائلة فلسطينية في منزلها وأدّت الى استشهاد رضيعها كلّ ذنبه أنه يمثل المستقبل والحياة والفرح وكلّ القيم التي لا يطيقها الصهاينة الإرهابيون ومن حولهم.

للردّ على هذه الجريمة، نقترح عليكم وباختصار جملة أفكار نأمل ان تجري متابعتها مع كلّ الجهات الفلسطينية والعربية والدولية المعنية.

على الصعيد الفلسطيني

1 ـ دعوة القيادة الفلسطينية إلى تنفيذ قرار المجلس المركزي الفلسطيني بإلغاء التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني وتجاوز كلّ الاعتبارات والعوامل التي تعيقه.

2 ـ دعوة فصائل العمل الوطني الفلسطيني جميعاً، وكلّ الهيئات الشعبية الفلسطينية إلى إطلاق انتفاضة عارمة لا تتوقف إلا بتحرير الأرض المحتلة واستعادة القدس المنتفضة بفضل شبابها منذ زمن وعودة مقدساتها حرة عزيزة، إلى وطنها كعاصمة أبدية له.

3 ـ المباشرة الفورية بالملاحقة القضائية الدولية للكيان الصهيوني عن كلّ جرائمه، بما فيها جرائم الاغتيال والقتل التي وصلت إلى معدل ألف جريمة تقريباً كلّ عام منذ سنة 2004.

4 ـ تجاوز كلّ العقبات والحواجز والعوائق أمام تنفيذ كلّ اتفاقات الوحدة الوطنية وتوافقاتها المرتكزة على ثوابت العمل الوطني الفلسطيني، مهما كانت التضحيات الفئوية والفصائلية كبيرة، فالانقسام الفلسطيني المستمر كان وسيبقى الثغرة الأكبر التي ينفذ منها الاحتلال ويمارس العدوان والحصار والاستيطان والتهويد.

5 ـ الوقوف بحزم أمام كلّ مخططات التوتير وإثارة الفتن في مخيمات الشتات تمهيداً لتدميرها وإسقاط حق العودة، باعتبار لا وجود للاجئين بدون مخيمات، ولا مبرّر لحق العودة في غياب اللاجئين، واعتبار كلّ محاولة لإثارة الفتنة أو إدامتها كما هو الحال في مخيمات الشتات في لبنان وسورية هو الوجه الآخر لجرائم العدو في الوطن المحتل.

6 ـ إعطاء الأولوية لرفع الحصار الجائر عن قطاع غزة وتعاون الجميع، فلسطينيين ومصريين وعرباً، لتحقيق هذا الهدف الوطني والقومي والإنساني باعتبار هذا الحصار هو الوجه الآخر للعدوان الصهيوني الجماعي والفردي بحق الشعب الفلسطيني.

على الصعيد اللبناني

1 ـ دعوة جميع الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية، مهما كانت خلافاتها واسعة، إلى التلاقي في وقفة تضامن وطنية واحدة مع شعب فلسطين وقضيته العادلة.

2 ـ دعوة المرجعيات الروحية الاسلامية والمسيحية، إلى إطلاق مبادرات باتجاه مواجهة الجرائم الصهيونية وحماية المقدسات الدينية.

3 ـ دعوة المؤسسات والهيئات المعنية بحقوق الطفل والإنسان في لبنان إلى عقد اجتماع واسع يضع خطة لتحرك واسع من ضمنها مسيرة أطفال كبيرة تتوجه إلى مقرّ الأمم المتحدة في بيروت.

4 ـ دعوة وسائل الإعلام إلى المساهمة بتغطية وإبراز كلّ تحرّك تضامني في فلسطين، كما دعوة كلّ الهيئات الثقافية والمثقفين إلى التحرّك لتسليط الأضواء على الجوانب الثقافية والايديولوجية للمشروع العنصري الصهيوني.

على الصعيدين العربي والإسلامي

1 ـ دعوة الحكومات العربية والإسلامية إلى اتخاذ مواقف صارمة تجاه العدوان الصهيوني المستمرّ بحق الشعب الفلسطيني والأمة العربية، عبر قطع كلّ العلاقات العلنية والسرية مع هذا العدو، وتنقية العلاقات البينية العربية من كلّ الشوائب والثغرات التي يستخدمها أعداء فلسطين والعروبة للإمعان في تشتيت الأمة وتمزيقها وحرف الأنظار عن العدو الرئيسي لها.

2 ـ قيام الحكومات العربية والإسلامية بتنفيذ كامل التزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني ومقدساته والمرابطين في الأقصى، كما تجاه فلسطينيي الشتات المهدّدين بتعليمهم وصحتهم وحياتهم من خلال تقليص خدمات الاونروا، فمعركة الشعب الفلسطيني واحدة في الداخل والخارج، على المستوى الوطني كما الإنساني والاجتماعي.

3 ـ دعوة المنظمات الإقليمية العربية والإسلامية وحركة عدم الانحياز بالتحرك لإدانة الكيان الصهيوني في مجلس الأمن عبر قرارات واضحة تمتحن جدية الإدانة الأميركية، وعبر تشكيل محكمة دولية خاصة بجرائم الكيان الصهيوني على غرار محاكم مماثلة عرفها العالم.

4 ـ انّ المعركة الاستثنائية التي يخوضها شعب فلسطين في كلّ أرجاء الوطن، تفترض بالنظام الرسمي العربي مراجعة كلّ خياراته وقراراته، بدءاً من إصلاح الخلل الخطير الذي انتابه في السنوات الأخيرة منذ الاعتراف بالاحتلال الأميركي للعراق وإفرازاته، واستدعاء الناتو لتدمير ليبيا والذي ما زال مستمراً، وفرض عقوبات على سورية وإخراجها وهي العضو المؤسّس من جامعة الدول العربية، وتجميد العمل بكلّ الاتفاقيات العربية، لا سيما معاهدة الدفاع العربي المشترك التي تفرض تحركاً عربياً لوقف العدوان على شعب عربي هو شعب فلسطين.

5 ـ دعوة الهيئات الشعبية العربية من اتحادات ومؤتمرات وأحزاب ونقابات وجمعيات وهيئات معنية بحقوق الإنسان والطفل إلى التحرك على كلّ المستويات لتسليط الأضواء على الإجرام الصهيوني المتمادي، والدعم الأميركي له والتواطؤ الرسمي العربي معه.

6 ـ دعوة الهيئات الحقوقية العربية لا سيما اتحاد المحامين العرب، واتحاد الحقوقيين العرب، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان وغيرها من الهيئات المعنية إلى عقد اجتماع مشترك بينها لوضع خطة للتحرك القانوني والحقوقي على الصعد العربية والدولية بما فيها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

7 ـ الدعوة إلى تفعيل مكتب المقاطعة العربية، كما إلى تجديد حملات المقاطعة الشعبية للعدو والمتعاملين معه للعدو ولداعميه من شركات وحكومات.

على الصعيد العالمي

1 ـ دعوة الدول الصديقة والمناصرة للقضية الفلسطينية إلى التحرك على مستوى الأمم المتحدة لاستصدار قرار يدين الجرائم الصهيونية وتحت الفصل السابع باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأعمال إرهابية حسب التصريح الأميركي نفسه.

2 ـ دعوة القوى الحيّة في العالم إلى اعتبار جريمة حرق الطفل علي سعد دوابشة منطلقاً لحراك شعبي عالمي يحاصر العدو الصهيوني، ويوسّع نطاق المقاطعة العالمية لمنتجاته وجامعاته ومؤسساته، ودعم الهيئات العالمية، لا سيّما الأميركية، التي تقود حملات المقاطعة الاقتصادية والثقافية والأكاديمية وتوجيه التحية الحارة لنضالها.

3 ـ دعوة الهيئة التأسيسية للمنتدى الدولي من أجل العدالة لفلسطين وعلى رأسها وزير العدل الأميركي السابق رامزي كلارك، والشخصية العربية القومية البارزة الدكتور علي فخرو، إلى الاتصال بكلّ الهيئات الدولية المناصرة لقضية فلسطين والمشاركة في المنتدى أو غيره، ودعوتها إلى تحمّل مسؤولياتها إزاء هذه الجريمة الصهيونية وكلّ الجرائم المماثلة.

4 ـ توجيه مذكرة باسم المجتمعين إلى الأمين العام للأمم المتحدة والى منظمة اليونيسف والى سفراء الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن تتضمّن دعوتهم للتحرك لمعاقبة المجرمين الإرهابيين وكلّ من يقف وراءهم داخل الكيان الصهيوني وخارجه.

ورقة عمل قدمت إلى الاجتماع الطارئ الذي انعقد في دار الندوة في 1/8/2015 بحضور 55 شخصية لبنانية وفلسطينية وعربية للتداول في سبل الردّ على جريمة حرق الطفل علي سعد الدوابشة في دوما نابلس على يد المستوطنين الصهاينة، وقد أقرّها الحاضرون بالإجماع.

الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى