مكتبة «البناء»

«ذاكرة القرصان»، هو الديوان الثالث للشاعر اللبناني محمد مهدي ناصر الدين 1977 ، وقد صدر له عن «دار النهضة العربية» 2014 ، بعد ديوانَي «صلاة تطيل اللوز شبراً» 2012 و «ركلة في قرية النمل» 2013 .

يضمّ الديوان 35 قصيدة مقسّمة على ثيمات Themes شعرية أبرزها المدينة، والليل، والحرب، والشعر، والبحر الحاضر بقوة في قصيدة «ذاكرة القرصان» التي أعطت الديوان عنوانه.

يسند محمد ناصر الدين في الديوان الطاقة الشعرية إلى الكثير الحلم، يعود في القصائد ليلجم هذا الإسناد، أو يخونه، فلا يترك الطاقة الهذيانية للحلم تتكلم باللغة، إنما يجعل النص الشعري سؤالاً في الثقافة، وهذه الثقافة ذات مرجعيات غربية، حداثية وما بعد حداثية، ومتنوّعة في الفلسفة والعلوم والرواية، بحيث نلاحظ ضغطاً مرجعياً غريباً وشرقياً على نصوصه، يصل إلى حدود التسمية والتفصيل. نجد على سبيل المثل إحالات إلى هيغل، وفرويد، ونيتشه، وبورخيس وأراغون والأنبياء من نوح إلى إبراهيم والخضر، إضافة إلى شعراء عرب محدّثين مثل محمد الماغوط ومحمد علي شمس الدين يتناول الديوان أيضاً قضايا تمسّ الإنسان المعاصر وقلقه مثل الهجرة والحرب والهويات المتشظّية وطغيان التكنولوجيا التي يبتدئ الشاعر ديوانه بسيناريو عن رجال آليين يحكمون الأرض في المستقبل ولكن تنقصهم قدرة الشعراء في وصف الوردة والحب. في هذا الديوان الذي يتناول فيه الشاعر قصيدة النثر بأكثر من تقنية مقاطع منفصلة في قصيدة الليل أو النبي، تقنية الإنعكاس والمقابلة في قصيدة سكيزوفرينيا يترسّخ بين يدي القارئ مفهوم ما للقصيدة الجديدة، ويلتبس مفهوم الشعر. فالحديث عن الشعر أو «الشعرية» poeticit ، حديث متشعب وإشكالي، من أرسطو وأفلاطون إلى بارت وفوكو. ولعلّ أقصى الحيرة في تعريف الشعر هو أن نقول إنه سرّ يبحث عن سرّ… فمع الشعر يتبدّد الكلام، أما مع القصيدة فيتركّز ويكاد ينحلّ في تقنياته، في حيله في الكلمات وترتيبها، وفي قدرته على أن يكون مفارقاً عن سواه من فنون كلامية أو سمعية بصرية اكتنفته من كل صوب، يضمنها الشاعر صفحات الديوان كالحديث عن scorpions وأديث بياف وتشايكوفسكي في قالب يجعل الشعر حاضناً للفنون كافة.

عندما ترتدي الضباب

«عندما ترتدي الضباب»، مجموعة من النصوص النثرية لحياة نصر، تباينت في المستوى الفني والبنيوي فغلب على مجملها أسلوب المباشرة التي كان لها أثر على البنية التصويرية في غالبية الأحيان، وذلك باتجاهين الأول شكل جمالاً في بعض اللوحات، والثاني كان مترهلاً فجاءت التراكيب ضعيفة الدلالات والصور.

تقول في نصها «أعد»:

أعد الورد لوجنتي ولأنفاسي العبق

وحبات القمح للسنبلة المسحوقة والشذى للحبق

عند الكاتبة نصر يتشكل نصها أحياناً في بناء شعري تتدفق فيه العاطفة عبر روحها المنتشية في ما وراء الحلم خارج حدود الزمان والمكان لتصنع صورتها كنسيج من نغم موسيقي وألفاظ منتقاة وفق ما تراه ملائماً لنصّها. تقول في نصّها «عازف البيانو»:

عازف، بهدوء ورقة

أجلس أورنينا جانباً

وحطّ على كتفيه بلابل الفرح

قتل الوحش، وشح اللحظة حينما طرّز المدى.

تعتمد نصر في بعض نصوص مجموعتها على الومضة في التكوين الفني لقصائدها، إلا أنها تفتقر أحياناً للمكوّن الأساسي لهذا النمط الأدبي، أي كثافة اللغة ببعدها التعبيري والدلالي، ما سبب ظهور الإيحاء خلال الاستعارات المكونّة للصورة. تقول في نصّ «معلمنا»:

اخترق سؤاله عمقنا

مرّر سبابتنا على أناقة اللغة

كي يفتح لنا الحلم صمته صلاة

كلامه مطر

وإن أسباب المباشرة عند نصر عدم الاهتمام بالبنية التصويرية، لذلك ارتبكت بعض النصوص تحت نير الهشاشة الأسلوبية. تقول في نص «حنين»:

مشاعر تفور

تنضب في طريق

خلا من الرفاق من بائع الحلوى

عند زاوية ذاك البيت العتيق.

كما أن الكاتبة نصر لم تتمكن من التعاطي مع الحداثة بشكل حقيقي، فالنص النثري يحتاج إلى معمار هيكلي لا يخلو من التعقيد والثقافة والتبصر، حتى يتمكن من انتزاع تسمية بجدارة في عالم الشعر. قالت في نصّ «موعد مع صديق»:

أهزوجة لمرور لحظات قاسية

قطرات من ضياء تدلف على عتمة أفقنا

رحلة مشتركة إلى سهول الطفولة

وهضاب أمنية موعد نتلهفه

إن نصوص المجموعة اعتمدت فيها الاستعراض اللغوي ومحاولة إيجاد علاقات جديدة بين ألفاظ أو مفردات فوصلت إلى نتيجة ليست جادة في طرح نفسها كقصيدة شعر. تقول في نصّ «ماذا نسمّي»:

ماذا نسمي الذي يلتمع في عنقود العنب ويتكور في كوز التين

ويفلت علينا أشواك الصبار ومناقير العصافير؟

وأوضحت أن كثيراً من نصوص المجموعة نتجت عن حالات ذاتية لم تصل إلى حد معقول من التجربة الأدبية عبر خلخلة في البنيان وتراجع في وجود العاطفة. تقول في نصّ «في قاعة السينما»:

في قاعة السينما، لم أعرف أن الجلوس سيجرّ قوافل زنبق، سيحرّك شتلات الحبق. ترك الكرسي المثبتة بمسامير، كيف أصبحت أرجوحة ريح تدور تعلو وتطير.

وعلى رغم وجود بعض العبارات الجميلة، تدل مجموعة «عندما ترتدي الضباب» لصاحبتها حياة نصر على عدم وجود قراءة حقيقية وكافية للنصوص في زحمة تدافع الكثيرين لانتزاع لقب شاعر.

مجموعة «عندما ترتدي الضباب» من إصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب وتقع في 88 صفحة من القطع الصغير.

كواليس المبدعين

ضمن سلسلة آفاق ثقافية التي تصدرها الهيئة السورية للكتاب، يقدّم الكاتب هاني الخير كتابه الجديد بعنوان «كواليس المبدعين» كدليل نظري ومرشد أمين للغوص في عالم الإبداع والمبدعين والخالدين في الذاكرة البشرية من أدباء وشعراء وروائيين ومؤرخين ومفكرين من ذوي القامات العالية في الحياة الثقافية العربية.

ويهدف الكتاب الواقع في 263 صفحة من القطع المتوسط إلى التعريف بخفايا حياة واحد وستين علماً من هؤلاء الأعلام ونفسياتهم وعوالمهم ورحلة كفاحهم المضني، وإنجازاتهم الإبداعية، من دون أن يخدش الكاتب كرامة أحد كما يقول في مقدّمة الكتاب.

ويبدأ الخير بالشاعر الكبير نزار قباني وقصته مع الرسم في مجموعته الشعرية الأولى «قالت لي السمراء» الصادرة في دمشق في أيلول 1944. مشيراً إلى أن المفاجآت في هذه المجموعة الشعرية متعدّدة، لعل أبرزها أن الشاعر قام بتنفيذ الرسومات الداخلية بريشته ثم غابت هذه الرسومات الساذجة إلى الأبد في الطبعات اللاحقة من الديوان نفسه. كما أسقط الشاعر قصيدة «أحبك» التي وردت في الطبعة الأولى على الطبعات اللاحقة.

وعن الشاعر بدوي الجبل قال الخير إنه أحب الشام حبّ أعرق أبنائها وكان لا يطيق الافتراق عنها، وظلّ وفياً لدمشق طوال حياته يتغنى بمفاخرها وفضلها على العالم. ومن رأى الحزن على وجوه سكان دمشق على حدّ تعبير صديق عمره الدكتور عدنان الخطيب أمين عام مجمع اللغة العربية في دمشق يوم شاع خبر وفاته عرف حقيقة ما تكنه هذه العاصمة العربية الخالدة من حب وتقدير وامتنان لمن قال يوماً:

لقد زعموا أني بجلق هائم

أجل والهوى إني بجلق هائم

أما شاعر العرب الكبير محمد مهدي الجواهري فلفت الكاتب إلى أنه ليس من عادته حين كان يدعى لإلقاء قصيدة في مناسبة أو مهرجان، أن يكتب ما تجود به قريحته المبدعة على الورق كما يفعل الشعراء الآخرون، إنما يكتفي بورقة هزيلة الحجم يخفيها في يده حين يبدأ بالقاء القصيدة التي تكون في معظم الأحيان مفاجأة مذهلة وصدمة جمالية من العيار الثقيل للمتلقين الذين يترنحون طربا ونشوة.

وكان الجواهري يدوّن على هذه الورقة اليتيمة بعض الحروف أو الرموز أو الاشارات، وما تلك الرموز في الواقع سوى بعض أبيات القصيدة أو قوافيها. كذلك لم يكن من عادة الجواهري أن يقرأ لأي من أصدقائه إلا في حالات استثنائية ما كان ينظمه قبل أن تنجز القصيدة أو تكاد. وقد يحدث أن ينظم أبياتاً من قصيدته ثم ينساها بين أوراقه فلا يعود لإكمالها إلا بعد سنوات.

وعن شاعر الهوى والجمال الأخطل الصغير واسمه الحقيقي بشارة الخوري الذي أصبح أحد أعمدة الشعر العربي، ينقل الخير عن الأديب عادل غضبان: «لا بد أن يكون بين الأخطلين جاذبية مودّة من جانب واحد، وتجاوب روحي حمل شاعر القرن العشرين على أن يختار اسم الأخطل. وإننا لنلمس ذلك التجاوب في شعرهما فكلاهما شاعر الهوى والجمال».

أما جبران خليل جبران، فقد حاول صديقه الأديب المهجري ميخائيل نعيمة تقليده واقتفاء خطواته العملاقة بحذر، وكذلك تشويه سمعته الشخصية بعد رحيله بسنتين، عندما أصدر كتابه بعنوان «جبران حياته موته أدبه فنّه»، ولكنه لم ينجح في ذلك ولم يبلغ مكانته الأدبية، وما زال هذا الكتاب يثير موجة من الجدل والمناقشات الصاخبة المستفيضة بين محبّي أدب نعيمة وبين أنصار جبران ومحبّيه الكثر.

وكان للأديبة غادة السمان حضورها المتميز في الحياة الثقافية العربية المعاصرة على مدى أربعة عقود من القرن الماضي ما رشحها بقوة لتكون محط متابعة القراء على امتداد العالم العربي بعدما أصدرت عشرات المؤلفات التي شملت فنون الأدب كالقصة والرواية والمقالة والتحقيق الصحافي والاعترافات.

وإلى جانب هؤلاء، يحفل الكتاب بالغوص في كواليس مبدعين آخرين كالدكتورة عزيزة مريدن والمثل العليا، واللواء محمد طاهر بكفلوني ورهافة إحساسه النقدي، والكاتب حنا مينة الذي لا ينصح أحداً بالتدخين، وزكي مبارك الملاكم الأدبي، وعباس محمود العقاد وخصومته مع الأطباء، وأحمد أمين والقضاء الشرعي، وصلاح عبد الصبور والنقد القاتل وغيرهم.

إصداران للعلّامة النابلسي

صدر للعلّامة الشيخ عفيف النابلسي كتابان جديدان، الأول عنوانه «فقه الصلاة» والثاني عنوانه «فقه الصوم». والكتابان يندرجان ضمن سلسلة من الكتب الفقهية التي يعمل مركز الدراسات في مجمّع السيدة الزهراء على إصدارها تباعاً كي تغطي معظم جوانب الفقه الإسلامي.

الخطابة بين الشرق والغرب

يقسم الكاتب ياسر محمد نديم صاري كتابه الخطابة بين الشرق والغرب إلى عدة أبواب تتلاحق بشكل سلس لتقدم للقارئ مادة معرفية غنية بالمعلومات والشواهد التي تلبي شروط هذه المعلومات وتستكمل ذهنياً ما يبحث عنه القارئ.

ويوضح الكاتب في مقدّمة كتابه الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب أن الخطابة تشترك مع الكتابة في المظهر الشكلي. فكل منهما ضرب من ضروب النثر، إلا أن الكتابة عمادها القلم وجمهورها القراء، والخطابة عمادها الإلقاء وجمهورها المستمعون. وقد وصلتنا خطب مكتوبة كثيرة حفظتها كتب الأدب والتاريخ، ونقرأها فنتفاعل معها ونشعر بشيء من روعتها ونتأثر بأفكارها ولكنها ستكون أكثر تأثيراً وأجمل وقعاً لو استمعنا إليها يلقيها خطيب مصقع حسن الالقاء جميل جرس الكلام.

ويبدأ الكاتب كتابه بتعريف الخطابة ويتناول عدة تعاريف لكبار الكتاب قديمهم وحديثهم ويخلص إلى النقاط المشتركة بينها، وهو هدف الخطابة من القدرة على إقناع الجماهير واستمالتهم. وينتقل بعد ذلك إلى تعريف الخطيب وتعداد مزاياه التي يجب أن يتمتع بها كالثقة بالنفس وسعة الثقافة وفصاحة اللسان. ويقدّم عدداً من النصائح في هذا الباب لمن يريد أن يلقي الخطبة بشكل صحيح، وهي معلومات مهمة. ثم يتحدث عن العوامل المساعدة للخطيب كالشخصية والملابس والوقفة والضوء والجمهور وغيرها.

ثم يتحدث الكاتب عن أنواع الخطابة فيطرح أولاً التقسيم الغربي كما فعل أرسطو حين قسمها إلى ثلاثة أقسام هي الخطابة الاستشارية والخطابة القضائية والخطابة الاستدلالية. ثم يتحدث عن أنواع الخطبة في التراث العربي كما ذكرها الأديب الأندلسي ابن عبد ربه، إذ صنّف الخطابة في مجموعتين، الأولى خطب طويلة والثانية خطب قصيرة.

أما الخطابة اليوم فقسّمتها كتب الأدب إلى أربعة أقسام هي: الخطب السياسية، والخطب القضائية، والخطب الدينية، وخطب المحافل. ويشرح الكاتب ميزات كل نوع مع ذكر الأمثلة المناسبة، ويستكمل هذه المعلومات للقارئ بشرحه لأسلوب الخطابة وأجزاء الخطبة التي يجب توفّرها لتكون تامة ملبّية حاجات المستمع من مقدّمة وعرض وخاتمة، بأسلوب تقني. ثم ينتقل بعد فيض من المعلومات ليريح القارئ بفصل طويل عن تاريخ الخطابة العربية والخطابة الغربية وأشهر الخطباء وخطبهم التي لمعوا ونبغوا فيها عبر سرد تاريخي مقارن غنيّ بالأمثلة.

ويبدأ الكاتب النصف الثاني من الكتاب من دون تقسيم واضح، إنما يظهر التقسيم إلى قسمين من خلال المحتوى نفسه. فالأول عبارة عن تعريف شامل بالخطابة بكل جزئياتها، والثاني دراسة مقارنة تبدأ بفصل يتحدث عن الكتب الأدبية التي تناولت الخطابة كـ«البيان والتبيين» للجاحظ، وكتاب «البيان» لابن جعفر، و«التوابع والزوابع» لابن شهيد الأندلسي. ويجعل هذا الفصل توطئة للدراسة المقارنة بين الخطابة الشرقية والغربية التي يمر فيها أولاً على الخطابة الافتراضية ويطرح أمثلة عربية مثل كتاب «كليلة ودمنة» وما كتبه «أخوان الصفا»، ومن الجانب الآخر يطرح كتاب أرسطو طاليس «الخطابة».

ثم تحدّث الكاتب تحت عنوان «الغرب والشرق على أعتاب مرحلة جديدة» عن أسلوب البلاغة وتطوّره من الصنعة المتكلفة نحو النثر البسيط متأثراً بالأدب الفارسي وغيره كما يتحدث عن دور الصوفية في تطوير الخطابة.

أما في القسم العربي، فيتحدث الكاتب عن رفاعة الطهطاوي الذي أصدر الجريدة الأولى في الشرق هي «الوقائع»، وسعد زغلول الذي أصدر جريدة «العروة الوثقى»، ودخل معترك السياسة في مصر وأصبح وزيراً للمعارف ثمّ زعيماً سياسياً وطنياً.

ويختم الكاتب دراسته بانتقاء مجموعة كبيرة من الخطب خلال التاريخ، ولم يكن انتقاؤه لهذه الأمثلة عبثياً، إنما حرص على أن يعبّر كلّ نموذج منها عن نوع من أنواع الخطابة التي تناولها في متن كتابه.

يذكر أن الكتاب يقع في نحو 300 صفحة من القطع الكبير وهو من إصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب ضمن مجموعة الدراسات الأدبية.

الجريمة والعقاب

تعدّ رواية «الجريمة والعقاب» قمة الإبداع الأدبي والفكري لدى الكاتب الروسي الكبير فيدور دوستويسفكي.

في هذه الرواية يدخل الكاتب في أعماق شخصياته محاولاً الإجابة على سؤال محدد: هل يمكن للجريمة أن تكون مبرّرة؟

إن الفقر والظلم الاجتماعي اللذين يحاصران بطل الرواية «راسكولنكوف» يدفعانه إلى ارتكاب جريمته. ليس بشكل فعل مفاجئ، إنما بعد تفكير وتخطيط طويل، تتصارع خلالهما في نفسه قوى الخير والشر، ولكنّ هذا الصراع هو كذلك مصير جميع شخصيات الرواية. تتكامل هذه الشخصيات لترسم أمامنا لوحة نفسية فلسفية كاملة، تجعلنا نتساءل عن نسبية القيم والفضائل التي نؤمن بها.

تناول دوستويفسكي في أعماله مختلف شرائح المجتمع الروسي الذي عاش فيه من القمّة إلى القاع. فأظهر زيف عدد من الفضائل الكاذبة، مؤكّداً على سعي النفس الإنسانية إلى الخير وضعفها في الوقت نفسه، أمام مغريات اختيار الطريق الأسهل في الحياة، الطريق الأقصر لا المنسجم مع الفضيلة في غالبية الأحيان.

بعد كشفه القناع الكاذب الذي يتذرّع به المجرم لارتكاب جريمته، يقدّم دوستويفسكي الأمل في نهاية النفق المظلم. راسماً بداية الطريق الطويل والمؤلم لتطهّر الإنسان من ذنوبه، عبر إعادة فهم نفسه، وفهم الحياة بخيرها وشرّها.

رواية «المجرم والعقاب»، صادرة عن «دار رسلان للطباعة والنشر والتوزيع» ـ سورية

حرب العقول

كتاب «حرب العقول»، أو حرب الجواسيس، أو أجهزة الاستخبارات… الذي وضعه «القاعدي» ـ المعلوم المجهول ـ عبد الله بن محمد عام 2011، قبل اعتقال أسامة بن لادن وقتله بتوجيه وأمر من باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأميركية روما هذا العصر ، يتحدّث فيه مؤلفه بإسهاب تحت ستة عنواين أو فصول هي: مشروعية التجسس، مسائل في التجسس، خصائص شخصية العميل السرّي، 37 فائدة في الاستخبارات، العمل الاستخباري المرحلي، والمشروع الختامي.

وفي نهاية الفصل الأخير يختم المؤلف: «والحقيقة أن من يقرأ هذه السطور سيظنّ أنها ورقة عمل أولى لتوجيه العمل الاستخباري للجماعات الجهادية. ثم سيظنّ أنها خطوات استخبارية عملية لتحرير فلسطين وإرجاع الأقصى، ولكنه سيكتشف في النهاية أنها قد تكون خطوة أولى في الطريق إلى روما!».

أما كيف سيكون ذلك، وما هو المثل الصالح الذي يدعو إلى اقتفاء أثره حذو النعل للنعل، فيتمثل بـ«القدم الهمجية» لرواد الحركة الصهيونية في الجريمة المستدامة منذ مطالع القرن الماضي باغتصاب أرض فلسطين لزرع الكيان الصهيوني المصطنع، واستمرار سقيه بدماء الفلسطينيين والعرب.

ولئلا يحيد أحد عن النهج الصهيوني هذا، فقد كانت خاتمة الكتاب منصبّة على التقيّد بذلك، وإعطاء صفة «دعوة إلى العمل».

الكتاب الواقع في 190 صفحة من القطع الصغير، صدر حديثاً بطبعته الأولى عن «دار التمرّد» ـ سورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى