حديث وضع القواعد ورسم مسار التحالفات السورية…

سعدالله الخليل

رسم الرئيس بشار الأسد في لقائه على قناة «المنار» مشهداً واضح المعالم للسياسة السورية، وقدم إجابات على تساؤلات راودت الشارع السوري وأصدقاء سورية وحلفاءها قبل أعدائها، ورسّخ قواعد السياسة والتحالفات السورية التي تثبت سنوات الأزمة عمقها وصوابية خياراتها.

تساءل الرئيس الأسد عن المقوّمات والبيئة المناسبة للانطلاق نحو مسارات سياسية لحلّ الأزمة السورية في ظلّ وجود قوى سياسية تنتمي إلى الشعب السوري، وهو ما كشف عن صعوبة تواجد هكذا قوى معارضة كشريكة في الحلّ السياسي تمتاز بالقرار المستقلّ البعيد عن التأثير الخارجي، بل والتبعية في مسمّياتها المتعدّدة من ائتلاف إلى هيئات ومنظمات غابت بالمطلق عن الاستقلالية، وباتت صدى للأفكار الغربية حول ما يجري في سورية، فكيف يمكن للحكومة السورية أن تعتبر مَن جاهر بطلب التدخل الأجنبي واستجدى قوات الناتو لضرب سورية شريكاً سورياً في حلّ الأزمة؟

ربما يستغرب الكثيرون ممّن لا يدركون خفايا التفكير السوري صمود سورية لخمس سنوات في وجه حرب أميركية المضمون والفكر، وإنٍ بدت متعددة الأشكال، وربما يبدو إدراك القيادة السورية للعقلية الأميركية القائمة على إبقاء الأمور تسير باتجاه الفوضى، وإضعاف الدول واستخدام دمى تسمح للإرهاب بالتمدّد دون أن ينتصر، ما سمح لسورية بإدارة المعركة وفق هذه الرؤية، بحيث واجهت المجموعات الإرهابية التي أدركت أنها امتداد للأميركي وللعدو الإسرائيلي، فوزعت جهود المواجهة بما ينسجم مع خطة العدو وبما لا يرهق الجيش السوري، وهو ما قد يجيب على تساؤلات الشارع السوري حول تأخر الحسم في معارك يراها قاب قوسين أو أدنى من الحسم، وربما ولّد ذلك نوعاً من التململ في المزاج العام السوري في صفوف المدافعين عن سورية والذين وصفهم الرئيس الأسد بكلّ من ساهم بزيادة مناعة الوطن وتقويته وإبقائه صامداً في وجه الهجمات، لينهي جدلاً أثارته وسائل الإعلام حول تصريح سابق للرئيس عن حق الانتماء السوري لحاملي السلاح ليؤكد الأسد بأنّ الوطن ملك لكلّ أبنائه الأوفياء في أيّ مكان تواجدوا في الداخل السوري أو خارج الحدود.

على مدى سنوات الأزمة السورية وتوالي المبعوثين والتشابه في السلوك وتكرار توجيه الاتهامات للدولة السورية التي لا تزال تتعامل معها، قدّم الرئيس الأسد خلاصة الرؤية السورية التي تعلم عدم حياديته، لأنّ الحياد كفيل بعدم موافقة الغرب على إرساله ما يسهّل على سورية كشف تبعيته وعدم جديته ما يمنحها المزيد من التأييد والدعم.

في التحالفات السورية بدا الرئيس بشار الأسد شديد الوضوح والصراحة بارتياحه إلى التحالفات السورية مع روسيا وإيران، والمبنية على أرضية صلبة قائمة على الندية واحترام السيادة لا على التبعية والاستعراض السياسي، البعيدة عن أخلاقيات التعاطي كما في التعاطي الأميركي مع حلفائها الذين حوّلتهم إلى دمى متنقلة وأوراق تحرق حين انتهاء الحاجة.

حديث الرئيس الأسد عدا عن كونه عكس الثقة بالنصر فقد وضع قواعد التعاطي السوري مع قادمات الأيام ورسم مسار التحالفات السورية.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى