مساعي بري تعيد نبض الحكومة بقرارات متفق عليها ومقاطعة لا استقالة عون نحو معادلة شارع لا تفجّر… وسلام يؤجل الجلسات لإنضاج الحلول

كتب المحرر السياسي

رغم المشاغبة التي أصرّ عليها تيار المستقبل بالإصرار على ربط التسوية التي أعادت التوافق الحكومي بتوقيع وزراء تكتل التغيير والإصلاح وحزب الله على المراسيم المجمّدة، بدلاً من ممارسة حقهم بالتوقيع من عدمه، لم تسقط الحكومة، واكتفى حزب الله والتيار الوطني الحر بمقاطعة لا تتحوّل استقالة، بالتوازي مع ضوابط وضعها رئيس مجلس النواب نبيه بري لعدم وقوع أي استفزاز في المقرّرات الحكومية يؤدّي إلى المزيد من التصعيد، فمرّت الجلسة بسلام لأنّ رئيس الحكومة تمام سلام احترم ضوابط بري المرفقة بتنبيهات

دولية وإقليمية مضمونها التحذير من عبث يؤدّي إلى انفراط عقد الحكومة ومن ورائها ضوابط الاستقرار، ودخول لبنان في وضع لا يريد الغرب له أن يؤثر على مناخات التسويات التي يجري طبخها في المنطقة.

أولى المؤشرات الإقليمية وأهمّها، كان التسليم التركي بانتهاء معركة الزبداني، وقبول التفاوض على ما يسمّيه هدنة، وهو في الواقع هزيمة مغلفة بمنح المسلحين المتبقين في الزبداني فرصة الانسحاب إلى شمال سورية بسلاحهم الفردي فقط بعدما صاروا تحت النار محاصرين في رقعة لا تزيد عن كيلومترم ربع واحد، وفي المقابل تعهّد تركي بفك الحصار عن بلدتي الفوعا وكفريا في ريف إدلب.

في مناخ التغيير النوعي الذي سيحمله بسط سيطرة الجيش السوري في الزبداني، وما سيترتب على واقع الحدود اللبنانية السورية، استطراداً نحو البلدات الحدودية التي بقيت فيها مجموعات محدودة من المسلحين قياساً بالزبداني، يتوقع أن تتداعى الانسحابات المشابهة وصولاً إلى وضع عرسال تحت المجهر، حيث سيصير استحقاقها أقرب بكثير من ذي قبل، وسيصير المفاوض التركي أشدّ أهمية لحكومته من الرهان على التصعيد الذي جرّب ولم يجلب إلا الخسائر، ما قد يجعل حلّ قضية العسكريين المخطوفين أقرب من ذي قبل أيضاً.

الداخل اللبناني سيكون على موعد مع هذه الاستحقاقات وعيون رعاة الاستقرار الحكومي ستكون على هذه التطورات أكثر مما سيهمّها كيف تنتهي تفاصيل الخلاف الحكومي الذي يبقى المهمّ منه مجرد بقاء الحكومة كمظلة لتأكيد الحفاظ على الاستقرار واحترام قواعد اللعبة التي لا تخرج أحداً من الحلبة بوهم التفرد فتأخذ لبنان إلى المحظور.

لبنان الذي يبدو على طريق تخطي المحنة الحكومية يبدو أيضاً على موعد مع خطوات هادئة في الشارع والسياسة تتفادى الانزلاق إلى موجة جديدة من التصعيد بانتظار تداعيات مرحلة ما بعد الزبداني.

التحركات العونية ومطلب الشراكة الحقيقية

تتضح الخطوات التصعيدية لتكتل التغيير والإصلاح اليوم في المؤتمر الصحافي الذي يعقده رئيس التكتل العماد ميشال عون عند الحادية عشر من قبل ظهر اليوم. وسيكرر العماد عون موقفه من ضرورة إقرار قانون انتخابي تجري على أساسه انتخابات نيابية تسبق الانتخابات الرئاسية وسيؤكد العماد عون على صلاحيات رئيس الجمهورية وعدم السماح بانتهاكها بعد الآن لا سيما بعد فضيحة توقيع المراسيم الـ70، وسيدعو عون مناصري التيار الوطني الحر إلى التظاهر يوم السبت بمعزل عن حركة الاحتجاج التي تقودها بعض الجمعيات. ولفتت مصادر مطلعة إلى «أن التحرك العوني اعتراضاً على الأوضاع المزرية ويأتي في سياق أكبر ويرتبط بمطلب الشراكة الحقيقية الذي جرى الالتفاف عليه، ومن أجل الضغط لتمرير موضوع ترقية العمداء إلى رتبة لواء الذي وافق عليه رئيس التكتل إلا أن دونه عقبات لوجستية ومالية ويحتاج إلى تغيير في قانون الدفاع وفي هيكلية الجيش وهذا يتطلب الكثير من الوقت. وشددت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء على «أن حزب الله لن يشارك في تظاهرات يوم غد السبت التي تقودها بعض الجمعيات بقرار رسمي، لكن من غير المستبعد الحضور في شكل فردي».

خريطة الطريق للمرحلة المقبلة بين عون والراعي

وعشية المؤتمر الصحافي زار رئيس تكتل التغيير والإصلاح البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي حيث عرضا على مدى ساعتين الأوضاع العامة في البلاد، لا سيما موضوع الاستحقاق الرئاسي وعمل الحكومة. وكان تشديد على «ضرورة التواصل مع الأطراف كافة من أجل التوصل إلى حلول تصون الوحدة اللبنانية والميثاق الوطني». وأكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» «أن اجتماع الراعي وعون بحث في كل المشاكل والقضايا الدستورية والميثاقية المرتبطة برئاسة الجمهورية ومجلس النواب والحكومة والإجحاف الحاصل بحق المسيحيين». ولفتت المصادر إلى «أن عون وضع الراعي في أجواء خريطة الطريق للمرحلة المقبلة التي تهم اللبنانيين في شكل عام والمسيحيين في شكل الخاص والتي يجب أن يكون البطريرك أجوائها.

المقاطعة رسالة

وكان مجلس الوزراء انعقد في السراي الحكومية برئاسة الرئيس سلام وسط مقاطعة وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله والطاشناق وتيار المردة، وقرر استكمال البحث بموضوع معالجة النفايات وتكليف وزارة الداخلية الطلب من البلديات الإبلاغ عن استعدادها لتحمل المسؤولية، ومواصلة المساعي لإيجاد المطامر وتجهيزها لإزالة النفايات من الشارع، وإنجاز المراسيم لتوزيع مخصصات البلديات. وافق المجلس على فتح اعتمادات لتغطية الرواتب وتأمين التغذية للجيش، والموافقة على الهبات، وتكليف وزير الأشغال العامة غازي زعيتر ووزير العدل أشرف ريفي لتسمية مكتب محاماة للدفاع عن الدولة بالدعوى المقدمة من عبد الجاعوني، والموافقة على إصدار سندت خزينة بالعملة الأجنبية.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن عدم حضور وزراء حزب الله و»التغيير والإصلاح» جلسة مجلس الوزراء أمس كان بمثابة توجيه رسالة إلى المكونات الحكومية التي حضرت الجلسة أمس، إننا لن نسمح بالتهميش». ولفتت المصادر إلى أن قرار المقاطعة اتخذ خلال الاجتماع الذي عقده عون مع حلفائه في حزب الله والمرده والطاشناق مساء أول من أمس وبحث في الحراك الذي ستشهده الساحة الداخلية في الساعات المقبلة».

ولفتت المصادر إلى «أن قرار المقاطعة كان نتيجة محاولة تيار المستقبل الضغط على رئيس الحكومة ووضع الجميع أمام الأمر الواقع لفصل المراسيم عن موضوع جلسة الحكومة باعتبار أن المراسيم التي لم تتخذ في مجلس الوزراء تبقى خارج صلاحيات مجلس الوزراء وليس من الضروري طرحها في الجلسة، الأمر الذي أحرج رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي هو صاحب مبادرة عدم نشر المراسيم، وأثار غضب العماد عون الذي اعتبر أن هناك لعبة جديدة تحاك ضده داخل الحكومة فأحجم عن الحضور وتضامن حزب الله معه». ولفتت المصادر إلى «أن الرئيس بري أدرك أن سياسة التقاط العصا من طرفيها أمر لا يجدي ما اضطره التمني على سلام عدم الدعوة إلى جلسات، فهو بات مضطراً أن لا يشارك في الجلسات بخاصة أن بعض الأفرقاء داخل 8 آذار والتيار الوطني حملوه المسؤولية توقيع المراسيم من دون اتفاق، لا سيما أن وزير المال علي حسن خليل كان بإمكانه وحده أن يوقف هذه المراسيم».

وكان لافتاً الاتصال الذي أجراه النائب وليد جنبلاط بالعماد عون للبحث في الأوضاع المستجدة على الصعيد الحكومي.

التواطؤ المفضوح

وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» «أن جلسة مجلس الوزراء أمس كانت جلسة التواطؤ المفضوح، فوزراء تكتل التغيير والإصلاح وحزب الله اتخذوا قرار المقاطعة عن قصد، فهم لا يريدون حضور جلسة تصدر عنها قرارات، بعدما أعلنوا أنهم لن يقبلوا ببحث أي بند قبل التعيينات وفي الوقت نفسه هم مقتنعون بضرورة تمرير رواتب العسكريين والقطاع العام والهبات واليوروبوند».

ولفت إلى «أن التيار الوطني الحر يحمل الرئيس سلام مسؤولية التعيينات العسكرية والتمديد على رغم أنه يعلم أن المشكلة ليست عند رئيس الحكومة إنما عند رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الرافض تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش، ولو كان موافقاً ومؤيداً للطرح لكان الأمر سلك المسار الطبيعي والسريع في جلسة مجلس الوزراء».

واعتبر «أن الثابت الوحيد في البلد والمتبقي هي المرافق الحيوية كالمطار والمرفأ والمصارف والمستشفيات كونها تشكل عاملاً ضرورياً في حياة الطبقة السياسية الحاكمة».

واعتبر وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج لـ«البناء» أن مجلس الوزراء هو مجلس ائتلافي وتصدر القرارات عنه بالتوافق، لكننا وصلنا إلى مرحلة لم نعد نستطيع تأجيل الجلسات، فلبنان بحاجة إلى إقرار اليوروبوند لدفع مستحقاته والهبات لو لم تقر لكانت ضاعت على لبنان، هذا فضلاً عن رواتب القطاع العام ومستحقات العسكريين. ولفت دو فريج إلى «أن رئيس الحكومة لن يدعو إلى جلسة في القريب، فهو سيعطي مجالاً لمبادرة الرئيس بري». وأملاً من العماد عون الابتعاد عن الشارع، الذي من الممكن أن يدفع إلى التوتر والتحريض المذهبي، فأي اصطدام جديد مع القوى الأمنية أو أي استهداف جديد لسوليدير سيأزم الوضع أمنياً وسأل: «هل المطلوب انفجار الوضع تمهيداً لعقد مؤتمر تأسيسي جديد؟ وهل المثالثة ستؤدي إلى الشراكة»، مضيفاً: «إن مطالب الشراكة الحقيقية تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية يحظى بالتوافق ويؤمن الشراكة الوطنية الفعلية».

الكتائب: الأوضاع لا تسمح لنا بالبقاء في الحكومة

وأكد وزير العمل سجعان قزي «انه يجب البحث عن كيفية المحافظة على بقاء الحكومة عن كيفية بقائنا كوزراء كتائب في الحكومة»، مشيراً إلى أن «الأوضاع لا تسمح لنا البقاء، فما يحصل ليس بالأمر العابر، ما يجري ليس تظاهرة لسلسلة الرتب والرواتب، ولا تظاهرة لعودة العسكريين المخطوفين. ما يحصل في الشارع محاولة لابتداع الربيع العربي ولذلك لا يمكن إلا اتخاذ قرار حول النفايات قبل السبت، فوزيرا الدفاع والداخلية لديهما معطيات وتقارير حول ما يمكن أن يحصل.

وفي سياق متصل، نفذ شبان من مجموعة «بدنا نحاسب»وقفة في ساحة رياض الصلح تحضيراً لتظاهرة السبت احتجاجاً على أزمة النفايات. وارتفعت صرخة أهالي عكار ضد نواب المنطقة ووزير الداخلية نهاد المشنوق، حيث احتشد المواطنون وحركات المجتمع المدني في ساحة حلبا استجابة للدعوة التي أطلقتها حملة «عكار منا مزبلة» رفضاً لتحويل عكار إلى مكب للنفايات مقابل إعطائها 100 مليون دولار. وهدد المعتصمون بمنع دخول أي شاحنة إلى عكار وناشدوا الفعاليات الذين يتعرضون للضغوط من الوزارات مواكبة الحملة والتحركات.

اجتماع سني موسع الأحد وقمة روحية مسيحية الاثنين

وفيما يعقد اجتماع سني موسع يضم رؤساء ونواب ووزراء الطائفة في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الأحد المقبل، تعقد قمة روحية مسيحية في بكركي يوم الاثنين للحث على انتخاب رئيس جمهورية المدخل الأساسي لحل الأزمات العالقة.

اشتباكات ليلية في عين الحلوة

وكما في كل ليل منذ نحو أسبوع، اندلعت اشتباكات داخل مخيم عين الحلوة في حي عكبرة في الشارع الفوقاني استخدمت فيه الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية.

واعترف الإرهابي أحمد الأسير خلال استجوابه على مدى ثلاث ساعات في المحكمة العسكرية في حضور وكيله من آل عاكوم بأنه دعم مجموعة خالد حبلص بتقديمه مبلغ 250 ألف دولار وأن عناصر اشتركت في أحداث بحنين ضد الجيش ومعركة باب التبانة وجبل محسن ولم يتحفظ على أي شيء مما أدلى به في الاعترافات ا ولية في هذه القضية.

وبناء على الاعترافات أصدر قاضي التحقيق العسكري ا ول رياض أبو غيدا مذكرة توقيف وجاهية في حقه بتهم إنشاء خلايا إرهابية عدة في صيدا والتخطيط لاغتيال شخصيات سياسية ودينية وعسكرية وفي حادثة بحنين في المنية، التي نفذتها مجموعة حبلص وذلك سنداً إلى مواد الإدعاء التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

باسيل يطلق برنامجه الانتخابي

من ناحية أخرى أكد رئيس التيار الوطني الحر وزير المغتربين جبران باسيل أنّ العماد عون هو المؤسس، وشدد على أنه «سيبقى رئيسنا الزمني والأبدي»، وقال له: «أركع أمامك لتباركني لا لأكون مكانك. لأنه لا أحد يملأ مكانك». ورأى باسيل، خلال إطلاقه برنامجه الانتخابي لرئاسة التيار الوطني الحر في قصر المؤتمرات، «أن التوافق شكل من أشكال الديمقراطية، ولفت إلى أنه يسعى إليه دائماً». وأشار باسيل إلى أن التيار الوطني الحر سيتعرض للاستهداف ولمحاولة العزل وعرقلة مشاريعه، إلا أنه أكد أنه سيكمل الطريق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى