يوم السبت: ما له وما عليه

يوسف المصري

لقد تمّ حسم النقاش الطويل الذي استمرّ طيلة هذا الأسبوع بين قادة أجنحة الحراك الشعبي لمصلحة ثلاثة أمور بحسب معلومات مستقاة من داخل هيئاته المتآلفة:

الأول، هو تنفيذ اعتصام يوم السبت وليس تظاهرة، وإبقاء مكان النشاط في ساحة رياض الصلح.

كان هناك اتجاه يقترح تسيير تظاهرة تعبر من الأشرفية إلى وسط البلد، وذلك لعدة أسباب، منها رمزية العبور من المنطقتين الشرقية فالغربية، بحسب تسميات الحرب الأهلية، إلى وسط البلد حيث رمز وحدة العاصمة.

ومنها أيضاً أن التظاهرة يظلّ بالإمكان حمايتها على نحو أسهل مما هو مطلوب تجاه الاعتصام في ساحة واسعة توجد فيها خطوط تماس من الأسلاك الشائكة مع قوى الأمن الداخلي.

ومن هذه الأسباب أيضاً وأيضاً، أنّ التظاهرة تشكل تنويعاً في شكل التحرك، وتذكّر بتجربة مسيرة حملة إسقاط النظام التي سارت في بيروت قبل نحو عامين ولفتت الأنظار إلى حجم الحشود الشعبية التي شاركت فيها.

بكلام مختصر قال أنصار هذا الرأي: التظاهرة لها وقع أهمّ سياسياً وإعلامياً من الاعتصام، كما أنها تؤدي وظيفة الخروج عن تقاليد 8 و14 آذار بخصوص استخدام الاعتصام في ساحتي البلد للتعبير عن مواقفهما في المناسبات الحاسمة والمفصلية.

لكن أنصار رأي «اعتصام وفي رياض الصلح تحديداً» اعتبروا أن طريقة التعبير ومكانه، سيخدمان فكرة أن الحراك مستمر، ولم ينقطع، على رغم أنه أخذ فرصة التقاط أنفاس من يوم الاثنين الماضي حتى يوم غد السبت.

ويفطن هؤلاء إلى قضية أهمّ من وجهة نظرهم، وهي أن تنفيذ الاعتصام في رياض الصلح وبمشاركة حشود كبيرة، سيفتح الباب أمام تحويله إلى «ميدان دائم لثورة الحراك».

النقطة الثانية التي ناقشها قادة الحراك تتعلق بجَسر الخلافات بين بيئاته المدنية والسياسية المختلفة، وكلها تتعلق بالسقف السياسي للحراك: هل يجب التمرحل في رفع سقف المطالب أم يجب على الرؤية السياسية أن تسبق التكتيكات المطلبية المتدحرجة.

هذا النوع من النقاش لم تكن هناك إمكانية لحسمه نظراً لعمقه ولطبيعة البنى المشاركة فيه، فهي ليست جميعها مسيّسة، وليست جميعها لها تجربة سياسية عميقة أو حتى أحياناً قليلة، وليست جميعها من دون مرجعيات عليها أن تعود إليها ولو من باب الاستئناس برأيها.

ويعتقد أن هذا النقاش حول المفاضلة بين «سياسية» الحراك أو «مطلبيته»، وأيهما له السبق: «التمرحل في رفع السقف السياسي» أو «التمرحل في رفع السقف المطلبي»، سيستغرق وقتاً أطول، وربما سيلازم مسار الحراك في كلّ مراحله المقبلة.

النقطة الثالثة تتعلق باستنباط وسائل تنظيم أفضل للحراك. وهذه قضية يعتقد الحراك أنه أنجز نسبة مقبولة منها خلال نقاشها في الأسبوع الحالي حيث شكلت لجان حماية من شباب يرتدون ثياباً موحدة ويتوزعون على أطراف الاعتصام وفي مناطق حساسة بداخله، ويتواصلون مع بعضهم البعض عبر خلية قيادية صغيرة.

همّ التنظيم والسيطرة هو التحدّي اللوجستي الأكبر الذي يواجه الحراك الشعبي في هذه المرحلة. واعتصام يوم السبت سيظهر ما إذا كانت الإجراءات التي أقرّت كافية بنسبة معينة، أم تحتاج إلى تعديلات أو حتى أنها فاشلة بالكامل.

يبقى القول إن الحراك يواجه يوم غد السبت نوعين من التحديات الأول منها محسوب ويتعلق بقضايا لوجستية جرى التحسّب لها ولكن ليس هناك ثقة مطلقة بأنه يمكن حلها.

ونوع ثان يتصف بأنه تحديات غير محسوبة، وهي تتعلق بإمكانية حدوث أشياء سياسية أو أمنية أو لوجستية من خارج جدول التوقعات التي تمّت دراسة احتمالاتها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى