هل ستشكل الانتخابات المبكرة طوق نجاة لأردوغان

د. هدى رزق

مع إعلان المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا الأول من تشرين الثاني المقبل موعداً للانتخابات المبكرة، بعد فشل مفاوضات تشكيل ائتلاف حكومي بقيادة حزب العدالة والتنمية، قال أردوغان، الذي تعوّد على تخطي الدستور، بأنه سيقود الحملات الانتخابية للحزب، على رغم الانتقادات التي وجهت إليه من قبل المعارضة في انتخابات 7 آب الماضي، يظهر عدم ثقة بقدرات رئيس الحزب أحمد داوود أوغلو على اجتذاب الناخب التركي.

في هذه الأجواء يأتي نشر قانون الإعلام الكيفي في الجريدة الرسمية ليحدّ من نشاط المعارضة، ويسمح لوكالات ووسائل إعلام مقربة من العدالة والتنمية بممارسة عملها من دون قيود. وتعتبر الانتخابات المبكرة بمثابة فرصة جديدة لأردوغان من أجل الحصول على غالبية تتيح لحزبه تأليف حكومة منفرداً وتعديل الدستور، ويرى كثيرون أن الانتخابات المبكرة هي الحل الوحيد للخروج من الأزمة التي وقعت فيها البلاد.

يتطلع أردوغان إلى هذه الانتخابات وكأنها ستؤمّن له ولحزبه طوق نجاة. ويعتبر بعض المقربين من العدالة والتنمية، أنّ أحزاب المعارضة أخطأت برفضها المشاركة في الحكومة الانتخابية، ويتهم دولاً بعينها بالعمل على استغلال صعوبات تشكيل الحكومة لإثارة المشاكل للدولة التركية، ليس لحزب العدالة والتنمية وحكومته ورئيس الدولة فقط، بل إن المستهدف هو مشروع تركيا الدولة القوية اقتصادياً، والناشطة في السياسة الخارجية إقليمياً ودولياً، كذلك مشروع تركيا الجديدة الذي أعلن أردوغان إنجازه في 2023.

لكن استطلاعات الرأي الأولية أشارت إلى أن الانتخابات المبكرة لن تحدث تغييراً يذكر في نتائج الانتخابات الماضية، ما يعني عودة البلاد لدوامة الحكومة الائتلافية من جديد. ربما سيستمر عمل الحكومة الانتخابية إلى مرحلة لاحقة إذا لم يحسم أحد الأحزاب السياسية غالبية برلمانية في الانتخابات المقبلة. وفي سعيه لتأليف الحكومة يقلق حزب العدالة والتنمية من احتمال قيام وزراء من حزب الشعوب الديمقراطي، بتشكيل عقبة أمام أعمال هذه الحكومة، على رغم أن عددهم سيكون قليلاً، وكانت أحزاب المعارضة قد اتهمت أحمد داوود أوغلو بمحاولة اختراقها لأنه حاول تخطي قرار حزب الشعب الجمهوري والحركة القومية بالمقاطعة، وأرسل دعوات شخصية إلى نواب هذه الأحزاب للمشاركة في الحكومة. إذ استطاع كسب أحد نواب الحركة القومية إلى جانبه، الأمر الذي حمل الحزب على تخييره بين الاستقالة أو الإقالة. والجدير بالذكر أن مشاركة حزب الشعوب الديمقراطي في الحكومة الانتخابية لا يتم بشكل اختياري من قبل حزب العدالة والتنمية بل بحسب المادة 114 من الدستور، التي تشرح طريقة تشكيل الحكومة الانتخابية من كل الأحزاب السياسية المشاركة في البرلمان، حيث يكون عدد الوزراء من كل حزب بنفس النسبة لعدد النواب في البرلمان، ولقد أكد حزب الشعوب الديمقراطي المشاركة في الحكومة الانتخابية فهو مستعد لهذه الانتخابات البرلمانية المبكرة، التي ستجرى في الأول من تشرين الثاني المقبل، وسيشارك بثلاثة وزراء. كما أنه أكد أنه سيسعى إلى توفير الأمن والسلام وتأمين العملية الانتخابية في هذه الأجواء المتأزمة، من أجل تحقيق العدالة وأفصح مسؤولو الحزب عن نيتهم عدم ترك الساحة لحزب العدالة والتنمية، لا سيما للذين لا يرغبون له أي حضور في أي ساحة ويحاولون تهميشه وإقصاءه، يطمح الحزب للعب دور بارز في البلاد كما يبدو بعد أن أبرزت الأحداث أن المعركة الانتخابية هي بين حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العدالة والتنمية، إذ إنها تأتي في أجواء الحرب التي فتحت بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني والتي تبدو واضحة التأثير في اثنتي عشرة محافظة في جنوب شرقي تركيا، حيث تعيش أكثرية كردية. وفي محاولة للعب على الهويات الاثنية لنواب حزب الشعوب الديمقراطي حاول داود أوغلو اختيار ثلاثة أعضاء من غير الأكراد لتولي حقائب وزارية، رفضت بالإجماع، كذلك اعرضت شخصيات من الحزب الجمهوري عن المشاركة واعتبرت أن ما قام به أوغلو هو بمثابة محاولة إهانة لقرار أحزاب المعارضة. لا يعدم كل من أوغلو وأردوغان وسيلة لعدم ذهابهما إلى حكومة تضمهما وجهاً لوجه مع حزب الشعوب الديمقراطي إضافة إلى عدد من التكنوقراط. فأردوغان حاول رفع الغطاء عن الحزب، واعتقلت الحكومة عدداً من أعضائه واتهمتهم بتغطية ضربات العمال الكردستاني. إلا أن الحزب دعا الحكومة الى العودة إلى محادثات السلام مع الأكراد وحقن دماء الأتراك الذين يذهبون ضحية سياسة إعادة الانتخابات. سيحاول حزب العدالة والتنمية في 12 أيلول الدعوة الى إعادة النظر بسياساته وتصحيح مكامن الخطأ التي سادت في المرحلة الماضية حيث سيعلن بدء العملية الانتخابية وتحريك ماكيناته الانتخابية. في وقت أعلن أردوغان أن هذه الانتخابات هي بين الدولة أي حزب العدالة والتنمية أو الإرهاب في إشارة إلى الأحزاب التي لم توجه إدانة إلى العمال الكردستاني أي حزب الشعوب الديمقراطي. وبهذا يضع المواطن الكردي في موقع الانفصالي والإرهابي إن هو أعطى صوته لهذا الحزب. يبدو أن الوضع التركي المهتز أمنياً وسياسياً سيواجه في المرحلة المقبلة عثرات في ظل الحرب التي أعلنها التحالف على داعش، والتي تتطلب من الحكومة مشاركة جدية يطالب الأميركي بتطبيقها عملياً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى