ماذا يريد المغتربون السوريون؟ الكويت تستحق التقدير والاحترام

تامر يوسف بلبيسي

منذ بدايات الأزمة في بلدنا الحبيب سورية ونحن المغتربون السوريون في الكويت نتابع مواقف الشعب والدولة وأمير البلاد، ونعرف أنّ سفارتنا كانت تفعل ذلك بصورة أفضل مما نفعل.

لا نتوقف أمام السياسة التي لها حساباتها وتحالفاتها والتزاماتها، بالنسبة إلى بلد صغير مثل الكويت هو جزء من مجلس التعاون الخليجي الذي اتخذ سياسة معينة تجاه ما يجري في سورية، والكويت بلد عانى من تأثيرات تبدّل الظروف والمحيط، ووقع تحت خطر الضياع في مرحلة الغزو العراقي، ويقيم حساباً لما قدّمه أشقاؤه في الخليج، وما يعتبره أهمية تحالفه مع الغرب في استعادة البلد وسيادته، لكن أينما ذهبت في الكويت لا ينسى أحد أنّ سورية كانت الرقم المميّز في التحالف الذي أعاد الاعتبار لدولتها وسيادتها، ولا ينسى أحد ذكر سورية بالخير كشقيق فاعل في حرب تحرير الكويت.

على رغم كلّ مناخات التصعيد التي عصفت بالمنطقة، وعلى رغم مناخات التطرف التي اجتاحت بلدان عربية وإسلامية، وعنوانها الشراكة في القتال ضدّ الدولة السورية أو دعم هذا القتال إعلامياً ومالياً، لم تتعرّض الجالية السورية في الكويت وهي في غالبيتها من الواقفين وراء الدولة والجيش والرئيس بشار الأسد لأيّ مضايقات ولم تلمس أيّ قيود على حركتها، وكان يوم الاستفتاء على انتخاب الرئيس يوماً مشهوداً في توجه السوريين إلى بلدهم، ومعلوم أنهم ذاهبون ليقولوا نعم للرئيس بشار الأسد، فلم يحدث شيء مما حدث في بلدان تتحدّث ليل نهار عن الديمقراطية ولاحقت السوريين الراغبين بالذهاب لبلدهم، وضيّقت عليهم وأوصلت لهم رسائل تتصل بمصدر رزقهم، ولم تتردّد بإعلان المنع أحياناً واشتراط الإذن المسبق للذاهبين إلى سورية، بينما كانت كلّ التسهيلات تقدّم للذاهبين للقتال من المتطرفين، بينما لم يشعر واحد من الرعايا السوريين في الكويت من الذين ذهبوا للمشاركة في الاستفتاء أنه موضع إحراج أو مساءلة.

تلتقي جماعات من الجالية في سفارة بلدنا سورية وخارجها، وتتداول في كيفية دعم بلدها وتسعى من موقع شعورها بالمسؤولية تجاه البلد المضيف أن يتمّ ذلك بمعرفة السلطات من دون أن يشعر القيّمون أو الداعون لمثل هذه اللقاءات أنهم يفعلون شيئاً لا ينال رضى السلطات وقد يعرّضهم لأي مساءلة أو إزعاج.

في المقابل، ينال المعارضون نصيبهم من التسهيلات طبعاً، وهذا مفهوم حياد دولة الكويت بين السوريين من مؤيدين ومعارضين، بينما دول أخرى سلمت سفارات بلدنا لمعارضين ومنعت المؤيدين من إقامة أي نشاط بصورة شرعية وهي تدّعي الديمقراطية.

مع تحوّل السمة الرئيسية للأزمة في سورية إلى حرب بين الدولة والإرهاب، وظهور الإرهاب نفسه ليضرب في الكويت شعرنا بوحدة الدم والمصير مع أشقائنا الكويتيين، وبدأنا نشعر بمزيد من تعاطفهم مع محنتنا ووقفتنا، ويرون الحرب واحدة، وكم كانت لفتة أمير البلاد ذات قيمة عندما زار الأماكن المستهدفة مؤكداً الوحدة الوطنية في وجه خطر الفتنة التي بات واضحاً أنها تستهدف الكويت كما تستهدف سورية.

في الإعلام الكويتي الحرّ وفي البرلمان الكويتي الحرّ نجد أصواتاً تناوئ حكومة بلدنا وتتهجم عليها، لكننا نسمع ونقرأ لأصوات تقف بقوة مع بلدنا وتنتصر له في المعركة الواحدة لدول منطقتنا في وجه التطرف والإرهاب.

لا يريد السوريون المغتربون من أي بلد مضيف إلا أن يتيح لهم الحرية لتحديد خياراتهم تجاه ما يجري في بلدهم، وألا يشعروا أنّ مصدر رزقهم مرهون لدعمهم لخيار محدّد بعينه، وأن يقابلوا ذلك بالتأكيد بالالتزام المطلق بقوانين البلد المضيف والحرص على أمنه وسيادته واحترام دولته وحقها في اتخاذ مواقف تتناسب مع مصالحها، ويريدون أن يشعروا تمييزاً بين الخلاف السياسي المشروع والطبيعي باختلاف مصالح الدول وتحالفاتها وبين المصلحة العليا للبشرية والإنسانية بمحاربة الإرهاب أياً كانت الخلافات السياسية بين الدول والحكومات.

عندما يشارك المغتربون السوريون في الكويت أشقاءهم وحكومة وأمير البلد المضيف أعيادهم وأفراحهم وأحزانهم يشعرون بأنهم يفعلون ذلك باسم سورية البلد العربي الذي لا يملك إلا الحب وتمني الخير لكلّ أشقائه العرب، لكنهم في الكويت يشعرون أنهم يفعلون ذلك بفرح، ليس لأنهم مدينون لهذا البلد الذي استقبلهم وكرّمهم وفتح لهم أبواب العيش الكريم فيه فقط، بل لأنهم يكتشفون أنهم يجدون فيه ما يتطلع كلّ المغتربون السوريون لأن يجدوه في البلاد المضيفة لهم.

تحية للكويت شعباً وحكومة وجيشاً وأميراً.

مغترب عربي سوري في الكويت

رئيس مجلس إدارة قناة «زنوبيا» الفضائية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى