على «إسرائيل» تغيير استراتيجيتها لتستغلّ الاتفاق النووي مع إيران لمصلحتها

كتب آفنر غولوب في صحيفة «معاريف» العبرية:

على مدى المفاوضات مع إيران، شدّد الرئيس الأميركي باراك أوباما على غياب صفقة أفضل من الصفقة السيئة. ولكن في المفاوضات، بوعي أو بغير وعي، خلق الرئيس الأميركي واقعاً تكون فيه الصفقة السيئة مفضلة على انعدام الصفقة.

بعيون «إسرائيلية»، إنّ الصفقة التي وقّع عليها الرئيس صفقة سيئة كونها لا تمنع طريق إيران نحو القنبلة ـ المعيار الذي حدّده الرئيس نفسه في نيسان الماضي. إيران هي دولة حافة نووية منذ بضع سنوات، ولكن الاتفاق يمنحها الشرعية الدولية، للمرّة الأولى. كما أنّ الاتفاق يعظّم مكانة إيران في المنطقة، ومن المتوقّع أن يؤدّي إلى زيادة دعمها الإرهاب وضعضعة الاستقرار في المنطقة، في الأماكن التي بقيت مستقرّة. ومع ذلك، فإنّ ادّعاء الرئيس الأميركي يبقى على حاله: بدائل الاتفاق ـ الهجوم العسكري، عرقلة الاتفاق في الكونغرس وتشديد العقوبات على إيران، فيما تعتبر الولايات المتحدة كمن يمنع الاتفاق، والتسليم بإيران نووية ـ بدائل أسوأ من الاتفاق السيئ. وذلك لأن الولايات المتحدة لم تتمكن من أن تخلق مع حلفائها اتفاقاً على معايير أفضل للاتفاق، وعلى عمل مشترك في حال عدم موافقة إيران عليها. عندما توقع حليفتا الولايات المتحدة ـ روسيا والصين ـ على الاتفاق الحالي، فإنّ الاتفاق السيئ أيضاً أفضل من انعدام الاتفاق.

هذا هو الواقع الذي يجب على «إسرائيل» أن تواجهه، بينما في جعبتها بديلان للشهرين المقبلين: مكافحة الاتفاق السيئ في إطار المداولات في الكونغرس الأميركي أو التسليم بالاتفاق والاستعداد للواقع الجديد والخطير الذي يخلقه. خطاب رئيس الوزراء إلى الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة هو مؤشر على أنه يختار البديل الاول.

لقد نجحت الاستراتيجية «الإسرائيلية» التي تعارض الاتفاق مع إيران في بداية الحملة في عزل إيران، ولكنها أدّت لاحقاً إلى عزلة «إسرائيل» بالذات وإبعادها عن حليفتها المركزية ـ الولايات المتحدة. وذلك في وقتٍ عادت إيران إلى حضن الأسرة الدولية. وحتى لو نجح هذه الصراع أو فشل، ستكون «إسرائيل» مطالَبة بأن تعيد بناء العلاقات مع الولايات المتحدة.

على «إسرائيل» أن تطوّر حواراً حميماً مع الإدارة الحالية يُعنى بتنسيق خطط العمل في حال انتهاك إيران الاتفاق، مضافاً إليه تعاون استخباري غير مسبوق يمكنه أن يعطي جواباً على «الثقوب» في الرقابة على البرنامج النووي الإيراني. على «إسرائيل» أن تدفع إلى الأمام بتعاون أمنيّ يحسّن القدرات «الإسرائيلية» في مواجهة فروع إيران في المنطقة ـ لا سيما حزب الله في الشمال و«حماس» في الجنوب. في قلب هذه المسألة يجب العمل على التحسين الكبير لقدرات الدفاع الإيجابية متعدّدة الطبقات لدولة «إسرائيل» وضمان تفوّقها النوعي مقابل جيرانها. على «إسرائيل» أن تدفع نحو حملة أميركية ضدّ خطة الصواريخ الإيرانية بحيث لا تتمكن إيران من تطوير قدرة على حمل رأس متفجرة نووية. هذه القدرة حرجة لإيران كي تصبح قوّة عظمى نووية، إذا ما قرّرت تطوير قنبلة نووية.

وأخيراً، على «إسرائيل» أن تعمل مع الولايات المتحدة على تحسين الخيار العسكري «الإسرائيلي»، بحيث أنّه عندما ترفع معظم قيود الاتفاق عن البرنامج النووي الإيراني، تكون لـ«إسرائيل» القدرة على الردّ السريع والناجع على كلّ محاولة إيرانية للتسلح بالسلاح النووي.

لـ«إسرائيل» قدرة محدودة جدّاً على وقف ميل تعزّز قوة إيران في المنطقة. والقرار الأساس الذي تقف أمامه، هل ستكون في هذا الواقع الخطير وحدها تقريباً أم ستعمل بالتعاون مع حلفائها، لا سيما مع الولايات المتحدة. وفقط إذا ما غيّرت «إسرائيل» استراتيجيتها وأعادت بناء علاقاتها مع الولايات المتحدة، ستتمكن من أن تضمن أن يعمل الزمن الذي «اشتراه» الرئيس الأميركي من خلال التوقيع على الاتفاق مع إيران في مصلحتها. أمّا إذا فشلت، فإنّ الاتفاق السيئ قد يصبح سيئاً جدّاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى