عن الدور العُماني في حلّ الأزمة السورية

حميدي العبدالله

منذ أن استقبلت سلطنة عُمان وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في أول لقاء علني بين وزير خارجية دولة عربية منذ أن قرّرت الجامعة العربية تجميد عضوية سورية فيها، سادت تكهنات كثيرة وطرحت أسئلة حول ماهية الدور العماني في حلّ الأزمة في سورية.

بداية، تجدر الإشارة إلى أنّ هذا اللقاء العلني وعلى هذا المستوى، لا يعني أنه صاعقة في سماء صافية، أي لا يمكن عزله عن احتمال وجود اتصالات مباشرة وغير مباشرة على مستويات أخرى بين سورية وعُمان أدت إلى عقد هذا اللقاء العلني، كما لا يمكن فصله عن المناخ الإقليمي والدولي الذي يحيط بالأزمة السورية، فمناخ عام 2015 يختلف جذرياً عن ما كان سائداً في الأعوام الأربعة الماضية، وهي عمر الحرب على سورية.

ويمكن الاستنتاج، بوضوح ومن دون أي تردّد، أنّ لقاء مسقط بين وزير خارجية سورية ووزير خارجية عُمان هو ثمرة هذا المناخ الإقليمي والدولي الجديد. ويتميز هذا المناخ بسمات تضغط جميعها باتجاه البحث عن حلّ للأزمة السورية خارج الرهانات التي سادت في السنوات الأربع الماضية. من بين هذه السمات فشل محاولات الغرب في إسقاط الدولة أو «النظام السوري»، على الرغم من الحشد الكبير الذي جمعته الولايات المتحدة في هذه السنوات، وطالما أنّ الدولة أو «النظام» قد صمد طيلة الفترة السابقة في مواجهة الحرب مع ما توفر له من قوى، فإنّ الرهان على إسقاط الدولة الآن بات وهماً بوهم، كما أنّ من بين هذه السمات حدوث تحولات أثرت على مواقف الدول الإقليمية الكبرى المحركة للحرب على سورية، بدءاً بخروج الإخوان المسلمين من الحكم في مصر وتونس ومجيء حكومات تدعو إلى حلّ سياسي في سورية، مروراً باندلاع الحرب اليمنية، وما رتبته هذه الحرب من أولويات على دولة كانت تلعب دوراً محورياً في الحرب على سورية عسكرياً وسياسياً وإعلامياً ومالياً هي حكومة المملكة العربية السعودية، وانتهاءً بنتائج انتخابات 7 حزيران في تركيا وعودة المواجهة المسلحة بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي، الأمر الذي أربك حكومة حزب العدالة والتنمية، الأكثر اندفاعاً في الحرب على سورية، وغير أولوياتها. كما أنّ من بين السمات ارتداد الإرهاب على مشغليه وداعميه، وتجلى ذلك في الهجمات التي استهدفت السعودية وفرنسا، إضافة إلى الهجمات التي استهدفت الكويت وتونس، حيث بات خطر الإرهاب يهدّد دولاً حليفة للولايات المتحدة، المحرك الرئيسي للحرب على سورية.

هذا المناخ الإقليمي الجديد بسماته الثلاث، مضافة إليها نتائج الاتفاق حول ملف إيران النووي، وتراجع حدة العداء بين الولايات المتحدة وإيران، حيث كان لهذا العداء دوراً كبيراً في الحرب على سورية التي استهدفت لأنها حليف لإيران، يفتح مساراً جدياً للبحث عن حلّ سياسي للأزمة في سورية، وإذا كانت مبادرات البحث عن حلّ لهذه الأزمة انطلقت حصراً من روسيا، فهناك أكثر من طرف بات يسعى اليوم إلى مساندة وإكمال المبادرات الروسية، ويمكن وضع استضافة مصر لبعض أطراف المعارضة، إضافة إلى ما تقوم به الديبلوماسية العُمانية في هذا السياق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى