… والآن ستصدر الأوامر الأميركيّة لإعادة فتح السّفارات السّوريّة

توفيق بن رمضان

بعد أن اتّخذ السّيد الأميركي قراره بالقبول بتشريك الرئيس السوري وتراجعه عن الرغبة في إزاحته ورحيله، تسارعت قرارات القادة من عاصمة إلى أخرى بالتعبير عن قبولهم بتشريك الأسد في المرحلة الانتقالية، وآخر مَن صرّح بهذا «الشيخ» راشد الغنوشي، وأقول له المقولة التونسية: «يا شيخ شكون سمعك وشكون سألك عن رأيك… فهذه لعبة كبار…»

فبعد أن صرّح وزير الخارجية الإسباني ومهّد الطريق أمام الجميع، «وأغلب الظن أنّ الحكاية منسّقة ومحبوكة في ما بينهم»، خاصة بعد اقتناعهم باستحالة إسقاط الدولة السورية، مع اشتداد ضغط موجة النّازحين السوريين على أوروبا، فقد تتالت التصريحات ونطق رئيس الوزراء البريطاني وغيره من قادة الغرب ولحقهم الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته فابيوس صاحب قضيّة الدّماء الملوّثة بفيروس السيدا في ثمانينيات القرن الماضي، والذي كان بالأمس القريب مع رئيسه هولاند من أكبر المحرّضين على النظام والرئيس السوريين، وآخر الملتحقين بهم الرئيس التركي أردوغان ومن قلب العاصمة الروسية وبحضور الرئيس بوتين زعيم الدّاعمين لسورية ودولتها وقيادتها وجيشها، وهذا فيه رمزيّة كبيرة لمن يفقَهُ.

وكما سارعوا سابقاً في تطبيق الأوامر الصّهيو- أميركية بإقفال السّفارات السّورية في بعض العواصم الغربيّة، وقد نُفّذ هذا الأمر بسرعة البرق في أغلب العواصم العربيّة، وقد تزعّمت تونس «الثّويرة» كلّ الدّول، فكانت السبّاقة في دعم هذا القرار بتنظيم مؤتمر من أجل التحشيد ضدّ النظام السوري، وقد اتخذت قرارات غلق السفارات، وقطعت العلاقات بين تونس وسورية دون اعتبار للمصالح الوطنيّة أو مراعاة لظروف المغتربين في الدّولتين الشقيقتين.

وفي الحقيقة هي أوامر صهيونية قبل أن تكون أوامر وقرارات أميركيّة، لأنّ الفوضى إذا عمّت في سورية ستكون «إسرائيل» أكبر المستفيدين منها. ومنذ عقود أي مراقب بسيط يعرف جيّداً أنّ الإدارات الأميركيّة المتعاقبة لا تقرّر شيئاً، بل هي تتماهى وتأتمر بأوامر الدّوائر الصهيونية، وهي منذ مدّة ترزح تحت التّأثير والهيمنة «الإسرائيليين»، كما أنّ الكثير من القادة والسّاسة في أميركا والدّول الغربيّة تجدهم يجتهدون في إرضاء الصّهاينة حتّى وإنْ كان على حساب مصالح دولهم وشعوبهم، خدمة للصّهيونيّة العالميّة في دول الغرب و»إسرائيل».

ولكن ولله الحمد هذا الأمر لن يدوم طويلاً، فشعوب الغرب بدأت تضيق ذرعاً من نفوذ الصّهاينة الذي أصبح مكشوفاً ومزعجاً، وقد بدأ التّململ، كما أنّ نفوذ اليهود بدأ يضعف بحكم الانفتاح الإعلامي واستحالة تمكّنهم من السّيطرة على منظومات التّواصل والاتصال العالمية، بعد انتشار منظومات التواصل الاجتماعي التّي سهّلت انتشار المعلومة، فلن يتمكّنوا مستقبلاً من السّيطرة والكذب والتّلاعب بالرأي العام العالمي والغربي على وجه الخصوص، لأنّ مصادر المعلومة أصبحت متاحة ومنتشرة وفي متناول جميع الشّعوب والشّرائح في جميع أنحاء العالم، كما أنّ النّفوذ العربي والإسلامي بدأ يكبر بشكل تصاعدي في دول الغرب، مع أنّ العرب والمسلمين اليوم ليسوا كعرب ومسلمي القرن الماضي.

وبعد الاستجابة البرقيّة بغلق السّفارات السّوريّة في أغلب الدّول العربيّة، ها هم يستجيبون للأوامر الأميركيّة في القبول بتشريك الرئيس بشّار الأسد في المرحلة الانتقالية، ولا شكّ في أنّ الأوامر ستصدر قريباً من السيّد الأميركي بإعادة فتح السّفارات السّوريّة، ولا شكّ في أنّ «غلمان» العمّ سام المنبطحين في دول الغرب والعرب سيذعنون وسيستجيبون بسرعة للأوامر العليّة الصّادرة من ساكن البيت الأبيض رئيس الولايات المتّحدة الأميركيّة المذعن بدوره والمطيع لأوامر سادته من زعماء الصّهيونية العالميّة.

نائب سابق وكاتب وناشط سياسي تونسي

romdhane.taoufik yahoo.fr

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى