المرصد

هنادي عيسى

في معظم الدول العربية، كانت النقابات الفنّية ولجان متخصّصة داخل الإذاعات، ذات باع طويل في الموافقة على بثّ أغنية أو رفض أخرى، لأسباب فنية بحتة تراعي الذوق العام.

هذا الأمر صحيح، ويساعد المتلقّي في تذوّق أجمل الألحان والنغمات والشعر المغنّى والأصوات المتميّزة. وفي لبنان كما في الدول العربية، كان للّجنة الفنية في إذاعة لبنان الرسمية، دور أساس في مراقبة كلّ الأعمال الغنائية قبل أن يسمعها الشعب اللبناني.

أما في هذا العصر، فقد اختلفت المعايير. خصوصاً أنّ هناك أكثر من 15 إذاعة خاصة بإمكانها أن تبثّ للمستمع ما يحلو لها، من دون حسيب أو رقيب إذ، ولمجرد أن يحمل أيّ فنان، سواء أكان نجماً لامعاً أم طامحاً إلى النجومية، أو يهوى الغناء، أغنية جديدة وفي جيبه بضعة آلاف من الدولارات، بإمكانه أن يفرض الأغنية على المتلقي لفترة معيّنة. سواء أكانت ممتازة، جيدة أم سيئة.

منذ أربع سنوات ونيّف، يعاني المستمع العربي عموماً، واللبناني خصوصاً، أزمة فنية كبيرة. إذ إنّ الأحداث الأمنية والسياسية التي تلفّ منطقتنا العربية، أثّرت بطريقة سلبية على الفنّ وكلّ إنتاجاته. حتى أننا سمعنا في السنوات الأخيرة أعمالاً لا يمكن نعتها إلا بالتافهة وفيها الكثير من الكلمات التي تحمل إيحاءات جنسية. هذا عدا عن اعتماد معظم المطربين اللبنانيين على لون واحد من الغناء، يشبه ذلك الذي نجحت فيه عائلة «الديك» في السيطرة على السوق الغنائي.

لذا، لم يعد لأيّ أغنية وقع في الشارع. لأن النجوم أوهِموا أن المشاهدات التي يحقّقونها على الإنترنت بالملايين، هي النجاح الحقيقي. ما أصاب معظم حفلاتهم الجماهيرية بالفشل.

في لبنان نوعان من الإذاعات. إذاعات تعتمد على الدعم المادي لبثّ الأغاني، إذ تعتبرها بمثابة إعلان. وأخرى تهدف إلى انتقاء أفضل الموجود كي لا تلوّث آذان المستمعين، بعيداً عن الضغط المادي. إنما للأسف، يبقى المستمع تحت رحمة المال الذي صار يلوّث سمعه بهدف البقاء للإذاعات التي لم تعد تجد مجالاً لبقائها إلا قبول أيّ أغنية مدعومة، ولو على حساب الفنّ الحقيقيّ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى