البنتاغون أنفق مليارات الدولارات هباءً!

مُني البرنامج الأميركي المخصّص لإعداد قوات مسلحّة تخدم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا بهزيمة نكراء. وذهبت مليارات الدولارات التي أُنفقت في هذا المجال أدراج الرياح. وقد شكّكت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية بفعالية البرنامج، بينما يشكّ الخبراء في ما إذا كانت وزارة الدفاع الأميركية ـ «البنتاغون» بصدد إغلاق البرنامج ووقف التعاون العسكري.

وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما في كلمة ألقاها في «ويست بوينت» الأكاديمية العسكرية الأميركية في أيار 2014 برنامج إعداد القوات الأجنبية بالمهمة المحورية: إذ إنّ واشنطن قررت عدم إرسال فِرق كبيرة من القوات إلى مناطق مضطربة. وعوضاً عن ذلك قرّرت إرسال عدد قليل من المستشارين العسكريين والمدرّبين.

ومع ذلك، لم يُتوّج البرنامج بالنجاح: فقد أنفق البنتاغون 25 مليار دولار لتجهيز عناصر في الجيش العراقي، و65 ملياراً لتأسيس قوات الجيش والشرطة في أفغانستان، إضافة إلى 500 مليون دولار في إطار برنامج تجنيد سوريين جدد. واصطدم السعي إلى إنجاز كل هذه البرامج بمشاكل، من بينها الإدارة السيئة من قِبل القيادات وانعدام الإرادة السياسية لدى الشركاء.

من جانبه، أقر السفير الأميركي الأسبق لدى أفغانستان كارل إيكينبري بأن «إنجازاتنا في إنشاء قوى أمن في السنوات الـ15 الأخيرة لا تبعث على السرور». فقد تم إيقاف البرنامج العراقي في فترة تولّي نوري المالكي منصب رئيس الوزراء في البلاد، لأن بغداد أرسلت عدداً أقل مما كان متوقعاً من الجنود، علاوة على أن رجال الشرطة والجنود الشيعة تركوا مواقعهم وفرّوا إلى أوروبا ضمن صفوف اللاجئين.

أما في الأنبار، فكان الوضع في غاية السوء حتى أن الأمر اقتضى تطعيم المليشيات الشيعية برجال من بين السنّة. لكن الوحدات تفضل التمترس في المناطق الآمنة على أن تخوض مواجهات كبيرة مع إرهابيي تنظيم «داعش» المحظور في روسيا «داعش». والنجاح الأميركي الوحيد في العراق تمثل في إعداد القوات الكردية التي تسجل النجاحات الأبرز في مجال التصدّي للمقاتلين الإسلاميين المتطرّفين.

في شمال غرب أفريقيا، الممتد من المغرب إلى تشاد، تم تخصيص 600 مليار دولار. ولفترة طويلة كانت القوات المسلحة في مالي شريكاً مثالياً، وذلك حتى عام 2012 حين عاد مسلحون انفصاليون من ليبيا بعد أن صُقلوا بخبرة قتالية في معارك ليبيا، وكبّدوا الجيش المالي هزيمة ساحقة، ومن ضمنه الوحدات التي أعدّها العسكريون الأميركيون. وفي اليمن تم حل قوات مكافحة الإرهاب بعدما تمكن الانفصاليون الحوثيون من احتلال العاصمة. وقد ركّزت واشنطن على العمليات الجوية انطلاقاً من المملكة العربية السعودية.

إلى ذلك أعلن البنتاغون عن تعليق استقبال الراغبين في محاربة «داعش» من سورية وتركيا.

من جانبه، أعرب آلِكسندر كونوفالوف، رئيس معهد التقييم الاستراتيجي، في لقاء مع جريدة «نيزافيسمايا» الروسية عن شكه في أن يتم إيقاف هذا البرنامج فعلاً. وقال: «فعالية البرنامج لا تقتصر على الجانب التقني فحسب، إذ تشمل الجانب التحفيزي كذلك. فثمة حاجة إلى أشخاص يحاربون ويفعلون ذلك انطلاقاً من رغبتهم هم. ويصعب القول إنه لا يوجد في العراق عامل يحفّز على أداء الخدمة في الجيش. لكن قبول كل الراغبين بحمل السلاح أمر آخر، علماً أن ثمة ضرورة لوجود مقاتلين قادرين على تنفيذ المهام. الأمر ذاته يتعلق بدول الشرق الأوسط الأخرى حيث، كما هو معروف، تتشابك التناقضات، وليس باستطاعة أحد حلّ المشاكل الحلّ الحقيقي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى