تنسيق روسي ـ أميركي يقرّ بضمّ «النصرة» إلى الحرب على «داعش» فلسطين تدخل انتفاضتها لليوم الخامس… والاحتلال إلى تصعيد

كتب المحرر السياسي

مع دخول الحرب الروسية على الإرهاب يومها الخامس، وتصاعد نتائجها الواضحة في زعزعة سيطرة الجماعات المسلحة التابعة لفكر وتنظيم «القاعدة» على مناطق شمال سورية، في ظلّ ثبات روسي على أولوية تعريف المجموعات الإرهابية لضمان نجاح ايّ تعاون دولي إقليمي في هذه الحرب، أعلنت كلّ من واشنطن وموسكو التوصل إلى تفاهم على التعاون يتخطى حدود التنسيق الميداني منعاً للتصادم، فقبلت واشنطن أن يشمل مفهوم الحرب «جبهة النصرة» باعتبارها التنظيم الذي يمثل «القاعدة» رسمياً في سورية والعراق والجوار، على أن يجري تدقيق وضع كلّ جماعة بمفردها وإضافة الجماعات التي يتوصل الخبراء الروس والأميركيون إلى انطباق توصيفات تبعيتها لفكر وتنظيم «القاعدة» عليها إلى اللائحة، وفقاً لما قالت مصادر متابعة، مفسّرة التنسيق الراهن بين الأميركيين والروس، بمواصلة الطيران الروسي غاراته على مواقع «النصرة» وتكثيف الغارات الأميركية على «داعش»، وإمكانية الطلب المتبادل بين الطرفين لضرب أهداف يسهل على طيران الطرف الآخر النيل منها، وفقاً لنقاط انطلاق طائراته ومساراتها تجاه الأهداف المعنية، بحيث تتولى الطائرات الأميركية ضرب مواقع تطلبها روسيا لسهولة استهدافها من الحدود التركية، بينما تتولى الطائرات الروسية استهداف مواقع يطلبها الأميركيون لسهولة بلوغها من الجهة السورية.

مع هذا الإنجاز الروسي، دخلت مناقشات موسكو وواشنطن إلى ملف التحضير مجدداً لجنيف الثالث الخاص بالحلّ السياسي في سورية ومواصفات المرحلة الانتقالية التي نص عليها بيان جنيف، وهو ما سيكون على جدول أعمال لقاء متوقع هذا الأسبوع بين نائبي وزيري الخارجية الروسي والأميركي ميخائيل بوغدانوف ودانييل روبنشتاين.

وعلى إيقاع التطورات السورية المتلاحقة، زاحمت أنباء المواجهات في فلسطين الخبر السوري على وسائل الإعلام الإقليمية والدولية، حيث دخلت الانتفاضة الفلسطينية يومها الثالث بشموليتها للضفة الغربية والقدس، بينما تتابعت المواقف «الإسرائيلية» التصعيدية تقدّم التغطية للارتبكابات الوحشية للجنود والمستوطنين بحق المواطنين الفلسطينيين، بينما بدأت تحركات النشطاء الفلسينيّين تظهر أسماء جديدة لمكونات الانتفاضة، مثل شباب للحسم، وعمّت المواجهات البيرة ونابلس والقدس وبيت لحم وسواها من مدن الضفة ومخيماتها، وبدأت تظهر في المواجهات الليلية المتواصلة حالات فرار لجنود الاحتلال إلى تخوم مدن الضفة ومخيماتها، وتتالت بيانات مجموعات المقاومة وخصوصاً حركة الجهاد الإسلامي عن ردود قريبة على الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين بحق المدنيين الفلسطينيين.

لبنانياً شكل انعقاد جلسة الحوار الوطني بحضور العماد ميشال عون مؤشراً على المهلة التي منحها عون حتى يوم الأحد لحلحلة العقد التي تعترض التسوية المنتظرة لعدم تسريح العميد شامل روكز من المؤسسة العسكرية منتصف الشهر الحالي، بمعزل عن طبيعة هذه التسوية، ومنح حضور عون حظوظاً جدية لمتابعة الوسطاء مساعيهم الحثيثة التي قال متابعون إنها تحرز تقدّماً، بينما حلّ أزمة النفايات وفقاً لخطة وزير الزراعة أكرم شهيّب، يتعثّر رغم قرار المشاركين في هيئة الحوار الإعلان عن دعم مساعي الحكومة لتطبيقها تلبية لطلب رئيس الحكومة الذي أصرّ على منح حكومته الغطاء السياسي للسير بالخطة، لكن لا تزال مشكلة رفض أهالي البقاع لمطمر مجدل عنجر تشكل العائق الأبرز مثلها مثل مطمر عكار، للحؤول دون إطلاق إشارة البدء بالتنفيذ، بينما لم يظهر نشاط الحراك في الساحات بما يشبه زخمه مع جلسات الحوار السابقة، واقتصر الأمر على تجمّع عشرات المشاركين قرب وزارة الداخلية، انتهى بتوقيف أسعد ذبيان بعد كتابتة شعار «طلعت ريحتكم» على العلم اللبناني ليجري الإفراج عنه لاحقاً.

جلستان للحوار بلا نتائج

انعقدت طاولة الحوار الوطني ظهر أمس في جلستين، الأولى ظهراً والثانية مساءً في المجلس النيابي، بحضور جميع رؤساء الكتل المدعوة باستثناء «القوات اللبنانية» التي أعلنت مقاطعتها لها.

وبحث المتحاورون ملفَي النفايات والرئاسة، وتم التوافق على استمرار الحوار ويبدو أن هناك دعوات للانتقال الى ملفات أخرى، لأن الملف الرئاسي لن يتم التوصل الى حل بشأنه في المدى المنظور وسيتكرر ما حصل في ملف قانون الانتخابات الذي تم بحثه في اللجنة النيابية، فكل طرف أعطى مواصفات تتناسب مع مواصفات الفريق الذي ينتمي اليه، فيما الاتصالات مستمرة لإيجاد حل لملف الترقيات العسكرية، رغم تأكيد وزراء اللقاء التشاوري والرئيس ميشال سليمان رفض هذه الترقيات لاعتبارها مخالفة للدستور. كما تم تحديد موعد لجلسة حوار اليوم الساعة 12 ظهراً وجلسة ثانية بعد الظهر.

وقد سبق الجلسة لقاء جمع الرئيس بري والعماد عون وانضمّ اليهما النائب رعد.

وأكد عون بعد الاجتماع الأسبوعي لتكتل «التغيير والإصلاح» في الرابية: «ليس لدينا الكثير من الكلام لنقوله باعتبار ان الحوار ماشي، لذا لا يمكننا استباق النتائج ونتمنى أن تكون هذه النتائج إيجابية».

ودعا عون جميع اللبنانيين الى المشاركة في ذكرى 13 تشرين يوم الأحد المقبل في 11 تشرين الأول أمام قصر بعبدا، تكريماً للتضحيات التي لا يقدّمها إلا الجيش اللبناني من أجل الوطن وسيادته وحريته واستقلاله».

«الترقيات» تنتظر موافقة «الكتائب» وسليمان

وأشارت مصادر في 8 آذار لـ«البناء» الى «أن تسوية الترقيات تنتظر موافقة حزب الكتائب والرئيس سليمان، وهناك اتفاق يعمل عليه لكن مضمونه لم يتضح بعد، وحذرت المصادر من تأثير هذه التسوية على هيكلية الجيش ومعنوياته، إذا شملت ترفيع عدد كبير من العمداء الى رتبة لواء، أما إذا رفع 5 عمداء فقط فلا مشكلة بذلك».

ولفتت المصادر الى أن «تيار المستقبل هو الذي يرفض التسوية ويضع سليمان في الواجهة بسبب الكيدية السياسية من جهة وحساسية منصب قائد الجيش ونظرة الدول الخارجية الى هذا الموقع من جهة ثانية، فهي تبني عادة علاقات مع قادة الجيوش للتأثير في القرار الأمني في البلاد ولاستثمارهم في السياسة لاحقاً».

اجتماعات مفتوحة لتطبيق الخطة

بيئياً، بقيت اجتماعات اللجنة الوزارية المكلفة معالجة أزمة النفايات مفتوحة لاستكمال بحث التفاصيل الميدانية لتطبيق خطة معالجة النفايات وسط استمرار اعتراض أهالٍ وبلديات في بعض المناطق وحملات الحراك المدني. وفي السياق، ترأس رئيس الحكومة تمام سلام أمس في السراي الكبير، اجتماعاً للجنة، حضره وزيرا الداخلية نهاد المشنوق والزراعة أكرم شهيب ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، وتم عرض لآخر المساعي القائمة لتنفيذ خطة النفايات التي أقرها مجلس الوزراء سابقاً.

شهيب

بعد الاجتماع قال شهيب: «العمل يتقدم في مطمر سرار يومياً، والموقف أصبح جاهزاً، أما المطمر الثاني، فلا أستطيع الكشف عن مكانه لكي نتجنب ردات فعل المعترضين الخنفشارية». ولفت شهيب الى أن «موضوع أزمة النفايات معقد وصعب ومعالجته ليست سهلة»، مؤكداً أن «الأمطار لن تؤثر على النفايات»، مشيراً الى أن «اجتماعات اللجنة الوزارية مفتوحة».

حالة الطوارئ تفرض الحل الموقت

وعبر وزير الاقتصاد ألان حكيم لـ«البناء» عن تفاؤله بتطبيق «الخطة» لناحية تأمين مطامر مجهزة تراعي الشروط البيئية، وشدّد حكيم على ضرورة أن تتحمل كل منطقة في لبنان النفايات، «لأننا بحالة طوارئ خصوصاً مع حلول فصل الشتاء وللعمل على إنهاء تفشي الأوبئة والأمراض جراء تراكم النفايات في الشوارع، وبعد ذلك يبدأ العمل لوضع خطة بيئية سليمة على المدى الطويل».

وحذّر من أن «الأمطار ستؤثر على انتشار النفايات في الطرقات، وبالتالي انتشار الجراثيم في المياه والتربة، لذلك نحتاج اليوم الى حل مؤقت وطارئ للأزمة».

وأسف حكيم لعدم استخدام النفايات في لبنان في إنتاج الطاقة كسائر دول العالم، عازياً السبب الى أن «كل ملف في البلد يدرّ الأموال يدخل في الفساد، وثانياً عدم قدرة الحكومات السابقة والمسؤولين على الوصول في هذا الملف الى خطة شاملة، باستثناء خطة العام 2010 لكن لم يتم تطبيقها بسبب المصالح الشخصية والسياسية والخصخصة والفساد».

الحراك أمام «الداخلية» والمصرف المركزي

وتزامناً مع جلسة الحوار، نفّذ الحراك المدني مسيرة رمزية انطلقت من مركز الواردات في وزارة المالية، الى مصرف لبنان، وطالب المعتصمون وزير المال بإيداع أموال البلديات في المصرف المركزي، ودعوا الى جلسة طارئة لمجلس الوزراء يكون البند الوحيد فيها، ايجاد حل سريع لمشكلة النفايات، معلنين «اننا سنتحرك اليوم وغداً وكل يوم».

وفي غضون ذلك، أوقف الناشط أسعد ذبيان لساعات في جرم تحقير العلم اللبناني، وفق ما اعلنت قوى الامن الداخلي، ما دفع بزملائه الى قطع الطريق امام وزارة «الداخلية»، حتى الساعة الخامسة عصراً حينما أُبلغوا بقرار الإفراج عنه.

واكيم

ولفت رئيس «حركة الشعب» النائب السابق نجاح واكيم لـ«البناء» الى أنّ «خطة شهيب لن تطبّق في ظلّ رفض أهالي المناطق، ولأنّ كلّ حلول السلطة فاشلة وليست عملية وبيئية، وهي مسكنات فقط، لانها تعالج نتائج الأزمة وليس أسبابها التي تبدأ بمحاسبة المسؤولين عن السرقة والهدر، فضلاً عن أنها تستبعد اشراك البلديات بالحل بل محورها البحث عن المطامر». وإذ شدد واكيم على أن «رفض المواطنين إنشاء مطامر قرب مناطقهم أمر طبيعي»، واستنكر إلقاء القبض على ذبيان، تساءل: «إذا كانت كتابة شعار على العلم اللبناني اهانة، أليست سرقة أموال الشعب اعتداء على لبنان واهانة؟».

لا حلّ قريب لملف المخطوفين

من جانبهم، عاد أهالي العسكريين المخطوفين الى خطة قطع الطرق للتذكير بقضية أبنائهم، فعمدوا الى قطع طريق الروشة – عين المريسة رافعين صور أبنائهم، بعد اعتصام نفذوه قبل الظهر في ساحة رياض الصلح، ثم توجّهوا الى منزل الرئيس بري في عين التينة لتنفيذ وقفة رمزية، مذكرين بأحقية مطلبهم، ومعلنين الاستمرار في الاعتصام حتى انتهاء الملف.

وأشار مصدر عسكري لـ«البناء» الى أن «لا حل لملف العسكريين المخطوفين في المدى المنظور وكل الكلام الذي قيل في السابق عن صفقات وتسويات للملف مجرد كلام وغير واقعي، لأن الملف بيد الجهات القطرية والتركية وليس بيد الجهات الخاطفة وهاتان الدولتان تعملان على استغلاله سياسياً».

واستبعد المصدر لجوء الدولة اللبنانية الى الخيار العسكري لتحرير عسكرييها بعد فشل الوساطات، «لأنه لو كانت تريد ذلك لفعلت منذ وقت طويل».

كما نفى المصدر ما تردّد حول طلب روسي من الجيش اللبناني تحديد مكان وجود العسكريين المخطوفين لقصف مواقف المسلحين، مشدداً على أن «الأراضي اللبنانية لا تدخل ضمن مسرح عمليات الجيش الروسي إلا في المناطق الحدودية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى