هل ينسّق حزب الله مع الجيش الروسي في سورية؟

روزانا رمّال

تسارعت التطورات العسكرية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط منذ دخول الجيش الروسي، مباشرة، على خط مكافحة الإرهاب فيها فباتت أمام مرحلة جديدة رسمها وفقاً لاستراتيجيته بحماية جدران موسكو من زحف الإرهاب.

يبرّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدء العمليات العسكرية في سورية أمام وسائل الإعلام الروسية والدولية بوضعها ضمن إطار الضرورة القومية، مؤكداً أنه لا بدّ من استباق وصول الإرهاب إلى بلاده، وبذلك يبدو كأنه قد بنى موقفه على تقارير أمنية عالية المستوى تفيد بأنّ روسيا أحد أهداف الإرهاب، وهو يعلم علم اليقين أنّ بلاده عانت كثيراً من الإرهاب في مرحلة سابقة.

لم يكن بوتين قادراً على أخذ بلاده نحو موقف متطرف بدعم نظام ولو كان حليفه. بمعنى آخر، إنّ دخول روسيا جبهات القتال السورية تحت عنوان دعم النظام السوري وعلى رأسه الرئيس بشار الأسد ليس مألوفاً، ومن الصعب تسويقه لدى الرأي العام الروسي، وهو أيضاً ليس هدفاً لروسيا بكل ما للكلمة من معنى. وبالتالي فإنّ العنوان جاء منطقياً وجدياً وضرورياً. أثبت بوتين أنه يدافع عن بقاء الرئيس الأسد شريك روسيا في مكافحة الإرهاب وليس عن الرئيس الذي تزحف روسيا بعديدها وعتادها لبقائه، لأنّ هذا غير واقعي.

شكلت ثنائية الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد، كقيادة مشتركة، حجر أساس المعارك مع الإرهاب دولياً، تماماً كما شكّل الجيشان الروسي والسوري المحتكمان لقيادة حازمة. وتشير المعلومات الأمنية إلى غياب كلي لصواريخ «المعارضة» التي كانت تطال العاصمة دمشق قبل بدء العمليات الجوية الروسية. وهذا يُعتبر دليلاً على الإرباك الذي تعيشه المجموعات المدعومة من الدول الخليجية هناك، بحيث لم تعُد قادرة على التحرك كما كانت، بالإضافة إلى تدمير آلاف المواقع العسكرية الإرهابية في مجمل المحافظات والمواقع التي سيطرت عليها المجموعات الإرهابية. وبالتالي فإنّ المتغيرات العسكرية في سورية سريعة جداً وهي تفرض متغيرات سياسية سريعة تمثلت أولاً بالدعم السعودي للخطوة الروسية لمكافحة الإرهاب بعد مواقف شديدة الحذر والرفض والقلق من التدخل الروسي أو أي نيات تقدم داخل سورية. وهذا الأمر كان بارزاً كموقف سعودي حادّ منذ الأيام الأولى للأزمة. فقد تعرضت روسيا لوابل من الانتقادات السعودية في مجلس الأمن واشتعلت السجالات بين الراحل سعود الفيصل والممثلين الديبلوماسيين الروس أو الصحافيين لدى السؤال عن مواقف موسكو.

تعدّ الخطوة السعودية تطوراً كبيراً خاضعاً للمتغير الوحيد اليوم وهو قدوم الجيش الروسي إلى المنطقة، حيث لا تضاهيه جيوش في العالم، والقوة تتحدث في زمن التراجع، وإعادة التموضع الأميركية باتت حرفة امتهنتها الإدارات الأميركية المتعاقبة.

ثنائية القيادة الروسية ـ السورية ليست وحدها، بطبيعة الحال، فقد كان لحزب الله اللبناني باع طويل في الانتصارات، وهو أحد أبرز عوامل الصمود في سورية حتى الساعة. حقق مقاتلو حزب الله تقدماً كبيراً جداً في وجه الإرهاب وخسر، في المقابل، عدداً من خيرة مقاتليه لأسباب تشبه أسباب التدخل الروسي وتسوّغ التنسيق غير المباشر وتوازي الحسابات وهو شنّ ضربات استباقية قبل دخول الإرهاب الأراضي اللبنانية، وبالتالي ارتأت قيادة حزب الله الدخول المباشر إلى سورية عسكرياً وهي لا تزال، حتى الساعة، لكنها اليوم مستمرة بالغطاء الجوي الروسي والسوري معاً، ليبقى السؤال الأساس: هل ينسّق حزب الله مع القيادات العسكرية الروسية لدى طلعاتها الجوية فوق مواقع الإرهابيين في سورية؟ هل فتح حزب الله خط التواصل المباشر والتنسيق مع الروس؟

مصادر عسكرية معنية بالحرب في سورية، أكدت لـ«البناء» أنّ وحدات حزب الله المشاركة في جبهات القتال هجوماً ودفاعاً تحظى بميزة التواصل المباشر مع سلاح الجو الروسي لطلب الدعم والمؤازرة في حالات الهجوم والتغطية العسكرية. هذه المعلومات تؤكد تشكيل غرف عمليات مشتركة على الأرض السورية تفعّل العمليات على الأرض وتسرّع نتائج الحسم بفضل تبادل المعلومات بين الأطراف، أي أنّ كلّ «داتا» المعلومات عن مواقع وإحداثيات جمعها حزب الله والجيش السوري أصبحت في يد روسيا.

التنسيق والتعاون سينعكسان بلا شك إيجاباً على صعيد الحزب الداخلي، وبطبيعة الحال مع نجاح الضربات الجوية الروسية وارتفاع نسبة التنسيق التقني المتطور بسلاح روسي لا يخفى تأثيره المضاعف، ستتقلص نسبة الخسائر لدى حزب الله في الأرواح أيضاً، كذلك الأمر لدى الجيش السوري والفصائل الشعبية المشاركة في كلّ الجبهات السورية.

نعم، حزب الله والجيش الروسي جبهة تنسيق جديدة، ويبدو أنّ المتضرر الأكبر، مستقبلاً، من هذا التفاهم العسكري سيكون «إسرائيل» العاجزة على ردع أو إيقاف العمليات، فكيف بالحال الاعتراض على التنسيق الروسي مع حزب الله؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى