صحافة عبرية

ترجمة: غسان محمد

نتنياهو يجمّد العمل في «بيت الجوهر»

ذكرت مصادر إعلامية عبرية، نقلاً عن مكتب رئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتنياهو، أنّ الأخيرو أوعز للجهات المعنية، تجميد العمل في مشروع «بيت هليبا» أو «بيت الجوهر» التهويدي، المنوي إقامته غرب الأقصى.

وبحسب ما نشره مركز «كيوبرس» المنخصّص بشؤون القدس، فإن المصادر الإعلامية العبرية قالت إن قرار نتنياهو جاء بسبب الوضع الأمني وحالة الغليان التي تشهدها القدس.

وانتقدت جهات في البلدية «الإسرائيلية» في القدس هذا القرار، واعتبرته هزيمة أمام الفلسطينيين. وذكرت إذاعة الجيش «الإسرائيلي»، أن مكتب رئيس الحكومة تدخل في المشروع، وأمر بتعطيل المصادقة عليه إلى أجل غير مسمى، بعدما كانت قد تمت فعلاً.

ووصل القرار الحكومي إلى اللجنة خلال اجتماعها يوم الخميس الماضي، على رغم أنّ القائم على المشروع هو «صندوق إرث المبكى»، وهي شركة حكومية تابعة لمكتب رئيس الحكومة «الإسرائيلية» مباشرة.

وتبلغ مساحة المشروع التهويدي قرابة 1.84 دونماً، ومساحة بنائية إجمالية على ثلاث طوابق، تصل إلى نحو 3230 متراً مربّعاً الطابق الموجود أسفل الأرض يضمّ صالة استقبال للعرض الأثري، وفي الطابقين الأول والثاني فوق الأرض، مكتبة ومركز دراسات، وقاعة اجتماعات واحتفالات، وصفوف تعليمية للزوار، غرف للمرشدين، إضافة إلى مطل في أعلى الطابق الثاني.

الانزلاق أعمق إلى داخل الصراع

كتب آفي يسخاروف: الأحداث في الأيام القليلة الماضية تظهر اتجاهاً يبعث على القلق العميق: ثلاثة فلسطينيين أو أكثر، معظمهم من القدس الشرقية، يقومون يومياً بمهاجمة «إسرائيليين» ـ مع الإدراك أنهم سيُقتلون على الأرجح خلال محاولتهم. هذا نوع من الهجمات الانتحارية. إنه أقل فتكاً من تفجير الحافلات أو المطاعم أو الأسواق خلال الانتفاضة الثانية، ولكن الدافع يتمثل في رغبة منفّذي الهجمات بأن يصبحوا شهداء. التصعيد في هذه الهجمات مقلق أكثر نظراً إلى أن معظم هذه الهجمات ليس من تنظيم مجموعة معينة أو طرف معروف، ولكن يتم تنفيذها على يد أفراد.

لم يحدث ذلك بهذه النسبة خلال الانتفاضة الثانية. في ذروتها، في ربيع 2002، الهجوم الاستراتيجي للإرهاب كان الخروج بتفجيرات انتحارية مروّعة كل بضعة أيام. ولكن اليوم، دخلنا إلى واقع شبه سريالي لهجوم تلو الآخر كل يوم، وهي هجمات يقوم شبان فلسطينيون بتنفيذ معظمها معظمهم ولكن ليس جميعهم من الذكور من دون تورط سابق في أنشطة إرهابية أو الرغبة في القتل والموت «من أجل القدس» و«من أجل الأقصى».

هل يقترب اليوم الذي ستحاول فيه إحدى الفصائل الفلسطينية بالمبادرة إلى عملية انتحارية على نمط الانتفاضة الثانية داخل «إسرائيل»؟ حتى الآن، على الأقل، لا معلومات استخباراتية تشير إلى ذلك. ولكن ذلك لا يعني أن خططاً كهذه غير موجودة.

«حماس» لا تريد إعلان الحرب الكاملة ضدّ «إسرائيل»، وتدمير علاقاتها مع السلطة الفلسطينية تماماً. بالتالي، لا يبدو أنها ستبادر إلى هذا النوع من الهجمات. الأمر نفسه يمكن أن يُقال حول قوات التنظيم التابعة لحركة فتح والمسلحة بشكل جيد. ولكن قد يكون هناك داخل حركة الجهاد الإسلامي، بتشجيع إيراني، أولئك الذين قد يكونون على استعداد لذلك ـ حتى لو كان ذلك «للفت الأنظار» وإظهار شلل الفصائل الفلسطينية الأخرى.

حتى من دون هذا النوع من التفجيرات، تزرع الهجمات اليومية المستمرة الخوف والقلق العميقين بين «الإسرائيليين». هذا النوع من الهجمات غير مسبوق. أقرب سابقة إليه كانت حوادث الطعن عام 1990، على نطاق أصغر بكثير، والتي حفّزها أيضاً القلق من تهديدات مزعومة على الأقصى.

ينبع جزء من مخاوف «الإسرائيليين» من عدم اليقين: ما الذي نواجهه بالضبط، وكيف سيتطور؟ هذه الموجة ليست بانتفاضة شعبية حتى الآن . على صفحات «تويتر» الفلسطينية، يصفها البعض بـ«انتفاضة القدس» ـ بما يشبه «انتفاضة الأقصى» قبل 15 سنة. ولكن هذا مجرد تصنيف لأشخاص معنيين بصوغ الآراء. هل نحن حقاً بصدد الدخول لـ«انتفاضة ثالثة»؟ ما زال من الصعب قول ذلك بكل تأكيد. لكن من الواضح أن أمراً ما قد تغير، والأمور لن تعود على الأرجح إلى ما كانت عليه من قبل. الوضع الراهن الذي ساد منذ عام 2007، والمتجذر في التنسيق الوثيق بين الهرمية الأمنية «الإسرائيلية» وتلك التابعة للسلطة الفلسطينينة، يقترب من نهايته.

التشقق، وربما الصدع، في العلاقات الأمنية بين «إسرائيل» والسلطة الفلسطينية ليس رسمياً، وقد يكون غير قابل للإصلاح. لم يعلن أيّ مسؤول من الجانب الفلسطيني أن التنسيق توقف. على العكس، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يحافظ عليه ظاهرياً. التقى القادة الأمنيون الفلسطينيون نظراءهم «الإسرائيليين» هذا الأسبوع، على رغم من الإشكاليات والحساسيات التي تحملها لقاءات من هذا النوع في أوقات كهذه.

تسرّبت الأنباء عن الاجتماع، وسارعت السلطة الفلسطينية إلى نفي حدوث لقاء من هذا النوع، وزعمت أنها رفضت الدعوة «الإسرائيلية» إلى الاجتماع. في الواقع، بحسب مصدر «إسرائيلي»، فإن المسؤولين من السلطة الفلسطينية ـ من ضمنهم نضال أبو دخان، قائد قوات الأمن الوطني التابعة للسلطة الفلسطينية، ورئيس الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج ورئيس الأمن الوقائي زياد هبّ الريح، ناقشوا السبل إلى تهدئة الأوضاع مع نظرائهم «الإسرائيليين». المسؤولون من السلطة الفلسطينية لم يعلنوا بشكل قاطع إنهاء التنسيق، أو أي خطط لمثل هذا التمزق.

في الواقع، في وقت سابق من هذا الأسبوع، قام مسؤولون أمنيون من السلطة الفلسطينية بتوفير الخروج الآمن لجنود «إسرائيليين» دخلوا أراضي السلطة الفلسطينية عن طريق الخطأ، وقاموا بتنفيذ سلسلة من الاعتقالات لأكثر من عشرين شخصاً من نشطاء «حماس».

ولكن القيادة الأمنية في السلطة الفلسطينية، مع ذلك، أعربت عن شعورها بعدم الارتياح لـ«الإسرائيليين». السؤال الذين شغل بالهم هو، ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ أي أنهم إذا ساعدوا في تهدئة الأوضاع، وإحباط التصعيد في الهجمات، ما الذي ستقدّمه الحكومة «الإسرائيلية» للسلطة الفلسطينية؟ فرج، الذي يُعتبر من أكثر المقرّبين لعباس، كان أحد المسؤولين الذين عبّروا عن هذا التساؤل بكل وضوح، بحسب المصدر.

الاقتراحات «الإسرائيلية» بسحب قوات من مناطق معينة، والسماح للسلطة الفلسطينية بنشر قوات لها هناك، قوبلت بتردّد. على سبيل المثال، كان هناك حديث عن وضع قوات السلطة الفلسطينية عند المدخل الشمالي لمدينة رام الله، مقابل المقرّ الرئيسي للجيش «الإسرائيلي» في «يهودا والسامرة». أشار «الإسرائيليون» إلى أن هذه إهانة للسلطة الفلسطينية بأن يقوم شبان فلسطينيون، من بينهم أنصار لحركة حماس، بتنظيم احتجاجات على مقربة من عاصمة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. ولكن المسؤولين الفلسطينيين لم يرغبوا بالعمل بحزم لإخماد حريق يشعرون أن من أشعله هو رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو ووزراؤه حول الأقصى.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى