صطوف: روسيا قرأت تجربة حزب الله في الدفاع الاستباقي سورياً

حاوره سعدالله الخليل

رأى عضو مجلس الشعب السوري علي صطوف «أنّ الحدث السوري، منذ بداية الأزمة، بدا أنه سيغير المشهد الدولي، لكنّ التدخل الروسي بعد خمس سنوات رسم بداية جديدة للعلاقات السياسية الدولية».

ورأى صطوف في حديث مشترك لصحيفة «البناء» وشبكة «توب نيوز» أنّ ما تتعرض له سورية «مخطط ومرسوم ضمن نهج السياسة الأميركية والمخططات المرتبطة به من تفتيت وتدمير لموقفها من المشاريع الأميركية في المنطقة وانتهاج السياسة المقاومة». وأضاف: «بالرجوع إلى الوراء وكتاب صراع الحضارات وحديث السياسيين الأميركيين يتضح لنا أنّ السياسة الحمراء، أي السوفياتية، ستتبعها السياسة الخضراء أي الإسلام، وسنتجه لاحقاً إلى السياسة الصفراء أي الحضارة الصينية. هذا يدل على أنّ السياسة الأميركية تستهدف المنطقة في الإنسان والحضارة والثقافة والثروات أولاً، والحفاظ على الكيان الصهيوني مستقراً وآمناً ثانياً، لأنّ مراكز الدراسات الأميركية حدّدت عام 2009 سنة 2020 لانهيار الكيان الإسرائيلي ومن هنا جاء المشروع الأميركي باستهداف سورية».

دور روسي عاقل

ووصف صطوف الدور الروسي في المنطقة بـ«العاقل والمتزن والأخلاقي في الوقت ذاته»، وقال: «أعطت موسكو سنة وأكثر للتحالف الدولي الذي يدّعي محاربة تنظيم داعش، ولاحظ الجميع خلال هذه المدة تمدّد داعش بالمساحة والقوة، وفي بعض الأحيان أُثبت بالوقائع أنّ التحالف يمدّ التنظيم الإرهابي لوجيستياً عبر الطيران سواء في العراق أو سورية. لقد فضح التدخل الروسي مخططات التحالف الدولي في موضوع محاربة الإرهاب، وبالعودة إلى التاريخ نجد أنّ الأميركيين والسعودية وفي بعض الأحيان الباكستانيين، هم من صنعوا هذا الإرهاب إبان وجود الاتحاد السوفياتي في ثمانينات القرن الماضي ليتطور من تنظيم القاعدة إلى طالبان والآن داعش، بمسمياته المختلفة، كامتداد لفروع هذا الإرهاب الذي أوجدته أميركا لإنجاز مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يهدف إلى تقسيم المنطقة إلى كيانات طائفية وإقليمية متقاتلة ومتحاربة لعملقة الكيان الصهيوني».

وذكّر صطوف بالتجربة الروسية مع الإرهاب، وخصوصاً في تسعينات القرن الماضي عندما حرك الأميركيون ملف الإرهاب في الشيشان لسنوات عدة، حتى تمّ القضاء عليه، حيث أدركت روسيا أنّ الأميركيين والأوروبيين، وبعض الدول الإقليمية المتحالفة معهم، يريدون تفتيت حتى الاتحاد الروسي. وعملت واشنطن على ذلك خلال عهد الانحدار السياسي، إلى أن تقلد الرئيس فلاديمير بوتين مقاليد الحكم، فمارس سياسة عاقلة وحكيمة ووطنية كان لها دور في صعود روسيا، كدولة ندية للولايات المتحدة الأميركية، ذلك الصعود الذي تزامن مع انحدار الدور الأميركي.

تحالف لا احتلال

وأكد صطوف «أنّ الوجود الروسي في سورية ليس احتلالاً بل تحالف بين دولتين صديقتين، وهو أمر طبيعي في حالات الحروب وله مبرّراته ومصادر قوته. إنّ صمود سورية شجع الروسي على الدخول في معركة يدرك أنه سينتصر فيها». وقال: «لا أحد يقف مع مهزوم فإيران وروسيا ودول بريكس تقف مع سورية الصامدة في الدفاع عن كيانها وأرضها ووجودها».

وأضاف: «إنّ الولايات المتحدة وعبر تحالفها المزعوم لم تكن صادقة في محاربة الإرهاب، فواشنطن تريد إدارة داعش وليس القضاء عليه، وهذه المجاميع الإرهابية المنتشرة في المنطقة أدوات لتحقيق المشروع الأميركي. هذا ما فضحه التحالف الروسي الذي يعتبر تدخلاً حقيقياً من أجل مكافحة الإرهاب ويمكن أن نسميه براءة اختراع لحزب الله عبر تدخله في سورية، كضربة استباقية تمنع تلك التنظيمات من التوجه إلى لبنان وهو ما قرأته روسيا بعناية، واتخذت قرارها دفاعاً عن أمنها القومي أولاً، فالإرهاب، فإذا انتصر الإرهاب في سورية سيتوجه إلى أوروبا ودول الخليج التي صرفت أكثر من مئة مليار دولار لدعمه، وحتى تركيا التي فتحت حدودها مع سورية لم تكن بمنأى عنه».

رسائل قزوين

ورأى صطوف «أنّ قصف الطائرات الأميركية لمحطتي الكهرباء في شرق حلب يندرج ضمن استهداف باقي الأهداف التي دمرها التحالف من بنى تحتية في الرقة ودير الزور وغيرها من المناطق التي استهدفها، وهو يعتبر عاملاً تخريبياً استفزازياً كردّ فعل على الإنجازات الروسية في سورية، ضمن حملة لتشويه التدخل الروسي في سورية». وأضاف: «الصواريخ الروسية من بحر قزوين وما قطعته من مسافة وما مثلته من دقة في الهدف تحمل رسالة سياسية وعسكرية في آن واحد مفادها أننا موجودون وبقوة وعندما تعبر صواريخنا الأراضي العراقية والإيراينة فهي رسالة سياسية أنهم حلفاؤنا». وتابع: «ننتظر من الحكومة العراقية خطوة جريئة بالانضمام، فعلياً، إلى التحالف وطلب التدخل الجوي من الحكومة الروسية، لكنّنا نعلم أنّ المشكلة تكمن في الحكومة العراقية ومجلس النواب والتجاذب بين القوى السياسية. نتمنى الخير للعراق وعلى الجميع تغليب مصلحته على أي قوة أخرى، بغضّ النظر عن الدور الأميركي الضاغط على بعض الأطراف».

ورأى أنّ الولايات المتحدة «لا تزال قوية في المنطقة عبر تحالفاتها وإمكانياتها وحضورها العسكري في دول الإقليم، لكنّ المشجع في الأمر هو أنّ روسيا في حالة صعود، ما يضاعف الآمال بمستقبل أفضل، رغم عدم إنكار أنّ الدور الروسي يخدم مصالح موسكو، فالعلاقات الدولية لا تحكمها العواطف ولكن هناك مصالح تتحقق ضمن سياسة أخلاقية راقية ومصالح تتحقق ضمن سياسة لا أخلاقية، كما تفعل أميركا والدول الغربية في كلّ سياساتها. لقد أبدى الروس سياسة أخلاقية في المنطقة سواء حيال سورية أو مصر منذ عهد الاتحاد السوفياتي. وما نشهده اليوم من علاقات روسية ـ سورية، بالإضافة إلى دول بريكس المتفقة مع السياسة الروسية حيال كلّ قضايا العالم، يظهر تباين السياسات بين روسيا والغرب وما حدث في ليبيا والعراق مثال لا يزال حاضراً».

معارضة معتدلة وهمية

تعليقاً على الموقف الأميركي حيال ما تصفه بالمعارضة المعتدلة وإيقاف برامج التدريب لمسلحيها، قال صطوف: «تعلم الولايات المتحدة أن ليس هناك شيء اسمه معارضة مسلحة معتدلة، فما يسمى الجيش الحر سلم سلاحه الذي قدمته له البنتاغون إلى جبهة النصرة عدا عن انضمام قسم كبير من عناصره إلى النصرة و داعش». وتساءل: «هل تقبل الولايات المتحدة والغرب بوجود معارضة مسلحة في بلادهم؟ هم أصلاً غير مقنعين بواقعية وجود معارضة مسلحة ومعتدلة في آن واحد «.

ولفت صطوف إلى أنّ تأخر التدخل الروسي عسكرياً، يعود «إلى التوازنات الدولية والعلاقات الروسية الإقليمية وانتظار فشل التحالف الأميركي الذي وصل إلى التوقعات الروسية لذلك كان توقيت دخولها بناء على علمها بقدرة الجيش السوري على الصمود حتى الآن».

وأضاف: «الدور الأساس هو للجندي السوري وهو حجر الأساس في أي معركة. وأهم ما في الأمر أنّ محاربة الإرهاب ترتكز على إرادة السوريين التي هي الأساس، فالمعركة معركة سورية بشعبها وجيشها».

تدخل حكيم

وأشار صطوف إلى «أنّ قرار الرئيس بوتين اليوم بعدم التدخل بريّاً قرار حكيم ودقيق من باب أنه يترك المجال مفتوحاً لحوار سوري ـ سوري مع معارضة وطنية تقف إلى جانب الدولة للوصول إلى حلّ سياسي ما زال مطروحاً منذ عام 2012، والرئيس الأسد طرح الموضوع ضمن منهجية راقية وحريصة على هذا الموضوع، كحرصه على المواطن والدولة منذ طرح الميثاق الوطني عام 2012، مروراً بإعداد الدستور والانتخابات البرلمانية وهي أطر لا يمكن مناقشتها مع من اعتمد التفاوض مع الولايات المتحدة وإسرائيل وأردوغان ويُطالب أن يكون شريكاً في مناقشة مصير سورية». وأضاف: «الشعب السوري لا يقبل بحكومة فيها وزراء يتبعون تحالفات دولية وإقليمية والتحدث عن تنحي الرئيس ليس من حقّ أحد أن يبرزه أمام إرادة الشعب السوري. المرحلة الانتقالية قبل الانتخابات القادمة يسبقها القضاء على الإرهاب وامتناع الدول الداعمة له عن تزويده بالمال والسلاح من تركيا والدول الخليجية وأميركا. عندها يمكن الذهاب إلى عملية سياسية، وقد أعلنت سورية أنها منفتحة على الجميع وطرح حزب البعث العربي الاشتراكي هذه المنهجية الواضحة قبل الأزمة».

ولفت صطوف إلى «أنّ الجبهة الوطنية التقدمية حالة من المشاركة الوجدانية الشعبية مع حزب البعث في تشاركية مدنية علمانية لقيادة هذا البلد». وقال: «حتى المادة الثامنة التي شكلت مادة خلافية والتي وضعت في مرحلة كانت فيها الأحزاب اليسارية متشابهة في ممارسة السياسية في أغلب دول العالم، قد ألغيت من الدستور. فاليوم اختلف المشهد ولدينا تعدّدية حزبية وقانون أحزاب عصري لا يضاهيه أي قانون عالمي، فأميركا التي تضم 300 مليون فيها حزبان فقط لا ثالث لهما، يتناوبان على الحكم. أما في بريطانيا التي يرى كثيرون أنها مثال ديمقراطي، فهناك حزبان أيضاً. الغرب يمارس علينا ديمقراطية مزيفة. وإنّ توجيهات الرئيس بشار الأسد فيها إصرار على مشاركة كلّ الاحزاب الوطنية في إدارة البلاد، وهو حريص على كلّ مواطن أن يكون فاعلاً في إدارة بلده».

ووصف صطوف النظام السعودي بـ«النظام الطائفي الأقرب إلى العصابة من الدولة وهو ينفذ ما تمليه عليه واشنطن من أوامر». وأضاف: «السعودية تأخذ موقفها من سورية، بناء على أهواء شخصية مع شخص الرئيس بشار الأسد وذهاب محمد بن سلمان والجبير إلى موسكو هو لتسهيل الالتفاف السعودي».

ووجه صطوف التحية إلى الشعب الفلسطيني «الذي يناضل ويقاوم في ظلّ التراجع العربي». وقال: «لقد دعا علماء آل سعود الوهابيين إلى الجهاد في سورية ضدّ التدخل الروسي، أما حيال ما يجري من اعتداءات إسرائيلية على الشعب والمقدسات في فلسطين، فهناك حالة تخاذل واضحة تجاه القضية الفلسطينة. إنّ ما يجري في فلسطين طبيعي أمام الكذب والرياء العربي تجاه ما يسمى مفاوضات، حتى حماس التي يأمل كلّ مواطن فلسطيني خروجها من تحت عباءة الإخوان المسلمين والتي لا تعمل حتى اليوم تحت عباءة وطنية رغم كلّ ما تحملته الدولة السورية من أعباء تواجد قادتها في دمشق منذ زمن كولن باول عام 2003، فإنّ ذهابها إلى قطر صديقة إسرائيل يضع علامات استفهام كبيرة».

وأمل صطوف «أن تنطلق الانتفاضة الثالثة في الأراضي الفلسطينية»، لافتاً إلى أنّ «ما يجري من ممارسات إسرائيلية هدفه إيصال المسلمين إلى فكرة مفادها أنّ هدم المجسد الأقصى أمر عادي وهو ما يتم بالتعاون مع آل سعود، بالتزامن مع مخطط سعودي لهدم مسجد القبلتين في مكة والذي يحوي منبرين أحدهما باتجاه القدس وهو ما يتناغم مع الأهداف الصهيونية على أنّ الأراضي المقدسة لا علاقة للمسلمين بها. وفي هذا السياق نحذر العرب والمسلمين ممّا هو مقبل على المنطقة من مخططات».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى