جلسة حوار باهتة… ليس لدى القوم ما يقولونه

هتاف دهام

تراوح هيئة الحوار الوطني مكانها بانتظار عوامل من خارج السياق تأتي لتخرج الحوار من حالة المراوحة القاتلة التي يعيشها. وعقدت الجلسة الحادية عشرة من جلسات الحوار الوطني امس، ضمن السياق التتابعي الذي يشتري الوقت من دون إضافة أيّ عامل حيوي إلى ثقل الرتابة المستمرّة منذ جلسات عدة، وانتهت الجلسة التي ترأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري على عجل بتأجيلها إلى الاثنين في 14 كانون الأول المقبل.

بدت جلسة عين التينة أمس، باهتة ليس فيها جديد، مضى الوقت ثقيلاً على المتحاورين ومعاونيهم، وليس لدى القوم ما يقولونه. الجلسة التي غاب عنها الأقطاب المسيحيون الثلاثة… الرئيس الفخري للتيار الوطني الحر العماد ميشال عون، ورئيس حزب الكتائب سامي الجميّل، ورئيس حزب القوات سمير جعجع لم تشهد جديداً يذكر، فهي افتقدت الحرارة، وكلّ ما قامت به أنها أعادت تكرار المواقف السابقة لا سيما في ملف النفايات.

لم يحضر الطبق الرئاسي على طاولة المتحاورين، كان هناك صمت كبير حيال الموضوع، تحلّى رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية العائد من لقاء باريسي مع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، بملائكة الصمت على طاولة الحوار برغم أنه كان الشغل الشاغل في الكواليس الحوارية، حيث عقد أكثر من لقاء جانبي مع رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، ومع رئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان، ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي. وسبق كلّ ذلك لقاء عقده مع رئيس المجلس قبيل الجلسة التي كان فرنجية أول الواصلين إليها وغادرها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط باكراً.

يتعاطى الجميع مع التسوية بأنها مشروع جدّي، لكنهم في الوقت نفسه يحتاطون للاحتمالات كلها، وبخاصة العماد عون الذي يتعاطى بروية ومن دون توتير مع ما يجري في ضوء ثباته على موقفه بضرورة أن يتمتع الرئيس بحيثية شعبية. لقد أعاد رئيس تيار المردة الذي كانت مواقفه أمس من ملفات النفايات وقانون الانتخاب معتدلة على غرار مواقفه السابقة، ضبط مسألة ترشحه لرئاسة الجمهورية من نطاقها الذي يريده، بعد أن أطاحت التحليلات في الأيام الماضية بأيّ حدود لما جرى في العاصمة الفرنسية وذهبت بعيداً في تأويل نتائج اللقاء، مؤكداً عقب انتهاء جلسة الحوار «أنّ مرشح 8 آذار لا يزال العماد عون، ولكن المطروح اليوم هو طرح جديد من 14 آذار، وقد يكون من الرئيس الحريري، وسنتعاطى مع الموضوع في وقته وعندما يصبح الطرح رسمياً».

اقتصر نقاش الأقطاب على تفعيل العمل الحكومي والتأسيس للجنة المخصّصة درس قوانين الانتخاب تمهيدًا لانطلاق اجتماعاتها الأولى في كانون الأول المقبل. لقد تحدث الجميع في جلسة الحوار العاشرة عن تفعيل عمل الحكومة من الناحية الميدانية، لكن عندما دخل الأفرقاء أمس، في التفصيل ظهرت الاختلافات في المواقف. أكد الجميع لا سيما رئيس الحكومة تمام سلام ضرورة عقد جلسة تخصّص للنفايات. اما في ما يتعلق بالبنود الاخرى فإنها ستكون محلّ درس، حيث أعاد أمين سرّ تكتل التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان التذكير بمسألة آلية العمل والتعيينات الأمنية، لتخلص هذه النقطة إلى ترك الأمور على حالها وإعطاء مهلة للحكومة للاجتماع حول ملف النفايات عندما تكتمل دراسة العروض وبعد ذلك يُنظر في الأمور العالقة.

أما بالنسبة لقانون الانتخاب، فكان هناك رأي أن تناقش هيئة الحوار الوطني قانون الانتخاب، من حيث المبادئ والقواعد العامة وتبلغ هذه القواعد للجنة قانون الانتخاب. وكان هناك رأي آخر مثله رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة دعا إلى ترك القانون الانتخابي للجنة، وأثناء النقاش أعاد بري والسنيورة التذكير بما أثير سابقاً عن إمكانية تشكيل مجلس الشيوخ، فأكد كنعان أنّ الأساس هو المجلس النيابي ونحن نعاني من أزمة شراكة ومناصفة لا يحلها الاتفاق على مجلس الشيوخ، إنما الاتفاق على قانون الانتخابات النيابية…

وفي وقائع الجلسة، فقد استهلها بري بالقول: لقد تحدّثنا في الجلسة السابقة عن ضرورة تفعيل عمل الحكومة وحصل إجماع على ذلك، ورئيس الحكومة تحدّث بصراحة عن التطورات التي حصلت في ملف النفايات وأشار إلى أنه لن يدعو إلى جلسة إلا إذا حصل توافق حول الموضوع، وأنّ الحلّ بات قريباً والجميع سيحضر الجلسة المخصصة لحل موضوع النفايات، ولذلك يجب أن نبحث اليوم في موضوع النفايات. لقد وعدت أيضاً بتشكيل لجنة لدراسة قانون الانتخاب وكانت فكرتي أن تكون لجنة مصغرة من خمسة أو ستة نواب، وقلت إنّ كتلتي لن تكون ممثلة أيضاً، لكنني فوجئت بالاعتراضات لغياب بعض الطوائف، ولذلك توافقت هيئة مكتب المجلس على أن تضمّ اللجنة كلاً من النواب ميشال موسى عن الكاثوليك، وروبير فاضل عن الارثوذكس وسيرج طورسركسيان عن الأرمن، ليتبيّن في ما بعد أنّ الأمين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان ليس على علم. على كلّ حال ملف قانون الانتخاب سيطرح في النهاية على طاولة الحوار لجهة المعايير التي ستعتمد ولجهة تقسيم الدوائر وليس هناك من مانع أن يحضر بقرادونيان اجتماعاً او اجتماعين للجنة قانون الانتخاب ويعطي رأيه.

بقرادونيان: دولة الرئيس، أنت تعلم أنّ اعتراضي هو لتغييب طائفة أساسية هي طائفة الأرمن الأرثوذكس وهي تعطي الميثاقية للجنة، على كلّ حال شكراً أنك فتحت المجال في مبادرتك أن أحضر جلسة أو جلستين وأبدي وجهة نظري في مناقشة القانون، وأنت بتمون.

سلام: مَن سيكون رئيس اللجنة؟

بري: الأعضاء سيتفقون بين بعضهم البعض وإذا اتُفق على النائب جورج عدوان فأنا لا أمانع، المهم أنّ اللجنة أعطيت مهلة شهرين للاتفاق، وفي حال لم تتفق سنعود إلى اللجان المشتركة.

وقال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد: عملياً هل شُطب بند قانون الانتخاب عن جدول أعمال الحوار؟

حردان: لا لم يُشطب واتفقنا أن يبحث على طاولة الحوار أيضاً.

بري: بالطبع لا، ولهذا استطعت أن اقنع هاغوب، فبند قانون الانتخاب سيبقى بنداً أساسياً على جدول أعمال هيئة الحوار، وعملنا يقتصر على مسألتين الدوائر وماهية الانتخاب.

رعد: عملياً هل ستبدأ اللجنة بالعمل من دون أن نعطي رأياً بذلك؟

بري: هيئة الحوار تواكب عمل اللجنة حسب البيان.

أرسلان: نحن لنا رأي في القانون، فهل ننتظر عمل اللجنة.

بري: لا.

أرسلان: نحن لم نضع أرضية لتنطلق منها اللجنة، سواء في مسألة الدوائر، أو في مسألة النسبية. هل ننطلق من النصوص الدستورية؟ وإذا اللجنة أنهت عملها في مهلة الشهرين وخرجت بنتائج تكون قد سبقتنا، لذلك اقترح جلسة خاصة لهيئة الحوار قبل الجلسة الأولى للجنة قانون الانتخاب لوضع حدّ للجدل.

بري: القانون الانتخابي في عمل اللجنة طويل عريض هناك 100 إلى 120 بنداً وعندما يصل أعضاء اللجنة إلى البنود الأهمّ في قانون الانتخاب نعطي رأينا، فعملنا يكمن في موضوع الآلية والدوائر.

وزير الاتصالات بطرس حرب: يجب أن نعطي توجيهاتنا لعمل اللجنة. وتفعيل عمل الحكومة بند ضروري.

سلام: تفعيل الحكومة مرتبط بإيجاد حلّ لموضوع النفايات. وبالنسبة إلى تصدير النفايات، نحن نتعاون مع شركات عالمية تفرض شروطاً عالمية، وبعد التواصل معها تمكنّا من الوصول لصيغة معيّنة؟ وإذا تبيّن أننا نحتاج مزيداً من الوقت، فإنني سأدعو انطلاقاً من الجو الإيجابي العام إلى جلسة لنضع الوزراء في أجواء المشاورات الجارية في موضوع النفايات، وبعد ذلك نبدأ بمناقشة بنود أخرى ملحة وبمشاركة الجميع.

حرب: اذا كنا متفقين على مبدأ تفعيل الحكومة، فليدع رئيس الحكومة إلى جلسة. وإذا كان ملف النفايات مبتوتاً نبحث فيه، وفي حال لا يزال عالقاً نناقش في مواضيع أخرى.

كنعان: إنّ النفايات ملف طارئ علينا مناقشته، أما البنود الأخرى بالنسبة لنا كتيار وطني حرّ فهي الآلية والتعيينات، نحن نتمنى أن تكون الجلسة مخصّصة للنفايات أما في ما يتعلق بجدول الأعمال فيجب على رئيس الحكومة أن يبحث في الأمر مع وزيري التيار الوطني الحرّ جبران باسيل والياس بوصعب، بخاصة أنّ مناقشة هذا الأمر ليست هنا.

سلام: في حال انعقاد مجلس الوزراء هناك جدول أعمال سيوزع، وعندها يبدي الوزراء آراءهم، في الفترة الماضية كانت هناك مقاربات، وأتمنى اليوم أن تكون المقاربات إيجابية.

وزير السياحة ميشال فرعون: من أصل 500 بند هناك اتفاق بين المكونات الحكومية على 350 بنداً، نحن نستطيع أن نؤجل الملفات الخلافية، فلا يمكن أن نترك البلد كما هو لأننا لا نستطيع أن نتفق على الآلية، علينا أن نتحدث عن تفعيل الحكومة في ظلّ استمرار الشغور الرئاسي.

بري: لا يوجد تعارض في كلام سلام وكنعان، كلاهما أكد أنّ النفايات بند أول، أما الحديث عن جلسات أخرى، فهناك جدول أعمال سيُوزع ولا مشكلة في ذلك.

حرب: لو لم يكن هناك مشكلة لما طُرح الموضوع من الأصل، فالبند الذي لا يكون على مزاج أحد الوزراء يُعطّل كلّ الجلسة.

بري: لا، يجب أن نضع هذا البند جانباً.

حرب: ماذا نفعل إذا كان مهماً وضرورياً؟

بري: هناك صلاحيات رئيس الجمهورية شعرة واحدة يجب أن لا تسقط، وفي الوقت نفسه لا يمكننا أن نعطي في غيابه أكثر مما نعطي في حضوره، لنشرّع ما هو ضروري ونرجئ غير الضروري قدر الإمكان. إنّ نص الدستور واضح، وأنا قلت هذا الكلام في اليوم الأول بعد الشغور الرئاسي، ورئيس الحكومة أكد مراراً أنه يطمح لأن يأخذ القرارات بالتوافق، والمهم أن نبدأ العمل.

حرب: المشكلة ليست في جدول الأعمال، إنما في فريق وزاري يعطّل مجلس الوزراء في حال لم يطرح بند معيّن، مع العلم أنّ مجلس الوزراء يأخذ القرارات بالتوافق وإذا تعثر التوافق تؤخذ القرارات بالتصويت، لكن رئيس الحكومة يريد أن يتخذ مجلس الوزراء القرارات بالتوافق.

كنعان: إذا كنا نريد أن نستحضر أمور مجلس الوزراء كلّها، كلّ واحد لديه مآخذ ونحن لدينا مآخذ على الفريق الآخر، لقد توافقنا على تفعيل عمل الحكومة كمبدأ لكن لدينا أمور تتطلب رأياً دستورياً في ظلّ الشغور الرئاسي.

فرعون: الحديث عن التفعيل مهمّ، ونبدأ بملف النفايات، إنّ المهم في الأمر هي الروحية، والروحية التي قارب بها رئيس الحكومة ما يجري في مجلس الوزراء جيّدة.

السنيورة: أؤكد على أهمية أن لا تبقى المؤسسات معطلة، ما قمنا به في مجلس النواب عمل نُشكر عليه جميعاً، لكن إذا لم يستتبع بتفعيل عمل مجلس الوزراء فسنقع في مشكلات كثيرة لا سيما أنّ الأخطار كبيرة. الدستور واضح بحذافيره لا يعطي شيئاً للوكيل أكثر من الأصيل، المهمّ التعاون.

لقد حدّد الدستور مَن يضع جدول الأعمال الذي يحق للوزراء الاعتراض عليه، ويمكن أن تطرح في الجلسة بنود أخرى إذا وافق رئيس الحكومة على ذلك. كنت أتمنى أن لا نبحث هذا الموضوع لأنه من البديهيات ويجب أن ننهي ملف النفايات، فالموضوع ليس كبسة زرّ، من الممكن أن يأخذ وقتاً طويلاً. أيُعقل مثلاً أنّ حدثاً كبيراً حصل في البلد ومجلس الوزراء لم يجتمع؟

بقرادونيان: هناك اتفاق مبدئي على تفعيل عمل الحكومة، لكن موضوع 500 بند نختار منها 350 بنداً لا يجوز، أنا أرى أنّ علينا أن نناقشها كسلة وإعطاءها الوقت الكافي للمناقشة لا سيما أنّ الجو ايجابي وملائم. إنّ جدول الاعمال ليس menu نختار منه بنوداً دستورية نناقشها ونمرّر منها فقط ما ينسجم مع مصالحنا.

حرب: الظاهر أنّ المشكلة لا تزال قائمة وإنْ كان النائب كنعان يتحدث بديبلوماسية.

كنعان: إذا بدّك نستبدل طريقة الكلام بأخرى، هناك مخالفات دستورية كقانون الدفاع، إنّ احترام القوانين ليس موضوعاً هامشياً، وكيف يمكن تجاوز القانون والأصول الدستورية في غياب رئيس الجمهورية؟ المسألة ليست ديكتاتورية علينا أن نبحث عن اتفاق مثل ما حصل قبل الجلسة العامة في المجلس النيابي. نحن لدينا رأي دستوري وقانوني طرحناه على طاولة الحوار يتعلق بتعيين قائد الجيش. اليوم العميد شامل روكز أحيل إلى التقاعد، لكن يجب أن نتحدّث عن قيادة الجيش.

فرنجية: علينا أن نبحث في المواضيع التي هي محلّ توافق، وأن نضع جانباً الأمور الخلافية.

حردان: كنعان ليس ضدّ دعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء، إنّ المسائل المتفق عليها والتي تهمّ مصالح الناس تسير، والمواضيع الخلافية يجري حولها حوار.

بري: هو لم يقل ذلك وإنْ كنا نتمنى أن يكون هكذا.

نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري: المسألة ليست مسألة بنود، فهي مسألة آلية التصويت واتخاذ القرارات وحضور الجلسة أو عدمه.

بري: الواضح أنّ الموضوع لم يُحَلّ، ولذلك سيبقى على طاولة الحوار بانتظار الجلسة التي ستخصّص للنفايات وبعد ذلك نناقش. الآن بشكل عام نتحدّث عن موضوع قانون الانتخابات.

السنيورة: لا أظن أنّ بإمكاننا الحديث، نحن شكلنا لجنة لتبحث في قانون الانتخاب.

بري: نحن يجب أن نواكب عمل اللجنة.

حردان: هل تحوّلت كلّ القوانين الموجودة إلى اللجنة؟

بري: القوانين عددها 17 وهي أمامهم.

حردان: يجب أن يكونوا 18 قانوناً، فنحن تقدّمنا منذ نحو عشرين عاماً باقتراح قانون يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية، وهو موجود في المجلس النيابي، وإذا لزم الأمر نعيد إرساله من جديد.

بري: نعم، وهناك قوانين متشابهة واللجنة مهمّتها ليست عصر القوانين، إنما الاتفاق على قانون.

حردان: إذا كان المطروح البحث في التوجّه العام، فنحن لدينا وجهة نظر في منهجية الحوار للوصول إلى تفاهم وقواسم مشتركة حول قانون الانتخاب.

ميقاتي: الذي لديه اقتراح يستطيع أن يُرسله إلى اللجنة؟

بري: للأسف أنا مع اقتراح السنيورة، وأيّ اقتراح أنا أرسله في اليوم نفسه إلى اللجنة.

أرسلان: لسنا مختلفين، كلّ واحد لديه قانون فليقدّمه، لا مشكلة في ذلك. ويبقى أن نعي من أيّ زاوية ستتمّ مقاربة قوانين الانتخاب وبعد ذلك نفعّل اللجنة، فإذا كنا نريد أن نقارب قانون الانتخاب من زاوية 8 و 14 آذار، فلن نصل إلى مكان. وإذا كنا نريد أن نقارب الموضوع على أساس طائفي أو مذهبي فسنضرب البلد، وإذا كنا سنقارب الموضوع على خلفية قاعدة مصالح الفرقاء على الطاولة، لا أحد منا خالٍ من المصالح. مع احترامي للجنة، لكن قوانين الانتخاب يجب أن نواجهها على طاولة الحوار. أنا أسمع أنّ الطائف مقدّس، فلو سلّمنا جدلاً بذلك هل بإمكاننا أن نطبّق الطائف، لا نستطيع أن نعمل صيفاً وشتاءً تحت سقف واحد. إنّ محاولات تركيب قانون الانتخاب على قاعدة مصالح الأفرقاء مجتمعين، فلا يجوز أن نؤمّن مصلحة فريق ضدّ فريق آخر. أنا اعتبر أنّ طرح الرئيس بري هو الوحيد الذي يصلح من روحية النص الدستوري. أما أن ننطلق من عدم أخذ المصالح بعين الاعتبار، فعندها على الشعب أن يقرّر. أنا أقف ضدّ أيّ قانون خارج الدستور، إنّ بناء مجلس ملل لا يجوز، صحيح أنّ خطاباتنا حلوة، لكن كلّ خطواتنا طائفية، يجب أن نضع إصبعنا على الجرح وأن نراعي جيداً مسألة بناء الوطن، قل لي أيّ قانون أقول لك أيّ بلد. إنّ البلد يسقط منذ العام 1960 يوماً بعد يوم، ولذلك اقترح أن لا تجتمع اللجنة إلا بعد أن نتفق نحن على طاولة الحوار.

السنيورة: هذا الموضوع من اختصاص اللجنة.

بري: سوف نعطيها توجيهاً عاماً.

السنيورة: إنّ اتفاق الطائف نص على احترام حقوق الجماعات، وحقوق الأفراد، وأكد على العيش المشترك، وعلى عمل مجلس الشيوخ آخذاً بعين الاعتبار الجماعات الطائفية.

بري: جيّد.

السنيورة: خرّبنا عقول الناس. إنّ أيّ خطوة خارج الدستور ستؤدّي إلى زرع الفتنة، بخاصة إذا اعتمدنا مشاريع طائفية. إنّ الحلّ هو بتطبيق الدستور وإنشاء مجلس شيوخ.

فرنجية: اعتقد أنّ اللجنة لن تقوم بأيّ شيء إلا إذا عادت الينا. كلنا نريد النسبية، لكن كلّ واحد منا لديه رأي في النسبية.

بري: أنا قلت هذا الكلام في اجتماع هيئة مكتب المجلس وتحدّثت عن مواكبة عمل اللجنة، فقانون الانتخاب له علاقة بتكوين السلطة، بخاصة أنّ 50 على الأقل من مشاكل لبنان تعود إلى قانون الانتخاب. كنا مع الرئيس نجيب ميقاتي في روما عندما قال: «إنّ الرئيس سعد الحريري اتصل به وقال له إنه يؤيد الدعوة إلى تشكيل مجلس شيوخ»، وكان البطريرك الماروني بشارة الراعي متفائلاً في روما، ولكن بعد عودتنا إلى لبنان تغيّر الوضع «ما عاد مشي الحال». وحسب الدستور مثلاً تعطى صلاحيات مستقلة لمجلس الشيوخ في ما يتعلق بحقوق الطوائف.

لقد شكلنا مجلساً دستورياً، لكننا فشلنا في تفعيله. شكلنا المجلس الاقتصادي والاجتماعي، طار المجلس وبقي رئيسه. لقد أعلنت مرات ثلاثاً عن هيئة إلغاء الطائفية السياسية، وكان بإمكاننا أن نوحّد كتاب التاريخ ونساعد على تخفيف الطائفية.

السنيورة: عن أية طائفية تتحدّث؟ تحدّث عن المذهبية، يجب العمل وفق قاعدة تقول إنّ مجلس النواب هو التشريع، وكلّ ما هو متعلق بالطوائف نعود به إلى مجلس الشيوخ.

بري: أنا أقول أكثر من ذلك، كل شؤون الطوائف تذهب مباشرة إلى مجلس الشيوخ. أنا أفهم أنّ كلمة مجلس وطني في الدستور تعني المحافظة على المساواة بين المسلمين والمسيحيين، 50 للمسيحيين و50 للمسلمين في البرلمان، واعتماد لبنان دائرة واحدة أو على الأقلّ المحافظات على أساس النسبية، أما غير ذلك فلا يمكن أن أسمّيه قانوناً على أساس وطني. لقد شكلنا لجنة لدراسة قانون الانتخاب ويجب أن نعطيها توجيهاً عاماً ويجب أن نحترم رأيها أيضاً، مع تأكيد أننا يجب أن نعود بقانون الانتخاب إلى طاولة الحوار قبل تعيين جلسة عامة.

أرسلان: طُرحت مقاربة من الممكن أن تكون من غير قصد، وكأنّ عدالة قانون الانتخاب مرتبطة بمجلس الشيوخ.

بري: لا اسمح لي أن أدافع عنه.

أرسلان: نحن مجتمعون لنتوافق، وإذا كان من المفترض أن نضع قواعد أساسية فإنّ أيّ هروب لن يوصلنا إلى أيّ اتفاق حول أيّ قانون. يجب أن نضع عنواناً أنّ الدستور هو حجر الزاوية والحَكَم بيننا، إنّ روحية الطائف هي الديمقراطية التوافقية، لكن هل هذه الديمقراطية تقول أن يأخذ 51 الحكم ويُعزل الـ49 ، هذا الأمر يُعتبر أكبر طعنة لروحية الطائف. نحن متمسكون بروحية الطائف. انا اسمع أنّ قانون النسبية مرتبط بسلاح المقاومة وإذا كنت أريد أن أسلّم جدلاً بذلك، فإنّ هذا السلاح يهدّد أكثر في النظام الأكثري من النظام النسبي. وأتمنى أن نضع معيار قانون الانتخاب فوق مصالحنا كلّها.

كنعان: إنّ تكوين السلطة ينبثق من مجلس النواب وليس من مجلس شيوخ، ومن هذا المنطلق اذا كنا نريد ان نطبّق الطائف من منطلق الشراكة فهذا يتطلب العناية، لأنّ اساس المشكلة هو الخلل في الشراكة، ومجلس الشيوخ لا يعنينا في موضوع الشراكة في المجلس النيابي.

بري: انا قلت 50 50 .

كنعان: أكثر من ذلك لأنّ الذي مررنا به في الماضي جعلنا نفهم الهواجس المسيحية ونتقدّم باقتراح القانون الأرثوذكسي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى