تحية إلى الشهيدة أشرقت قطناني

عباس الجمعة

الشهيدة أشرقت قطناني ابنة السادسة عشرة من عمرها من بلدة حوارة كتبت بدمائها رسالة جديدة بأنّ الانتفاضة هي خيار الشعب الفلسطيني، حيث صمّمت على الشهادة في سبيل تحرير وطنها، بل عشقت الشهادة، حيث دهسها مستوطن وأتبعها جنود الاحتلال الصهيوني بإطلاق الرصاص عليها ومُنعت سيارات الإسعاف من الوصول إلى المكان وتركت تنزف حتى استشهدت. فهي تهوي شجاعة كما استشهاديات فلسطين لأجل حرية وطنهن، ولكنها كانت أكثر تضحية لوطنها فلم تضحِ بشبابها فقط بل ضحت بحياتها أيضاً.

أشرقت عشقت الشهادة وصنعت لنا ولكلّ فتيات فلسطين طريقاً معمَّدة بالدماء، وعندما أكتب عن الشهادة فعلاً يرتعش القلم ليصنع على صفحات التاريخ رسم الشهداء. فأشرقت عشقت بالروح والوجدان نسمات فلسطين وغبار الأرض فأخلصت لسيد المقاومة السيد حسن نصرالله الذي كانت تتابع مقابلاته باستمرار، وأكدت باستشهادها عرس المرأة الفلسطينية بكامل ألوان طيفها. تزينت بزينة الأخلاق، غرست ينابيع الحنان والرجولة والحب، تعبت وعانت للبحث عن الجمال الدائم فلم تجد ضالّتها إلا في تلك الأرض الطيبة بخضرتها وعبق ريحها ونسيم عطرها وجمال بساتينها وأخلاق أبنائها، بعثت إلينا برسائل الصمود والإصرار، حتى أصبحت شهيدة الأرض والوطن.

من هنا نقول تحية إلى روح الشهيدة البطلة أشرقت قطناني، ونسأل الله أن يتقبلها بين شهدائه وأن يلهم أهلها وأسرتها الصبر والسلوان والمزيد من التسليم لقضاء الله وقدره. إنها المناضلة الفلسطينية التي كانت ولا تزال ترعب الاحتلال وقطعان ومستوطنيه.

الشابة أشرقت المناضلة والمكافحة التي ظنها العدو منقرضة في حين هي موجودة وتفرض وجودها بقوة، وهي تذكرنا بأمجاد دلال وتحرير وسناء محيدلي. نعم في فلسطين شابات مناضلات فهن اللواتي يدافعوا عن أرض فلسطين ومقدساتها إلى جانب شباب فلسطين، فهنّ الشهيدات اللواتي سقطت أجسادهن وبقيت أعمالهن، فكنّ خير مثل في التضحية والفداء والنهضة النسائية المقاومة والمناضلة التي تأبى شعلتها أن تنطفئ.

وهنا لا يسعني إلا أن أفتخر أشدّ الافتخار بالشهيدة أشرقت التي واجهت الاحتلال وجهاً لوجه لتؤكد عزيمة الفتاة الفلسطينية وصلابتها، ولتجدِّد تأكيد أنّ الشعب الفلسطيني كله مشروع شهيد من أجل تحرير الأرض والإنسان.

نعم المناضلة المقاومة الشهيدة البطلة أشرقت قطناني ابنة فلسطين والنضال والمقاومة ضدّ العدو الصهيوني المحتل وقطعان مستوطنيه، قررت بدمائها أن تروي أرض فلسطين وبذلك ساهمت إلى جانب جميع الشهيدات والشهداء والمعتقلات والمعتقلين وكلّ المقاومات والمقاومين، والصامدات والصامدين أن تؤكد أنّ تحرير فلسطين من رجس العدو الصهيوني بحاجة إلى دماء، فأعطت فخر الانتماء لوطنها وللشعب الفلسطيني وانتفاضته الكرامة والعزة والانتصار.

وأمام ما قدمته أشرقت نتذكر الدور الكبير والتضحيات الجسام التي قدمتها المرأة في تاريخ الثورة والمقاومة الفلسطينية والانتفاضات والهبات الشعبية، حيث أنّ المرأة تشارك الرجل في كافة أشكال المقاومة والنضال والتصدي لقوات الاحتلال الصهيوني، بل إنّ المرأة قادت مجموعة من الرجال في عمليات فدائية كما حدث مع البطلة دلال المغربي وسعاد بدران، وهنا لا بدّ لنا أن نتذكر الاستشهاديات آيات الأخرس ووفاء إدريس وريم الرياشي وهنادي جرادات وعندليب طقاطقة وهبة ضراغمة ودارين أبو عيشة وميرفت مسعود وكلّ شهيدات الانتفاضة المستمرة اللواتي تسلحن بالسكين والحجر والمقلاع.

واليوم تسجل شابات فلسطين أروع صفحات البطولة والتضحية من خلال مشاركتهن الشباب الثائر الفلسطيني بانتفاضته البطلة في تحدٍّ واضح لقوات الاحتلال الصهيوني، ولتؤكدن أنهنّ خير داعم للرجل من أجل تحقيق حلم الحرية والاستقلال والحياة في وطن حر وكريم .

وهنا لا يمكن أن ننسى دور المرأة العربية في مواجهة تنامي ظاهرة الإرهاب وانتشار الفكر المتطرف في البلدان العربية تونس، ليبيا، اليمن، مصر، سورية، لبنان حيث تؤكد المرأة والشباب أنّ مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف لا تختلف عن مواجهة الإرهاب الصهيوني باعتبار أنّ الإرهاب التكفيري هو الوجه المكمل للإرهاب الصهيوني، حيث تقدم المرأة العربية الشهيدات فواجهت ميرفت محمد سعيد وحنان عبود و صفاء السليمان والإعلامية يارا عباس الحرب الكونية على سورية التي تحرق الحجر والشجر والبشر كما شهيدات فلسطين، لأنّ حلمهن بالشهادة كان الأحلى فدماؤهن ستبقى منارة تضيء نور الحقيقة للعالم .

ختاماً، لا بدّ من القول إنّ شابات فلسطين وفي طليعتهن الشهيدة أشرقت قطناني وأخواتها شهيدات الانتفاضة يحققن بدمائهن مع شباب فلسطين تقدماً بارزاً في مسار الانتفاضة المستمرة، فكلّ التحية والتقدير لكلّ شابات فلسطين على عطائهنّ وصمودهنّ ونحن نستمدُّ مقومات النصر والحرية والكرامة منهن.

كاتب سياسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى