طهران: مباحثات حل الأزمة السوریة ربما في باریس لا فيينا

شكّك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في نيات تركيا بمحاربة الإرهاب، مؤكداً أن القضاء على بؤرة الإرهاب في الشرق الأوسط يتطلّب التخلي عن سياسة الكيل بمكيالين، وأشار إلى أن أي إصلاحات في سورية يجب أن تطبّق بقيادة السوريين أنفسهم فقط.

وأكد لافروف في مؤتمر صحافيٍ مشترك مع نظيره السوري وليد المعلم في موسكو، على أهمية التوافق على قائمة التنظيمات الإرهابية في سورية وبعدها يمكن تحديد المعارضة السورية الوطنية، وأعلن أنّ روسيا قرّرت تعليق نظام التأشيرة الحرة للأتراك بدءاً من اوائل العام المقبل. مضيفاً «لدينا المزيد من التساؤلات عن نشاط أنقرة والتزامها الحقيقي باستئصال الإرهاب».

واعتبر وزير الخارجية الروسي «ان السلطات التركية تخطت الحدود المسموح بها، وتخاطر بوضع تركيا في موقف صعب جداً على المدى الطويل في ما يتعلق بمصالحها الوطنية». وأضاف ان «روسيا … ستواصل تقديم كافة المساعدات الضرورية لسورية في معركة القضاء على الإرهاب».

كما أكد لافروف أن موسكو مستعدة لقبول أي صيغة للتحالف المستقبلي الواسع ضد «داعش» يعتبره شركاؤها مناسباً، مشيراً إلى أنه من المستحيل إلحاق الهزيمة بالإرهاب ما لم يتم التخلي عن الكيل بمكيالين، موضحاً أن الحديث يدور بالدرجة الأولى عن جيران سورية.

المعلم

بدوره حذّر المعلم داعمي الإرهاب بأنه سيرتدّ عليهم، وردّ على المطالبين برحيل الرئيس السوري بأنّه بمثابة «حلم إبليس بالجنة»، كما رحب الوزير السوري بتصريحات نظيره الفرنسي لوران فابيوس حول إمكانية مشاركة الجيش السوري في مكافحة تنظيم «داعش»، مؤكداً أن بلاده «مستعدة للتنسيق مع أي قوات» تتشاور معها لمكافحة الإرهاب.

وقال «إن كان فابيوس جاداً في التعامل مع الجيش السوري والتعاطي مع قوات على الأرض تحارب داعش، فنحن نرحب بذلك»، مشيراً إلى أن ذلك «يتطلّب تغييراً جذرياً في التعاطي مع الأزمة السورية».

وأكد المعلم «نحن منذ بداية الأزمة في سورية كنا نقول إن أوروبا اخطأت بالتعاطي مع هذه الأزمة، وبأن الإرهاب سيرتد على داعميه، ومع الأسف كانت بريطانيا وفرنسا الدولتين اللتين تقودان الجهد الاوروبي ضد الحكومة الشرعية في سورية»، مضيفاً «الآن أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي». وتابع «أقول بكل بساطة أدرسوا تجربة سلاح الجو الروسي وتفاعله مع الجيش العربي السوري على الأرض والنتائج التي تحققت وتعلموا منها».

فابيوس

هذا وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قد اقترح أمس أن ينضم الجيش السوري النظامي إلى المعركة المشتركة ضد تنظيم «داعش».

وقال في تصريح لإذاعة «إر تي إل» «أمامنا خياران في ما يخص الإجراءات لمحاربة داعش : إما الغارات الجوية، أو الاعتماد على القوات البرية، لكن لا يمكن أن تكون تلك القوات تابعة لنا، بل يجب أن تكون للجيش السوري الحر وقوات عربية سنية ولماذا لا تكون قوات النظام وقوات كردية أيضاً». لكنه شدد على أنه لا مكان للرئيس السوري بشار الأسد في مستقبل شعبه.

ووصف فابيوس فكرة إرسال قوات فرنسية إلى سورية، بأنها هدّامة، مشدداً في الوقت نفسه على «التصميم الفرنسي المطلق» على تدمير تنظيم «داعش»، مؤكداً على ضرورة أن تلحق سورية والعراق الهزيمة بالتنظيم الإرهابي مع التوصل إلى حل سياسي. وأضاف «إن سقوط الرقة عاصمة تنظيم الدولة الإسلامية المعلنة تعدّ الهدف العسكري الرئيسي لنا».

وكشف فابيوس أن الرئيس الروسي طلب من نظيره الفرنسي خلال اللقاء في موسكو تقديم خريطة تبين مواقع «قوات المعارضة السورية التي تحارب «داعش» لكي يتجنب سلاح الجو الروسي استهداف تلك المواقع خلال غاراته في سورية.

وفي تصريحات لإذاعة «إر تي إل» أبدى فابيوس موقفاً حذراً من تصريحات موسكو التي اتهمت أنقرة بالتقاعس في قطع قنوات تهريب النفط من المناطق الخاضعة لـ«داعش» في سوريا إلى أراضيها. وقال «شاحنات تقل كميات من النفط تنطلق من العديد من المناطق التي يسيطر عليها «داعش»، وتتوجه تلك الشاحنات، كما اكتشفنا، في مختلف الاتجاهات، بما في ذلك تركيا. لكن الحكومة التركية تقول إنها ليست على علم بذلك».

عبد اللهیان

إلى ذلك، أعلن حسین أمیرعبد اللهیان مساعد وزير الخارجیة الإيراني أن الاجتماعات الخاصة بالأزمة السوریة ستعقد خلال أسبوعین أو ثلاثة أسابیع، وقد تعقد في باريس بدل فیینا.

وقال عبد اللهیان أمس في حدیث للصحافيين علی هامش مراسم استقبال جثمان غضنفر ركن أبادي سفیر إیران السابق في لبنان الذي قضی في كارثة التدافع في منی، قال إن إیران جادة في مكافحة الإرهاب وتتابع المسار السیاسي لحل الأزمة السورية، بما في ذلك ما یتعلق بالرئیس السوري بشار الأسد.

وأضاف معلقاً على إصرار بعض المسؤولین على رحيل الرئیس السوري قائلاً «إن القرار بهذا الصدد یعود للشعب السوري نفسه، ولا یحق لأي بلد أن یقرر ذلك بدلاً من الشعب السوري، ولا بد لهذا الشعب من أن یتخذ القرار بشأن مستقبل بلاده السیاسي»، منوهاً بأنه «حتی لو عقدت عشرات الاجتماعات فنحن لا یمكن أن نسمح أن تقرر دول أخری مستقبل سوریة السیاسي بدلاً من الشعب السوري».

جاء ذلك في وقت أفادت صحيفة «حرييت» التركية نقلا عن مصادر دبلوماسية بأن سلاح الجو التركي علق تحليقاته في أجواء سورية في إطار عملية التحالف الدولي المضاد لتنظيم «داعش».

وأشارت المصادر إلى أن تعليق مشاركة المقاتلات التركية في العملية ضد «داعش» كان في الواقع قراراً متبادلاً اتخذ بالتعاون مع روسيا التي علقت هي الأخرى تحليقات طيرانها الحربي قرب حدود تركيا.

من جهته نفى الكرملين علمه بتعليق التحليقات على الحدود السورية – التركية، مؤكداً أن العملية الروسية في سورية تتواصل دون أي قيود.

بيسكوف

وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف رداً على سؤال حول التوصل إلى اتفاق بشأن تعليق التحليقات قرب الحدود السورية التركية، «لا أعلم عن مثل هذه الاتفاقات، وننطلق من أن القوات الجوية الفضائية الروسية تواصل عمليتها الخاصة بدعم خطوات القوات السورية الهجومية ضد التنظيمات الإرهابية من دون أي قيود في إطار مهمة معروفة جيداً. كما شهدنا جميعاً تصريحات وزارة الدفاع الروسية حول وقف الاتصالات العسكرية كافة مع الجانب التركي».

بونداريف

وفي السياق، أعلن قائد سلاح الجو الروسي فيكتور بونداريف أن تحليل بيانات وسائل المراقبة الالكترونية يؤكد أن إسقاط القاذفة الروسية كان هجوماً مدبراً إذ تم توجيه المقاتلات التركية لاستهدافها من الأرض.

وأضاف المسؤول الروسي أن مقاتلات «إف- 16» التركية نصبت كميناً في السماء استهدف القاذفة الروسية، وذلك لأن المهلة الزمنية لم تكن كافية بالنسبة لها لكي تنفذ مثل هذا الهجوم حتى لو انطلقت من أقرب مطار تركي، وقال «تؤكد بيانات الرادارات السورية أن مقاتلتين تركيتين من طراز «إف 16 س» تواجدتا في منطقة المناوبة لمدة ساعة و15 دقيقة من 09.11 حتى 10.26 صباح 24 تشرين الثاني ، على ارتفاع 2.4 ألف متر، وهذا ما يدل على الطابع المدبر للهجوم وكون المقاتلتين كانتا مستعدتين للعمل انطلاقاً من كمين نصب في الأجواء التركية».

وشدد بونداريف على أن المقاتلة التركية التي أسقطت القاذفة الروسية توغلت في المجال الجوي السوري بعمق كيلومترين وبقيت فيه لمدة 40 ثانية، في الوقت الذي لم تعبر فيه القاذفة الروسية الحدود التركية قط.

وكشف قائد سلاح الجو الروسي تفاصيل عملية اسقاط الطائرة الروسية وقال إن طائرتين من طراز «سو-24» اقلعتا من مطار «حميميم» في الساعة 09.42 يوم إسقاط الطائرة ، وتوجهتا إلى محيط بلدة معرة النعمان للمناوبة القتالية. وفي الساعة 09.52 دخلت الطائرة التي تم استهدافها في المنطقة التي يشملها مدى الرادارات التركية وبقيت فيها 34 دقيقة.

وأردف قائلا «وجه طاقم الطائرة القاذفة بقيادة المقدم أوليغ بيشكوف ضربة إلى هدف يبعد 5.5 كيلومتر من جنوب الحدود التركية، وألقى قنابل في الساعة 10.24، وبعد ذلك مباشرة تم إسقاط القاذفة بصاروخ «جو – جو» أطلقته طائرة «إف-16» تابعة لسلاح الجو التركي سبق لها أن أقلعت من مطار ديار بكر العسكري».

وتابع بوندوريف أن المقاتلة التركية توقفت عن المناورة في المنطقة التي كانت تقوم فيها بالمناوبة القتالية وتوجّهت إلى النقطة التي هاجمت منها القاذفة الروسية قبل اقتراب القاذفة الروسية من الحدود التركية بمدة دقيقة و40 ثانية. وأكد أن ذلك والطريقة التي اعتمدتها الطائرة التركية للدخول إلى المنطقة التي تضمن إصابة الهدف حتماً، تؤكد أن توجيه المقاتلة التركية تمّ من الأرض.

ميدانياً، سجلّت الساعات الماضية تقدّماً ميدانياً لقوات الجيش السوري باتجاه ساحة بصرى في درعا البلد، حيث سيطر الجيش على 8 كتل أبنية شرق نقابة الأطباء وجنوب الساحة.

وفي ريف اللاذقية الشمالي، سيطر الجيش على أجزاء واسعة من جبل النوبة الاستراتيجي، وعلى تلتي الرحملية والخضر بعد اشتباكات عنيفة مع المسلحين، كما انسحبت وحدات الجيش من برج زاهية نتيجة هجوم عنيف للمسلحين، في حين حافظت على سيطرتها على جبل زاهية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى