تحالفات متغيّرة على وقع الإرهاب

محمد محفوض

لم تكن الضربات التي أعلنت عنها فرنسا ضد تنظيم داعش في الرقة كافية لتهدئة الشارع الفرنسي الرافض لسياسة بلاده الخارجية ولا حتى الإعلان عن انخراط عسكري فرنسي أكبر بالإعلان عن بدء مشاركة حاملة الطائرات شارل ديغول بهذه الحملة.

نزل فرانسوا هولاند ضيفاً على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قادماً من كازاخستان… الرئيسان ناقشا مواضيع عدة. الأزمة السورية ومكافحة الإرهاب في المقدّمة وصولاً إلى أوكرانيا.

زيارة الرئيس الفرنسي إلى موسكو تأتي في وقت يشهد فيه العالم تغييرات سريعة في التحالفات والأولويات الدبلوماسية محركها الأساس انتشار إرهاب تنظيم «داعش.»

جرت الأحداث بسرعة كبيرة، فمنذ سنة واحدة تشاجر البلدان حول سفن حربية كان الروس قد اشتروها من فرنسا، ولكن الأخيرة رفضت تسليمها إليهم.

وكانت فرنسا آنذاك تعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عنصر توتر عند حدود أوروبا الشرقية، وأيّدت باريس بقوة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا لاحتواء الطموحات الروسية في شبه جزيرة القرم.

اليوم يؤكد بوتين خلال لقاء عقده مع هولاند في مطار فنوكوفو بموسكو، أن هذه الزيارة ستساعد على حل الكثير من المسائل الدولية العالقة.

الرئيس الروسي عبّر عن استعداده للتعاون مع التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، موضحاً بالقول «نتعاطى باحترام مع التحالف الذي تقوده واشنطن، ولكن شركاءنا غير مستعدين لتحالف أوسع».

وبخصوص تورّط أنقرة في مساعدة «داعش» في تهريب النفط من سورية قال بوتين «في قمة العشرين أظهرتُ صوراً للصهاريج التي ينقل بها «داعش» النفط إلى تركيا»، مضيفاً «لا نرى أن السلطات التركية تقوم بحرق وإتلاف النفط المهرّب عبر أراضيها»، في رد غير مباشر على ما ادّعاه الرئيس التركي بأن سلطات بلاده تقوم بحرق النفط المهرب عبر أراضيها.

على السياق ذاته برز تصريح هولاند الداعي لضرورة البدء بتدمير مصادر تمويل «داعش»، وذلك بضرب الشاحنات التي تنقل النفط المهرب من قبل التنظيم ومعامل التكرير الواقعة تحت سيطرته.

رغبة هولاند بمشاركة روسيا في مكافحة الإرهاب لا بد أن يعقبها تغيير ملحوظ في دفّة السياسات الفرنسية تجاه سورية، حيث يشعر الفرنسيون بأنهم أدخلوا تغييراً كبيراً في سياستهم عندما تخلوا عن شرط الرحيل الفوري للرئيس الأسد.

وفي حقيقة الأمر، فإن هذا التنازل تطلّب التخلّي عن الكثير من ماء الوجه، خصوصاً مع التصريح الأخير لوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي اقترح انضمام الجيش السوري النظامي إلى المعركة المشتركة ضد تنظيم «داعش».

فابيوس وفي تصريح لإذاعة «إر تي إلـ» قال: «أمامنا خياران في ما يخص الإجراءات لمحاربة داعش : إما الغارات الجوية، أو الاعتماد على القوات البرية، لكن لا يمكن أن تكون تلك القوات تابعة لنا، بل يجب أن تكون للجيش السوري الحرّ وقوات عربية سنية ولماذا لا تكون قوات النظام وقوات كردية أيضاً».

لم تعد مستغربة تصريحات فابيوس التي تعد الأولى من نوعها لمسؤول يمثل الحكومة الفرنسية، فهذه التصريحات أتت بعد محادثات القمة الروسية – الفرنسية في موسكو.

يبدو أن فرنسا باتت تأمل في أن يحقق الروس ما لم يحاول الأميركيون إنجازه، وتحديداً القضاء على الجماعات التي توصف بـ«الإرهاب» مضطرة للقبول بالدور الروسي العسكري والسياسي خوفاً من تمدد «دولة الخلافة»، ووصولها إلى أسوار أوروبا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى