المشروع الإخواني… بين الانهيار والحلم الأردوغاني

د. منيف حميدوش

دأبت الدوائر الغربية من منتصف خمسينيات القرن الماضي على إبراز حركة «الإخوان المسلمين» كحركة بديلة من الأنظمة القائمة في الدول ذات البعد العلماني، وبخاصة في الدول التي تقف في وجه مخططاتها الاستعمارية وعمدت إلى تدريب وتسليح هذه الجماعات الإرهابية في كلٍّ من أفغانستان وباكستان، وفي العديد من الدول الإسلامية والغربية.

وجعلت منها رأس الحربة في تقويض مقومات الدولة، ولكي يكون لها بعد آخر بحيث يعطي للكيان الصهيوني الذريعة في إقامة الدولة اليهودية بجوار الدولة الإسلامية المزعومة.

وأسست لهذه الغاية عوامل، ومقومات العيش لهذه الدولة، وأعطتها صفة الديمقراطية، فكانت أفغانستان وحركة طالبان، وحكمتيار. وجاءت مصر الإخوانية مع محمد مرسي، وتركيا الأردوغانية، إضافة إلى حماس الأخوانية جناح خالد مشعل واسماعيل هنية.

إضافة إلى الفكر الوهابي التكفيري والذي هو أشد حقداً من الإخوانية، حيث تعتبر حركة «الإخوان المسلمين» فرعاً من فروعه.

حاولت الدوائر الاستخبارية العالمية جاهدة أن تجعل من هذه الحركات في صدارة الدولة بحيث تتسلّم السلطة في عدد من الدول ذات الثقل النوعي في المنطقة، فكان لها ما أرادت في مصر والسعودية ودول الخليج بشكل نسبي والأردن والعديد من الفصائل الفلسطينية، وكذلك في تركيا الدولة العثمانية المريضة، والتي تترأسها الآن حكومة حزب العدالة والتنمية الإخواني برئاسة طيب رجب أردوغان.

وبعد أن هيأت لها مقومات العيش بادرت إلى التغلغل في الشارع العربي، فأسقطت أنظمة بحجة أنها ديكتاتورية، وهم يمارسون في البلدان التي يحكمونها أقسى أنواع العذاب والكفر، وأقسى أنواع الأحكام التي لا يمكن أن تأخذ بحق إنسان.

لاقت حركة «الإخوان المسلمين» والجماعات التكفيرية فيها سبباً لإسقاط الأنظمة التقليدية كتونس وليبيا، وغيرها من الدول ذات السيادة، ونجحت فيها ومن ثم دب البؤس والخراب في هاتين الدولتين بعد أن سقطت حكومتيهما في يد الجماعات الإسلامية المتطرفة.

ركنا «الإخوان المسلمين» في المنطقة والمشرق العربي هما المملكة الوهابية والعثمانية الجديدة. وكلاهما منبع «الإخوان المسلمين»، فعمدت الدوائر الاستعمارية الغربية والأميركية والصهيونية على إعطائهما أدوراً أكبر من حجمهما.

حيث عمدت الأولى على ضخ الفكر الوهابي، والأموال الخليجية في المنطقة العربية وزرعت الفكر الشيطاني في عقول أبناء الأمة، وهذا التقصير ناتج من غياب الفكر القومي العربي وانشغال الأنظمة بأمورها الخاصة فعمَّ الجهل والفكر التكفيري في المنطقة، وزادت حال الأمة سوءاً.

وعمدت الثانية إلى تأمين البيئة الحاضنة لهؤلاء الإرهابيين التكفيريين، وحاولوا الانقضاض على مقومات المنطقة العربية وكان لها ما أرادت في بعض الدول العربية، لكن صخرة الصمود في وجه مشروعهم سورية الدولة والجيش والقائد لا تزال تواجه مشروعهم التدميري وهو الآن في الربع الأخير من حياته، وبخاصة بعدما عادت مصر إلى حضن العلمانية واستعادت دورها الوطني على المستوى الإقليمي وهي الضربة الأولى تلقتها المشروع الإخواني في المنطقة، والآن المملكة الوهابية وبعد خمس سنوات من الحرب القذرة على سورية، لم تستطع أن تحقق شيئاً من حلمها… فالمناطق التي سيطروا عليها في بداية الحرب ها هي الآن تعود إلى حضن الوطن بالتعاون مع القوى الحليفة والصديقة لسورية.

المشروع الإخواني يترنح… ويتهاوى، وليس من مفرّ لذلك فمصر تخلصت من حكم الإخوان ومشروعهم بأقل من سنة… وتونس تعيد لملمة جراحها لتعيد هيبة الوطن… وليبيا الجريحة الآن تحاول.

أما مشروعهم التدميري فسقط على عتبات الشام… ولم يلق ولن يلقى النجاح.

ومشروعهم الوهابي سقط على أقدام الجندي العربي السوري، والحلم الأردوغاني بزعامة العالم الإسلامي الإخواني سقط، مع سقوط السلطنة العثمانية، ولن تنفعه هذه العنتريات في تحقيق مشروعه.

سورية حاضرة في الميدان، وروسيا حاضرة في الجو والبحر، والجيش العربي السوري وحده القادر على إسقاط هذا المشروع التكفيري الإخواني.

مشروعهم في طريق الانهيار، ولن ينقذه من الموت المحقق لا ضربات أردوغان ولا أموال الخليج.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى