وصلت جثة الطيار الروسي فانفرجت المفاوضات حول العسكريين المخطوفين

كتب المحرر السياسي

فشل الرئيس التركي رجب أردوغان في انتزاع الموعد الذي وسّط لأجله الرئيسين الأميركي باراك أوباما والفرنسي فرنسوا هولاند، وانتظره طويلاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفشلت ديبلوماسية الجثث والرهائن، التي اعتمدها أردوغان لطيّ صفحة سقوط الطائرة الروسية من دون اعتذار، ومن دون قبول الانضباط بشروط انضواء فعلي في الحرب على الإرهاب. فالمماطلة بتسليم جثة الطيار الروسي من يوم السبت إلى مساء أمس الاثنين، والتعطيل المفتعل لصفقة تبادل العسكريين اللبنانيين المخطوفين، للابتزاز ووضع شروط، فعلا عكس ما أراد أردوغان، فوجد نفسه وحيداً في باريس، وسمع كلاماً قاسياً من الرئيس بوتين في كلمته أمام مؤتمر القمة المخصّصة للمناخ، بينما رئيس وزرائه داوود أوغلو يتلقى من الاتحاد الأوروبي ثلاثة مليارات يورو لقاء صرف النظر نهائياً عن مشروع المنطقة الآمنة داخل الحدود السورية، وقبول استيعاب اللاجئين السوريين داخل تركيا ووقف خطط ترحيلهم إلى أوروبا.

ومنذ ظهر أمس، بدا أنّ مساراً جديداً قد بدأ مع إقلاع طائرة عسكرية روسية تنقل جثمان الطيار الروسي، رغم إعلان الكرملين أن لا موعد للقاء أردوغان مع بوتين، فبدأت مؤشرات الانفراج في ملف العسكريين المخطوفين، مع سحب ما سُمّي بالمطالب التعجيزية، التي أضيفت فجأة على الصفقة التي تحرّكت فجأة أيضاً، وكلّ الإيقاع تركي.

لبنان المنشغل بقضية عسكرييه وعودتهم إلى الوطن والحرية واصل تلقّي تداعيات تسوية باريس الرئاسية، التي قال العماد ميشال عون إنه لم يطلع عليها بشكل رسمي، معتبراً أنّ قانون الانتخابات النيابية يبقى هو الأساس لأيّ تسوية، وأنّ تقاسم فريقي 8 و14 من آذار رئاستَي الجمهورية والحكومة حلّ منصف شرط أن يتولى كلّ فريق تسمية المرشح الذي يختاره للرئاسة التي ينالها، بينما توقف النائب سليمان فرنجية في بيان توضيحي لمكتبه حول لقائه بالوزير جبران باسيل أمام بعض المواقف من ترشيحه، معلناً الانفتاح على مناقشة كلّ المعطيات السياسية والوطنية، لكن لا لمعادلة «ليش إنت مش أنا».

«النصرة» تسحب شرط معالجة «ملف الحجيري»

تسير عملية تبادل العسكريين في الطريق الصحيح، بعد سحب شرط جبهة النصرة بمعالجة ملف الشيخ مصطفى الحجيري القضائي من التداول، بطلب من الحجيري، بعد تدخلات لبنانية معه. وجرت المشاورات والاتصالات في قضية العسكريين داخل ثكنة الجيش في رأس بعلبك بحضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والمحامي نبيل الحلبي، فيما بقي الموقوفون الّذين ستتمّ مبادلتهم موجودين على مداخل عرسال، في انتظار ما يتمّ التوصلّ إليه بين إرهابيي جبهة النصرة والجانب اللبناني.

وأفادت «جبهة النصرة» عبر مواقع التواصل الاجتماعي «أن المفاوضات بشأن الأسرى العسكريين لديها لا تزال في مرحلة الترتيب لوضع آلية جادة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه». وبرغم ذلك، أكدت مصادر إسلامية لـ«البناء» أن «إدخال تسوية ملف الحجيري قضائياً كان أحد الأسباب التي عرقلت إنجاز صفقة التبادل، وبالتالي تأجل إطلاق سراح العسكريين». ولفتت المصادر إلى «أن هذا الشرط قد طرأ في ربع الساعة الأخير من جانب جبهة النصرة ولم يكن ضمن صفقة التبادل في السابق». وأضافت المصادر «أن بعض الأسباب اللوجستية والأمنية أيضاً دفعت جبهة النصرة إلى تأخير إنجاز الصفقة لا سيما المكان المتفق عليه لإتمام التبادل». ورجّحت المصادر «أن ينتهي هذا الملف بشكلٍ إيجابي في أقرب وقت ويتم إنجاز الصفقة وإطلاق العسكريين المخطوفين، لأن الصفقة منجزة، لكن يتم التفاوض على بعض التفاصيل التي لا تعتبر أساسية بالنسبة للخاطفين».

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أنه إذا سارت الأمور على ما يرام سيطلق سراح العسكريين فجراً، وكشفت المصادر عن «تراجع المسلحين عن شروطهم وطلباتهم التي وضعوها قبل إتمام الصفقة بعد أن تم إبلاغهم بشكلٍ حاسم، بأنه ليس وارداً أن تحقق الدولة هذه الطلبات الإضافية لا سيما إخراج أسرى لدى الدولة السورية وتسوية ملف الشيخ مصطفى الحجيري وبعض الإرهابيين الصادرة بحقهم أحكام قضائية».

ولفتت المديرية العامة للأمن العام إلى أن «بعض وسائل الإعلام لا تزال حتى الآن تتداول معلومات مغلوطة تتعلق بمسار التفاوض في ملف العسكريين المخطوفين»، داعية وسائل الإعلام إلى «عدم نشر أية معلومات تتعلق بهذه العملية، والانتظار حتى إتمامها ليتم الإعلان عنها بشكلٍ رسمي من قبل المعنيين».

المستقبل: «الستين» معدّلاً

سياسياً، تتمحور الاتصالات والمشاورات حول قانون الانتخاب بيت القصيد عند فريق 8 آذار المصرّ على إقرار قانون انتخابي جديد يحقق صحة التمثيل. وتتزامن الاتصالات في التسوية الرئاسية مع بدء اجتماعات اللجنة النيابيّة المكلّفة درس قانون الانتخابات للتوصّل إلى قانون انتخابي.

وفيما التزم النواب العشرة الصمت رافضين الإدلاء بأي تصريح، ومتفقين على إبقاء النقاشات بعيدة عن الإعلام. شدّد منسّق اللجنة النائب جورج عدوان على «أنّ أي تسريب أو إعطاء معلومات للإعلام حول عمل اللجنة، فنحن لسنا معنيين به وننفيه سلفاً». وإذ أكّد «أن كل اللبنانيين يتوقون لقانون جديد»، أكّد «أن اللجنة ستنكبّ في اجتماعات لتخرج باقتراح لقانون الانتخابات، خصوصاً أن الإصلاح لا يكون إلا من خلال قانون جديد، وسنسعى لنحقق هذا الأمر».

ولما كانت عناصر الطرح الباريسي تنص على انتخاب رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية رئيساً ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري رئيساً للحكومة طيلة ولاية فرنجية، والإبقاء على قانون الستين معدلاً بحيث يتم انتخاب 70 من النواب على أساس الأكثري و30 على أساس النسبي وفق الاقتراح الذي تقدّم به النائب احمد فتفت في لجنة التواصل في اجتماعاتها السابقة، وأن لا يمس اتفاق الطائف، تقول أوساط سياسية لـ«البناء» إن فرنجية اصطدم عند عودته للترويج للطرح بعقبة منصب الرئيس من دون صلاحيات والمكبل بمجلس نيابي تتحكم به 14 آذار، وهذا يشكل اتفاقاً غير متوازن ومساً بالسلة المتكاملة التي طرحها الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله، وأكد فيها تعاون كل المكوّنات السياسية لإنضاج التسوية، بخاصة أن فرنجية لم يكلف من فريق 8 آذار التفاوض حول التسوية، كما تشير الأوساط السياسية. وأشارت الأوساط إلى «أن فريق 8 آذار قد يعتبر نفسه رابحاً شكلياً بانتخاب فرنجية الحليف الاستراتيجي له، لكنه في الجوهر سيكون خاسراً إلا إذا اعتمد قانون انتخابي على أساس النسبية الكاملة وطبق اتفاق الطائف على أساس روحية الطائف، وليس بذهنية الحريرية السياسية والاحتكام للنصوص من دون التزامات مسبقة بالأشخاص».

عون: 8 آذار يختار الرئيس

كشف رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون أنه لم يتبلّغ رسمياً بالاتفاق بين رئيس تيار المستقبل ورئيس تيار المردة متسائلاً: «ما هو أساس هذا الاتفاق». وأكد عون «أن فريق 8 آذار يختار رئيس الجمهورية وليس فريق 14 آذار»، متسائلاً «لماذا الحريري هو مَن سيختار سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية؟»، مضيفاً «أن رئاسة الحكومة لـ 14 آذار ورئاسة الجمهورية لـ 8 آذار هو حل منصف، لكن بشرط أن يقوم كل فريق باختيار رئيسه». وفي مقابلة مسجلة مع قناة «روسيا اليوم»، شدّد على «أن قانون النسبية في الانتخابات يعطي كل حزب حجمه الصحيح، وهو أفضل قانون للانتخابات، وبالتأكيد هذا القانون قابل للتحقيق، لأنه يعطي الجميع حقه ويمثل جميع اللبنانيين»، موضحاً «أنه وفق هذا القانون لا يبقى أقلية غير ممثلة في مجلس النواب».

… ولن أتنازل عن قانون الانتخاب

وفي السياق علمت «البناء» أن اللقاء بين فرنجية ووزير الخارجية جبران باسيل يوم الأحد «لم يكن جيداً، بدليل أنه لم يتم تحديد موعد للقاء يجمع عون وفرنجية». ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى «أن باسيل أبلغ فرنجية أن الجنرال قد يتنازل عن رئاسة الجمهورية التي هي حق له، وفق التمثيل الشعبي والوطني، لك إذا كنت أنت المرشح، لكنه لن يتنازل على الإطلاق عن إقرار قانون انتخابي لا يؤمن صحة التمثيل ويحقق الشراكة الحقيقية». وتعود المصادر إلى عهد الرئيس إميل لحود الذي «عزل في قصر بعبدا بين العام 2005 والعام 2008 نتيجة ما أفرزته انتخابات 2005 من أكثرية لمصلحة تيار المستقبل وفريق 14 آذار، فحكمت البلد ولم تسأل عن الرئاسة».

وكان فرنجية أوضح في البيان الذي صدر عن مكتبه الإعلامي رداً على بعض التسريبات التي وردت حول ما دار خلال اللقاء بينه وبين باسيل في البترون، ما يلي :

1 – إن اللقاء كان ودّياً وصريحاً من غير أي التزامات.

2 – إن الرئيس سعد الحريري طالب بقانون انتخابي لا يضرب تمثيل طائفة من دون تحديد شكل القانون. وقد تمّ التوافق حول رفض أي قانون يضرب كيان أي طائفة.

3 – أكّد فرنجية خلال اللقاء استمراره بدعم ترشيح العماد عون ومنح الموضوع مزيداً من الوقت، إذا كان هناك من نيّة فعلية بالتوافق حول العماد عون، أما إذا استمرّ الترشيح فقط لتعطيل ترشيح فرنجية فهذا موضوع آخر.

4 – الحديث عن رفض الأقطاب لترشيح فرنجية نناقشه، إذا كان هناك عذر مسيحي أو وطني، أما إذا كان على قاعدة «ليش إنت مش أنا»، فالأمر مختلف تماماً وغير مقبول.

إلى ذلك، عقدت جلسة الحوار الحادية والعشرين بين حزب الله وتيار المستقبل في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة امس، بحضور المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، الوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار المستقبل، كما حضر الجلسة الوزير علي حسن خليل. جرى البحث في التطورات السياسية وما يتعلق بالاستحقاقات الدستورية تحديداً. وتمّ تأكيد الاستمرار بالحوارات القائمة للإسراع في الوصول إلى التفاهمات الوطنية.

ولايتي: زيادة الأمل رئاسياً

ولفت مستشار الإمام الخامنئي للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي عقب لقائه رئيس الحكومة تمام سلام، يرافقه نائب وزير الخارجية الإيراني عبد الأمير اللهيان والسفير الإيراني محمد فتحعلي، إلى أن المباحثات مع سلام تشير إلى أن الآمال في ما يتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية قد ازدادت وتبشر بالخير. وأضاف أنه جرى عرض خلال اللقاء ما تشهده المنطقة من ظروف صعبة وخطيرة وما تشهده الساحة اللبنانية في هذه المرحلة الخاصة. وأعرب عن أمله بتحرير وإطلاق العسكريين المخطوفين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى