تفاؤل الدكتور قدري جميل

حميدي العبدالله

في سياق الردّ على سؤال طرحه مراسل قناة «الميادين» على الدكتور قدري جميل الأمين العام لحزب الإرادة الشعبية، حول الطابع الاستشاري لوفد القوى العلمانية، نفي ذلك بقوة، وقال إنّ وفد العلمانيين سوف يشارك في «جنيف 3» كجزء أصيل وندّي مع بقية أطراف المعارضة، ولا سيما وفد الرياض، وأنهم، أيّ العلمانيون، بانتظار حلّ مسألة تمثيل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وقال جازماً إنّ هذه المسألة ستحلّ في غضون أيام، بل ساعات قليلة، وإنّ «جنيف 3» قرار نهائي بالتسوية في سورية أيّ أنّ الدكتور قدري جميل لا يرى في كلّ ما يجري الآن سوى عقبات آنية تعترض انعقاد المؤتمر، لكن القرار قد اتخذ بالتسوية السياسية دولياً، ولا يستطيع أيّ طرف تعطيل ذلك.

عشية انعقاد «جنيف 2» أدلى الدكتور قدري جميل بتصريحات مماثلة، ويومها قال حرفياً في مقابلة مع قناة «الميادين» أيضاً، إنّ قرار تسوية الأزمة سلمياً في «جنيف 2» قد اتخذ من قبل الولايات المتحدة وروسيا، ولم يبق سوى عملية إخراج هذا الاتفاق – التسوية، ليتبيّن لاحقاً أنّ «جنيف 2» لم يكن أكثر من حملة علاقات عامة، على الأقلّ من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، لكسب مزيد من الوقت للتحضير للحسم العسكري ضدّ الدولة والجيش السوري، ومنذ انعقاد «جنيف 2» وحتى بدء الجلسات بين المبعوث الأممي ووفود المعارضة والحكومة السورية في جنيف الآن مرّت سنتان بالكامل، شهدت سورية فيها أشدّ وأقسى الحروب، وتصاعد التدخل الخارجي إلى مستوى الغزو، كما حدث بالنسبة إلى محافظة إدلب عام 2015، وهو الأمر الذي فرض على روسيا التدخل عبر قواتها الجو فضائية لمساندة الجيش السوري لاستعادة زمام المبادرة في مواجهة الغزو الخارجي لسورية عبر التشكيلات الإرهابية عابرة الجنسيات والقوميات.

لا شك سيكون من الظلم بالنسبة للدكتور جميل القول إنّ تفاؤله إزاء «جنيف 3» سيلاقي مصير تفاؤله في «جنيف 2»، لأنّ الظروف والسياق والتوازنات تختلف الآن جذرياً عما كانت عليه عند انعقاد «جنيف 2»، ولا سيما بعد إسهام روسيا في الحرب على الإرهاب إلى جانب الجيش السوري وحلفائه، والمكاسب الواسعة التي تمّ تحقيقها على كافة الجبهات، ولا سيما أكثرها خطورة والتي تشكل بوابة تدفق الإرهابيين إلى سورية من كلّ أصقاع الدنيا، مثل أرياف اللاذقية وحلب، إلا أنه في ظلّ مجموعة من العوامل، بنيها تردّد الإدارة الأميركية في عام الانتخابات، وفي ظلّ الهجوم المتواصل على سياسة إدارة أوباما في سورية من قبل جناح في النخبة الأميركية مدعوماً بمواقف الكيان الصهيوني وحكومات تركيا والمملكة العربية السعودية، لا يجب الإفراط بالتفاؤل والرهان على «جنيف 3»، فالميدان لا يزال المقرّر وليس أيّ شيء آخر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى