أردوغان و»إخوانه»… انعدام الخيارات

معن حميّة

يضرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أخماساً بأسداس، إذ يعتريه الخوف وتتلبّسه الحيرة، من جراء انتكاسته المدوية في «سلمى» و«ربيعة» ومن ثم في «معرسة الخان» و«نُبّل» و«الزهراء». وهو الآن يبحث عن توليفة تبقيه حاضراً على مسرح ألعابه البهلوانية التي استحالت سلوكاً دموياً إجرامياً إرهابياً استباح أعناق السوريين وأرزاقهم.

لم يكن أردوغان مهتمّاً بفلسطين ومعاناة الفلسطينيين يوم قدّم مسرحيته الشهيرة على مسرح منتدى دافوس الاقتصادي عام 2009، ممثلاً دور الحانق الغاضب من صديقه الإرهابي الصهيوني شيمون بيريز، بل انّ مسرحيته تلك، كانت تمهيداً لانخراطه الكامل في مشروع تفتيت المنطقة، وإضعاف دولها، تحقيقاً للهدف «الإسرائيلي» الاستعماري بتصفية المسألة الفلسطينية، وإسقاط الدول التي تحمل راية فلسطين وتدعم المقاومة من أجل تحرير فلسطين.

يومها نجح أردوغان في تمرير فعلته البهلوانية، وانطلت مسرحيته على الكثيرين، لكن أحداً لم يسأل، لماذا لم يتخلّ أردوغان عن العلاقات الاستراتيجية المميّزة مع كيان الاحتلال الصهيوني، وهو الذي أمسك بزمام السلطة وطوّع الجيش التركي وفق مشيئته الإخوانية؟

ولماذا لم يفعل شيئاً تجاه الضحايا الأتراك الذي سقطوا عام 2010 على متن سفينة «مرمرة» التركية برصاص العدو الصهيوني؟

ولماذا لم يتجرّأ على إلغاء اتفاقية واحدة من الاتفاقيات الأمنية والعسكرية المشتركة المعقودة بين تركيا و«إسرائيل»؟

مع بدء ما سُمّي بـ«الربيع العربي»، صار واضحاً أنّ أردوغان وإخوانه قد حصلوا على رشوة غربية «إسرائيلية» تمنحهم السلطة في الدول العربية، في مقابل «وعد بلفور» عربي، يتمّ بموجبه إعطاء صك براءة للعدو «الاسرائيلي» بالتخلي عن فلسطين كلها وتهويدها بالكامل. وقد تكشفت هذه الصفقة مع وصول «إخوان» أردوغان الى السلطة في مصر، ولم يستحِ محمد مرسي المسمّى رئيساً لمصر، حين خاطب نظيره الصهيوني شيمون بيريز، بالعبارة الشهيرة المخزية «عزيزي وصديقي العظيم»!

وما صار واضحاً ايضاً، أنّ كلّ فلسفة «الربيع العربي» قائمة على ثابتة واحدة، هي الخضوع والركوع والخنوع أمام العدو الصهيوني الذي صار في قاموس «ثوار» الربيع العربي «عزيزاً وصديقاً عظيماً»! وبموجب عقد الصداقة مع «ثوار الربيع العربي» صارت «إسرائيل» داعماً للمجموعات الإرهابية، تؤازرهم لقتل السوريين وتعالجهم في مستشفياتها، وتساندهم بالقصف والغارات.

على اية حال، لم يعد مهماً الحديث عن ممارسات أردوغان وإخوانه على الساحات العربية، فهم لا يشعرون بعار ارتباطهم وعلاقتهم بالعدو الصهيوني، ولا يخجلون من تنفيذهم لمخططاته العدوانية، فهم في ضفته، ولذلك يحاربوننا، ويدمّرون بلادنا، ويقتلون شعبنا بواسطة مجموعاتهم الإرهابية المتطرفة التي تحوي كلّ وحوش الأرض المتعدّدة الجنسيات. وهؤلاء السفاحون قد يندفعون نتيجة الإحباط والانكسار الى ارتكاب المزيد من الجرائم والمذابح بحق السوريين في بعض المناطق التي ما تزال تحت حصار المجموعات الإرهابية.

عود على بدء… إلى سؤال جوهري، ما هي الخيارات المتبقية أمام أردوغان، لمواصلة الحرب الإرهابية ضدّ سورية، وهو الذي أصبح محاصراً بالفشل والانتكاسات…؟

أيّ منطقة آمنة يمكن أن يتوهّم أردوغان بقيامها بعد دخول الجيش السوري الى جبليْ الأكراد والتركمان وضمنهما سلمى وربيعة في ريف اللاذقية؟

وأيّ حزام آمن يتوسله هذا البهلواني، وقد حرّر الجيش السوري معرسة الخان، وفك الطوق عن نبّل والزهراء في ريف حلب؟

وأيّ عنتريات وفطحلة يمكن لأردوغان أن يمارسها، فيما لعنة «السوخوي» الروسية لا تزال تقضّ مضجعه وتبعثر أحلامه وأوهامه.

وأيّ بهلوانية تفيده، وهناك دول وازنة تؤازر سورية جواً في معركة الحسم على الأرض، وتؤازرها سياسياً، برفضها القاطع إشراك المجموعات الإرهابية في «جنيف3»؟

وكيف تبدو صورة أردوغان، بعدما رفض القيصر الروسي فلاديمير بوتين، طلب اللقاء به على خلفية ما ادّعاه الرئيس التركي بخرق الطائرات الروسية الأجواء التركية؟

وكيف تبدو حالة أردوغان اليوم، بعد أن فكّ الجيش السوري وحلفائه الحصار عن نُبّل والزهراء وسيطروا على معرسة الخان؟

مهما ضرب أردوغان أخماساً بأسداس، لن يتوصل الى نتيجة تبقيه على خشبة مسرح البهلوانية، بعدما صار رمزاً للسفاحين الذين يوغلون خناجرهم المسمومة في صدور السوريين.

ما بعد سلمى وربيعة ومعرسة الخان ونبّل والزهراء، ليس كما قبلها. فهذه الملاحم لا بدّ أنها رسمت مساراً جديداً، إذ انها أسقطت وهم الخطوط الحمر التركية، وهذا له تداعيات على مستقبل أردوغان وإخوانه، ستترجم بالتأكيد انهيارات سريعة ومتواصلة لمنظومته الإرهابية داخل الأراضي السورية، ولمنظومته داخل تركيا المسجلة باسم «العدالة والتنمية».

تهاوي الإرهاب وداعميه بفعل ضربات الجيش السوري والقوى المؤازرة، ينبئ بانتظام الفصول السورية، فهذا فصل شتاء سوري مصحوب بعاصفة صقيع روسية للقضاء على الإرهاب وإفشال رهانات داعمي الإرهاب، يليه ربيع سوري يزيّنه ياسمين الشام وشمس الانتصارات والإنجازات.

مدير الدائرة الإعلامية في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى