… ثابر على العطاء رغم وطأة السنين فوق منكبيه

العميد معن حمية

بقامته البهية ووجهه الباسم الذي يشعّ تفاؤلاً، رحل الرفيق نديم عبد الصمد أبو فادي .

عرفتهُ منذ عقدين من الزمن، وخلال هذه المدة الزمنية، صرتُ أكثر قرباً منه، وخبرتُ فيه، إلى مناقبيته القومية الاجتماعية، ورِفعته، إنساناً صافياً صادقاً ودوداً، ورفيقاً قدوةً، مؤمناً بالعقيدة، متفانياً في سبيل حزبه ومثالاً يُحتذى في النضال والمثابرة والمكابدة.

كان مشبعاً بتعاليم النهضة، عقيدة ومبادئ وممارسة ونضالاً، مسكوناً بالفرح والأمل، زاخراً بالنبل والعطاء، متحدّياً الآلام والمواجع التي قاساها باستشهاد نجله فادي.

عصاميّ كان، واجه ظروف الحياة الصعبة بكلّ كِبر، وهو الذي كان يردّد دائماً، «إنّ من يتشرّب العقيدة القومية التي وضعها باعث نهضتنا أنطون سعاده، يصير عصياً على كلّ المغريات والصغائر، ويصير متمرّداً على الطائفية البغيضة والمذهبية الهدامة، أيّ أنّ من يتشرّب العقيدة يصبح إنساناً جديداً جديراً بحياة العزّ والحرية.

لسنوات خلت، عايشته بصورة شبه يومية، في إطار العمل الحزبي في المركز، وعملنا سوية في نطاق الدائرة الإعلامية حيث كان يتولى مسؤولية ناموس الدائرة، فكان هو أول الواصلين إلى المركز، يراجع الصحف والوكالات، يقرأ المقالات ويؤشر على اللافت منها، يراقب ما هو منشور من أخبار الحزب وعنه، وينجز مهامه بإتقان وبخبرة القومي الاجتماعي المثابر على البذل والعطاء، رغم وطأة السنين التي يحملها فوق منكبيه.

ولسنوات خلت، كنت أزوره يومياً في منزله في وطى المصيطبة، ولن أنسى ما حييت، تلك المساءات الجميلة التي كانت تمتدّ إلى ما بعد منتصف الليل، وهو يحكي عن ذكرياته ورفقائه بحلوها ومرّها، وفي كلّ حكاية وذكرى كانت هناك طرفة وعبرة.

رحل الرفيق الحبيب أبو فادي، بحضوره، وضحكته، وتفاؤله، وبقي بذكراه العطرة الطيّبة، وسلوكه القويم، وسيرته النضالية، والتي تدلّ على تجذّره في العمل الحزبي، فهو لم ينتم إلى الحزب وحسب، بل مثل الانتماء بكلّ معانيه الصادقة، وهو سنديانة نهضوية تمكّنت من نشر فيء النهضة على كلّ من حولها، بالكاد كنا نسمع وقع خطاه، لكن صخب عمله الدؤوب كان يملأ الأرجاء.

الرفيق الراحل أبو فادي، قيمة كبيرة، كان يحسن التعامل بنبل المناقبية، ويمدّ جسوراً من الثقة والاحترام، يعطيك درساً يومياً بأهمية العمل الحزبي المبنيّ على الثقة والحرص على نظامية الحزب.

إنه ابن المؤسسة، راهبها الذي لم يطمح يوماً إلا للبذل والتضحية، جندي من جنود النهضة، ومسؤول جدير بتحمّل المسؤولية.

افتقدتُه منذ أقعده المرض، فآثرت أن لا اراه طريح الفراش، وأفتقده اليوم بعد أن ترجّل عن صهوة النضال والحياة، لكنه بذكراه الطيّبة سيبقى القدوة والمثال.

مدير الدائرة الإعلامية في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى