من هم أعداء الكيان الصهيوني؟

حميدي العبدالله

معيار الوطنية في الوطن العربي هو الموقف من الكيان الصهيوني، كان هذا في العقود الستة الماضية، وسوف يستمرّ في المستقبل. المسألة ليست اختراعاً من قبل هذا الطرف السياسي أو ذاك، أو من قبل هذه الدولة أو تلك، بل المسألة تكمن في أبعاد وجذور أكثر صلابة من أي تأويلات نظرية.

الكيان الصهيوني أقيم على أرض فلسطين على حساب الشعب الفلسطيني الذي شرّد أكتر من 8 ملايين نسمة في كافة أنحاء الكرة الأرضية، واليوم عدد الفلسطينيين خارج أرض فلسطين التاريخية يفوق عددهم داخلها.

الشعب الفلسطيني الذي تمسك في أرضه وصمد في وجه المجازر الجماعية، سواء في الأرض المحتلة عام 1948، أو في قطاع غزة حيث لا يزال الحصار مفروضاً والاعتداءات الواسعة تتكرّر سنوياً هناك، أو في الضفة الغربية، حيث تتمّ مصادرة الأراضي ويقتل الشباب والأطفال بدم بارد، لا يمكنه أن يتخلى عن حقوقه، ومن واجب كلّ محبّ للحرية ليس في الوطن العربي، وإنما في العالم كله التضامن معه، وعادةً تخرج التظاهرات من أحرار العالم في كلّ العواصم تضامناً مع الشعب الفلسطيني في كلّ مرة يتعرّض فيها لموجة من الإبادة ينفذها جيش الاحتلال.

لكن من الواضح أنه في البلاد العربية، ثمة حكومات وحركات سياسية كثيرة، وللأسف بعضها فلسطيني، لا يجعل القضية الفلسطينية هي معيار الوطنية، ولا يحدّد مواقفه من القوى والدول والحكومات على أساس موقفها من القضية الفلسطينية. على سبيل المثال مؤتمر معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني الذي عُقد في تل أبيب، أجمع الذين توالوا على الخطاب من على منبره على أنّ حزب الله وإيران هما العدو الأساسي للكيان الصهيوني. فلو كان معيار الوطنية هو موقف الدول والحركات السياسية هو الموقف من القضية الفلسطينية، لكان من الواجب على جميع الحكومات العربية، وكافة الأطراف الفلسطينية أن تتخذ موقفاً إيجابياً من إيران ومن حزب لله، نظراً لمواقفهما المبدئية والصلبة تجاه العدو الصهيوني، فعندما يجمع قادة العدو على أنّ حزب الله وإيران هما العدو للكيان الصهيوني فهذا يعني أنهما الطرفان الأكثر تهديداً لهذا الكيان، وبالتالي الأكثر دعماً لحق الفلسطينيين في استعادة أرضهم. لكن للأسف الشديد ثمة سلوك مغاير، فغالبية الحكومات العربية تناصب إيران العداء أو تقف موقف الحياد إزاءها، وثمة أعداد كبيرة من الحركات السياسية الفاعلة تقف ضدّ إيران وضدّ حزب الله، بذرائع غير مفهومة على الإطلاق، بل إنّ منظمات فلسطينية مقاومة تتحالف الآن مع الدول والحكومات والجماعات التي تحارب حزب الله وإيران، وبديهي أنّ ذلك يصبّ في مصلحة الكيان الصهيوني، ويلحق أذى كبيراً بالقضية الفلسطينية.

ليس من باب المغالاة الاستنتاج بأنّ من يعادي إيران وحزب الله، أو من لا يدعم سياسة إيران وحزب الله يقف في جانب ترسيخ الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وتكريس مأساة الشعب الفلسطيني وإطالة أمد هذه المأساة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى