تقرير

كتب ديفيد شينكر لـ«معهد واشنطن»:

في وقت سابق من الأسبوع الأول من شباط، وخلال مقابلة مع «هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي»، ناقش العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الضغط المتزايد الناتج عن اللاجئين السوريين في بلاده. وناشد للحصول على مساعدة مالية من المجتمع الدولي محذّراً أنّه «عاجلاً أم آجلاً، سينفجر السدّ».

ولم تكن تعليقات الملك مبالغاً بها ـ فالأردن بأمسّ الحاجة إلى مساعدة إضافية مرتبطة باللاجئين. فوفقاً لـ«المفوضية السامية لشؤون اللاجئين» التابعة للأمم المتحدة، هناك ما يقارب 750.000 لاجئ سوري مسجّلين يسكنون المملكة، ويشكّل عددهم ثاني أعلى معدّل للفرد في العالم بعد لبنان. وفي السنة الماضية، أفادت الأمم المتحدة أنّها حصلت على أقل من نصف مستلزمات ميزانيتها من الجهات الدولية المانحة للاجئين السوريين في المنطقة، ما نتج عنه تخفيضات كبيرة في الغذاء والمساعدات الأخرى.

وما يزيد من تفاقم المشكلة، أنّ اللاجئين المسجّلين يشكّلون جزءاً فقط من السوريين الموجودين في الأردن حالياً. وقد أصدرت المملكة مؤخراً أرقاماً إحصائية لعدد السكّان تشير إلى أنّ 1.265.514 لاجئاً سورياً قد هربوا إلى الأردن ـ ويشكّلون بالإجمال نسبة صاعقة هي 13.28 في المئة من عدد سكّان البلاد. وقد يوازي ذلك 10.8 مليون لاجئ يعيشون في ألمانيا، أو 66.8 مليون لاجئ يعيشون في الاتحاد الأوروبي بأكمله. وإضافة إلى ذلك، أعلنت الأمم المتحدة أنّ 86 في المئة من اللاجئين السوريين في الأردن يعيشون تحت خط الفقر.

وخلال مقابلته مع محطة «بي بي سي»، أشار الملك إلى السوريين بأنّهم يشكّلون عبئاً مالياً معيناً. وفي حين يألّف السوريون الشريحة الأكبر من المواطنين الأجانب في الأردن، إلّا أنّ الإحصاء السكّاني يظهر أنّ نحو 3 ملايين من أصل 9.5 مليون شخص ليسوا أردنيين. ويضمّ هذا العدد حوالى 636.000 مصري، و131.000 عراقي، و31.000 يمني، و23.000 ليبي، و634.000 فلسطيني غير مجنّس. ولا شك في أن هذا العدد الهائل من السكان الأجانب يزيد الضغط على قدرة الأردن على استيعابهم وعلى ميزانيته.

وقد عقد في الأسبوع الأول من شباط مؤتمر في لندن حول جمع 9 مليارات دولار لدعم فرص التعليم والتوظيف للاجئين السوريين في تركيا ولبنان والأردن. وإضافة إلى تلبية المستلزمات الإنسانية الحادّة، تهدف هذه المبادرات إلى التخفيف من خطر التطرّف بين مجتمعات اللاجئين.

وتعدّ جهود مكافحة التطرّف مهمّة، لكن إذا ثبتت السابقة، لن ينجح هذا النداء بجمع ما يقارب 9 مليارات دولار. وفي الواقع، تعهد الاتحاد الأوروبي بمنح أكثر من 3 مليارات دولار في المؤتمر. وفي الوقت نفسه، أغلق الأردن حدوده في الأشهر الأخيرة، ويقيم آلاف السوريين في مخيمات على طول الحدود منتظرين الدخول. ويعدّ الأردن «المعتدل» والموالي للغرب عنصراً هامّاً في الحرب ضدّ تنظيم «داعش». إلّا أنّه لا يجوز اعتبار استقرار المملكة من المسلّمات. فالخلل الذي يسببه السوريون كبير جدّاً.

وفي السنة الماضية، إضافة إلى زيادة برامج المساعدة الاقتصادية والعسكرية الأساسية الممنوحة للأردن من 660 مليون دولار إلى مليار دولار في السنة، ساهمت الولايات المتحدة بمبلغ 180 مليون دولار لبرامج اللاجئين في المملكة. وفي حين شكّل هذا المبلغ حوالى ربع مجموع المساعدات الدولية للاجئين في الأردن، إلّا أن على واشنطن القيام بالمزيد في السنوات المقبلة نظراً إلى الأهمية الاستراتيجية للبلاد. ومن جانبها، قدّمت الدول الأوروبية منفردة فضلاً عن الاتحاد الأوروبي دعماً تبلغ قيمته حوالى 200 مليون دولار لمساعدة اللاجئين السوريين في الأردن السنة الماضية. وعلى الرغم من أن هذا المبلغ سخي نسبياً نظراً إلى ما يقدّمه الأوروبيون عادةً، على هؤلاء أن يدركوا أنّ لهم مصلحة شخصية كبيرة في تقديم المزيد من الدعم. فوفقاً لاستبيان أجراه مؤخراً «المجلس النرويجي للاجئين»، ينوي نصف اللائجين السوريين في الأردن مغادرة المملكة لأنهم لا يرون مستقبلاً لهم هناك. وبالفعل، سيحاول الكثيرون الوصول إلى أوروبا وما بعدها إذا لم ترفع الدول الغربية من مساهمتها لتحسين فرصهم المستقبلية.

ديفيد شينكر هو زميل أوفزين ومدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى