تألق الثلاثينيين

عندما يصل مهاجم إلى الثلاثين من العمر، يقول عنه البعض إنها بداية النهاية. بسبب تراجع السرعة والطاقة وخفّة الحركة مقارنة مع فترات سابقة في مسيرتهم، يتمّ تفضيل المهاجمين الشبان والسريعين على المتقدّمين في السن، على خلفية أن أفضل أيامهم قد مرّت.

ولكن الحال ليس كذلك دوماً، إذ يستمتع بعضهم بالنضج، إضافة إلى تصدّرهم ترتيب الهدافين أو الاستدعاء الدائم إلى المنتخبات الوطنية، في وقت وضعهم كثيرون على قائمة الاعتزال المرتقبة.

يُلقي موقع «FIFA.com» نظرة على مخضرمين في مختلف أنحاء العالم، أصبحوا أفضل مع الوقت على غرار النبيذ الفاخر، لتتأكد وجهة النظر التي تقول إن الأعمار ليست سوى أرقام.

الثالثة ثابتة

قد يكون أريتز أدوريز بعمر الخامسة والثلاثين، لكن نظرة المهاجم الإسباني الثاقبة لا تظهر أي نوع من الاستسلام. إذ يعيش نجم أتلتيك بلباو، المعروف بقوته ومهاراته في الكرات الهوائية، فترة تهديفية بعد تخطيه الثلاثين أفضل من كامل مسيرته سابقاً.

عاد أدوريز إلى فريقه الباسكي مرة ثالثة في 2012 وهي الأفضل بالنسبة له. وبعد فشله في ترك انطباعات جيدة في صغره، عاد ابن سان سيباستيان مرة ثانية إلى سان ماميس في 2005، لكنه بقي متوارياً وراء ظل فرناندو يورنتي.

لكن منذ بداية ولايته الثالثة، أصبح أدوريز مصدر إزعاج كبير لمدافعي الليجا. بعد تحقيقه أفضل رصيد له وتسجيل 26 هدفاً الموسم الماضي، تفوّق على ميسي ونيمار في مختلف المسابقات هذا الموسم، ودكّ شباك برشلونة أربع مرات في الكأس السوبر الأسبانية.

وقال المدرب إرنستو فالفيردي عن أدوريز: «نحن محظوظون لوجوده في فريقنا. يتحسّن باستمرار مع مرور الوقت. لديه ثقة كبيرة في قدراته، يوفّر منافذ رائعة وهو بمثابة كنز بالنسبة لنا».

مشوار أدوريز الرائع بدأ يثير تساؤلات حول وجوب ضمّه إلى المنتخب الوطني. وكان قد حمل ألوان لاروخا مرّة يتيمة كبديل متأخر ضد ليتوانيا في 2010، وبقي المدرب فيسنتي ديل بوسكي غامضاً حول استدعائه في عام 2016.

وقال ديل بوسكي في هذا الصدد: «عندما سنقوم باستدعاء جديد، سيأتي أدوريز أو لا يأتي. في غضون ذلك كل شيء آخر مجرّد تكهنات. في آذار سيحصل استدعاء جديد، فلننتظر ماذا سيحصل».

خدمة وطنية في الخامسة والثلاثين

في وقت لم يترجم أدوريز تألقه بعودة إلى المنتخب الوطني بعمر الخامسة والثلاثين، كان الوضع مختلفاً بالنسبة إلى ريكاردو أوليفيرا.

عندما كان البرازيلي يحترف في الإمارات العربية المتحدة، كانت فكرة وجوده مع منتخب بلاده خارج البحث. لكن مذ عاد إلى سانتوس البرازيلي في كانون الثاني 2015، عصف بقوّة في الدوري وتصدّر ترتيب الهدافين برصيد 20 هدف، وبفارق 6 أهداف عن فاجنر لوف، صاحب المركز الثاني.

وقاده أداؤه المحلي المتوهّج إلى استدعاء أوّل إلى المنتخب بعد ثماني سنوات وهو في الخامسة والثلاثين: «توقّفت عن التفكير بالمنتخب البرازيلي بعد قدومي إلى الشرق الأوسط. وبعد ثماني سنوات لا يزال الشعور هو نفسه. الأمر عاطفي ولا يتغيّر أبداً».

دافع مهاجم ميلان السابق عن ألوان البرازيل ثلاث مرات في 2015، وسجّل هدفه الأول في شباط 2005، ضمن تصفيات كأس العالم FIFA ضد فنزويلا.

ولهذا الخصوص، قال أوليفيرا: «من المهم أن يساعد لاعبو الخبرة في أوقات ملائمة ويكيّفون الإيقاع. أنا سعيد لحمل هذا القميص وتمثيل بلدي مجدداً. أن تعود إلى السيليساو وتسجّل هدفاً هو أمر بالغ الأهمية».

الحذاء الذهبي

لم يكن أوليفيرا الوحيد فوق الثلاثين الذي ضرب بقوة في دوري بلاده الموسم الماضي، فقد قام لوكا طوني وألكسندر ماير بمهمة مماثلة في إيطاليا وألمانيا توالياً.

بعد تركه بايرن ميونيخ في 2010، لعب طوني في جنوى، يوفنتوس، النصر وفيورنتينا، ولم ينجح في تخطي عقبة الـ10 أهداف. وفي وقت بدت مسيرته تقترب من نهايتها، انضمّ المهاجم الفارع الطول إلى فيرونا في 2013، حيث عاش قصة حبّ مع المدينة المشهورة بقصة روميو وجولييت، وأعاد إلى الأذهان قدراته التهديفية.

وأنهى ابن الثامنة والثلاثين موسم 2014-2015 متساوياً في صدارة ترتيب الهدافين، وذلك بعد تسع سنوات من تحقيق اللقب ذاته مع فيورنتينا، حيث تقاسم كابوكانونييري مع ماورو إيكاردي مهاجم الإنتر والذي يصغره بـ16 سنةً.

وقال طوني إنه سينتظر حتى نهاية الموسم الحالي عندما سيبلغ التاسعة والثلاثين لاتخاذ قرار إنهاء مسيرته من عدمها: «سيأتي يوم أعتزل فيه اللعب. سنرى كيف سأكون في حزيرن جسدياً وذهنياً. في هذا الوقت أفكر فقط في اللعب».

لا تقتصر نهضة اللاعبين المخضرمين على إيطاليا فقط، وألكسندر ماير خير دليل أن الأمر ذاته يحدث في ألمانيا. حيث سجّل قائد آينتراخت فرانكفورت، البالغ من العمر 33 سنة، 19 هدفاً في البوندسليجا الموسم الماضي، متفوقاً على روبت ليفاندوفسكي وآريين روبن.

أحد أسباب استمرار نجاعة ماير الهجومية برغم تقدّم العمر كان ممارسته اللعبة منذ وقت طويل. إذ قال ماير في هذا الصدد: «أمارس اللعبة منذ طفولتي. يقتصر الأمر على إتقان أبسط الأشياء. تنفيذ فيدرر لكراته الأمامية مستمرة برغم أنها مثالية».

في وقت يلفت الشبان الأنظار، يؤكّد أمثال أدوريز، أوليفيرا، طوني وماير أن هناك حياة بعد الثلاثين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى