الميديا التي تصنع «الدواعش»… سترك يا رب

جهاد أيوب

إنّ الوعي الجماعيري العربي، وتحديداً الإسلامي منه، في خطر إن لم يكن تحت صفر الخطر، وذلك بسبب «الميديا» ومن يتحكم بها. الميديا اليوم هي التي تنتصر في الحرب قبل إطلاق النار، وهي التي تخطط لفكرة تصلك وتؤثر بك قبل أن تطرح، وهي، أيّ الميديا السوداء، تقلب الحق وتبطل الحقيقة وتنصب الشيطان زعيماً أو مدرساً أو معلماً أو من رجال الدين المتزمتين البعيدين عن الدين والقريبين إلى التعصُّب وفتاوى القتل…

ميديا الفتنة والعنصرية المتبعة اليوم عند من يشوه الحقائق والأوطان تجعل من الكافر مؤمناً وللقاتل تبريراته، ولا نعتقد أننا نحتاج إلى براهين و»داعش» و»جبهة النصرة» أمامنا في الإعلام الغربي والأعرابي، وكيف يصور القاتل المجرم الوحش وهو فعلاً كذلك بأنه مظلوم، وكيف بقدرة إعلامية يكبر المجتمع الحاضن لـ»داعش» والعمل على براءة «النصرة» من إجرامها وتلميع صورتها استخفافاً بذاكرتنا، وفي حين يشهد العالم وإعلامه بدعم السعودية لكلّ التكفيريين على الأرض وتحريكهم كما تشاء في الميدان السوري والعربي، يصرّ إعلامها على أنّها تحارب الإرهاب، وللأسف يوجد من يصدق هذا الدجل والتزوير الإعلاميين بسبب التحريض الطائفي اليومي في إعلامها، إضافة إلى تلفيق وتشويه الحقائق!

من هنا لا بدّ أن نقول وبصوت مرتفع إنّ أي مشروع لا يخدم الإنسان بشكل عام هو يصنع ويفرز ويخلف «دواعش» المستقبل حتى لو كان هذا المشروع في خدمة طائفة أو دين محددين أو جماعة معينة، كما أنّ الوعي الجماهيري اليوم محكوم بالخطيئة بسبب شربه وأكله ووصفات الدواء التي تقدمها له الميديا السوداء أي الإعلام المزور عبر الفضائيات، وكلّ ما يصلنا من وسائل التواصل الاجتماعي!

الميديا اليوم هي التي تصنع الوعي الجماهيري الحاصل ولا وعي بمعنى الوعي في أي طرح ديني أو دنيوي، حزبي أو عقائدي، رياضي أو ثقافي إذا اعتمد الميديا العنصرية المزوّرة!

وتكمن الخطورة في أنّ هذه النوعية من الميديا لا تتعاطف مع الإنسان بمعنى الإنسان بل تتعاطف مع زمر وبشر ومجموعة ليس بالضرورة أن يكون الحق أو المنطق معها، ولا وجود لإيمان بمعنى الإيمان والتسليم بالله أو بعقيدة وفكر وحزب إذا تعمّد هكذا خصال، لذلك قد يكون انتشارها أسرع من البرق ولكنّ انفضاح أمرها أسرع…

التعصُّب هو ما يحاصر الوعي الجماهيري لكونه لا يسمع ولا يشاهد ولا يصافح سوى من هو شبيهه بالتعصب أي على شاكلته في الميديا السوداء، ويحرك غرائزه وما تعلمه في كتب التعصب، والمدمن على ميديا التزوير العنصري الطائفي لم يعد يتحدث مع جاره وشريكه، وربما تصل به الأمور إلى نسيان شكله لا بل قد يسأل: هل هذا من البشر ويأكل مثلنا ويشعر بما نشعر؟

وما يُنجح هكذا ميديا ويُثبت مشاريع التعصب الجاهل والحقد الدفين فيها، والقاتل للأنسنة هو الابتعاد عن البحث والقراءة الهادفة وتحريك الفكر والتساؤل دائماً…

إنّ القراءة والكتابة أصبحا في متاحف الغبار ولا قيمة عملية لهما، واستبدلا بالصورة ووسائل التواصل الحديث مثل «واتس آب» و «فيس بوك» لسهولة تلك الوسائل وبساطة التعامل معها، ولجعلها لكلّ مواطن إما نبياً أو شاعراً أو فيلسوفاً أو رئيساً محنطاً، أما تحريك واستخدام الفكر فسجن في لقمة العيش، والبحث في مصداقية ما يصل يشكل يتعبنا ويبعدنا عن قطيع الغنم!

الوعي الجماهيري في خطر، وهذا الخطر بسبب الميديا الطائفية والعنصرية أي ميديا الطرف الواحد التي تعتمد عادة على الفبركات والكذب والتضليل وتوصل متابعها إلى الحقد ورفض الآخر ومحاولة إلغائه أو قتله… هكذا ميديا تصنع هكذا «دواعش»… نعم في السياسة أصبح لدينا «دواعش»، كذلك في التربية والدين والحب والثقافة والفن والرياضة، ولم يعد باستطاعة أحد أن ينتقد أو يصحح خللاً ما، فالكلّ «دواعش» في الفهم، والصعوبة أننا نعرف من يموّل هكذا ميديا من أعراب البترول ومن يمنهجها في الغرف السوداء الغربية، خاصة الأميركية ومع ذلك نصدّقها… وسترك يا رب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى