الأمين عادل الشعار… ابن الـ 94 يلقي شـعراً.. وينبض حزباً

إذا تحدثنا عن الحزب في بلدة عيناب، وكانت عرفته مع بدايات سنوات التأسيس وعرفتُ منها الأمين منير الشعار 1 ، والرفيقين سليم زيدان 2 وسليم خوري 3 ورفقاء عديدين يصعب تعدادهم، فإن الأمين عادل الشعار يحتل حضوراً متقدماً في تاريخ العمل الحزبي فيها.

وإذا تحدثنا عن الحزب في فنزويلا، فإن الأمين عادل الشعار الذي تولى فيها مسؤوليتيّ مندوب مركزي ومنفذ عام، يحتل أيضاً مكانة في الصدارة، إلى جانب الرعيل الحلو الذي أوجد حضوراً متقدماً للحزب في فنزويلا، أذكر من الراحلين منهم الأمناء: شفيق مفرّج 4 ، منير الشعار، موفق شرف 5 ، دهام دهام 6 ، وأعتذر عن ذكر العديد من الرفقاء الذين عرفتهم في سياق مسؤوليتي كعميد لشؤون عبر الحدود، خوفاً من نسيان أي اسم منهم.

هذا الأمين، العملاق بجسده وبروحيته القومية الاجتماعية، أمكنني بعد انتظار، زيارته في بلدته «عيناب» حيث استقرّ بعد اغتراب طويل 7 ، ابن الـ94 عاماً يحدّثك عن الحزب، كأنه انتمى البارحة. ويُسمعك العشرات من قصائده التي ما زالت حيّة في ذاكرته، وهو كان نشر بعضاً منها في ديوان حمل اسم «قيثارة الذكريات» 8 .

عرفت عن الأمين عادل الشعار عندما كان يتولى مسؤولية مدير مديرية مراكيبو في فنزويلا مع بداية توليّ مسؤولية رئيس مكتب عبر الحدود، تلك المدينة التي شهدت حضوراً مشعاً، مديريةً، ونادياً سورياً قومياً اجتماعياً، والتفافاً من الجالية، وكان قد انتمى العشرات من أبنائها إلى الحزب. ثم عرفتهُ شخصياً مع عدد من رفقاء عبر الحدود عندما توافدوا من أكثر من قارة لحضور مؤتمر اغترابي عقد في فندق «فينيسيا» مع بداية السبعينات، وأذكر أن رئيس الحزب آنذاك الأمين يوسف الأشقر دعا الرفقاء الحاضرين من المهاجر إلى مأدبة غداء في دارته في ديك المحدي.

ما زالت صورة الأمين عادل الشعار، بقامته المديدة وطلّته البهية مرتسمة في ذاكرتي، كذلك صور الرفقاء سامي مداح 9 ، موفق شرف، وسامي سيف الدين 10 .

وتواصلت اتصالاتي مع الأمين عادل وكان تولى مسؤولية منفذ عام فنزويلا، فمسؤولية مندوب مركزي لفنزويلا وجزر البحر الكاريبي 11 واستمرت ضمن أواصر من المحبة والاحترام، وقويت عندما عاد إلى الوطن، متولياً مسؤولية منفذ عام الغرب، وأذكر أن الأمين شاهين عبد الخالق كان يقوم بمسؤولية ناظر التدريب، وكان الحزب قد رشّح الرفيق المحامي عصام العريضي لخوض الانتخابات النيابية في «عاليه».

على مدى تلك السنوات كان الأمين عادل الشعار يحتلّ حضوراً حزبياً جيداً، بفضل ما يتحلى به من كفاءات وهو الخطيب البارع، ومن وعي عميق لتعاليم الحزب ولنهجه.

راح الأمين عادل، في الفترة الضيّقة المتاحة للزيارة، يُسمعني نماذج من شعره القومي، كذلك استمعت يكشف لي بحزن عن تغاضي رفقائه عن زيارته، وهو أمر بات شائعاً، وله تأثيره السلبي على الرفيق المعني، كما على عائلته.

وعدتُ الأمين عادل بزيارة ثانية ولحديث طويل. عساني أتمكن، كي لا ينضم إلى السيل الكبير من الأمناء والرفقاء المنتشرين في بلدات وقرى عديدة، فلا أتمكن من زيارتهم للبحث في ما يفيد تاريخ الحزب، وقد تقدم بهم العمر، وباتوا على وشك الرحيل.

كان الأمين عادل الشعار أصدر عام 2014 ديوانه الشعري «قيثارة الذكريات». منه هذه السيرة الذاتية، ونماذج من شعره.

ولد الشاعر عادل الشعار عام 1923 في بلدة عيناب قضاء عاليه، وتلّقى بها دراسته الابتدائية ثم أكمل المرحلتين التكميلية والثانوية في الكلية الداودية وتخرج منها عام 1943. عيّن معلماً بعد انتهاء ثورة الاستقلال.

هاجر إلى فنزويلا عام 1948 وبقي هناك أكثر من أربعين سنة، عيّن ممثلاً لمشيخة العقل في فنزويلا عام 1951.

انتمى إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1950 وله بصمات مضيئة في منطقة الشحار الغربي وقد تولّى مسؤولية المنفذ العام فيها قبل سفره، وبعده عُيّن مندوباً مركزياً في فنزويلا وبلاد الكريبي عام 1955.

مُنح رتبة الأمانة عام 1995 وبقي رغم تقدمه في السن على صلابة إيمانه وشدّة عزيمته ونخوة التزامه.

هو خطيب وشاعر ومتحدّث لبق، له قصائد عديدة ألقاها في مناسبات عديدة حزبية وقومية منها: قصيدة «لماذا العيد» التي نُشرت في العدد الخاص بمئوية سعادة الصادر عن مجلة «البناء صباح الخير» في آذار 2004 ومن مؤلفاته «بوليفر دائماً» البطل التاريخي لفنزويلا ، «عمرٌ يحترق»، و«الجزيرة العائمة»، لم يطبعا بعد. عاد إلى لبنان عام 1944 وعين منفذاً عاماً.

من قصائده

ميلاد سعاده

نشرت تحت عنوان «لماذا»

في مجلة «البناء-صباح الخير»

عدد خاص بمناسبة مئوية

الزعيم سعاده في آذار 2004.

إن نحيي ميلاد الزعيم فإننا

نحيي العهود ونعلن استنفارا

في يوم مولده نجدد عهدنا

نمشي خطاه ونقتفي الآثارا

أو نحيي في تشرين مولد نهضة

تشرين جاء مكملاً آذار

تشرين أيقظ أمة من نومها

وإلى المكائد وجّه الأنظارا

أو نحيي في تموز عيد شهادة

تموز للعيدين كان منارا

تموز عمّد بالدماء قضية

خضّ الضمائر عملق الثوارا

يا ابن الربيع إليك ألف تحية

من كل قومي يتيه فخارا

عبّأتنا وزرعت فينا همّة

وخلقت جيلاً للعلا جبّارا

العيش دون عطائه ومضائه

عند العطاء يسفّه الاعذار

لو حقّقوا في سوريانا وحدة

هزم العدو موليّاً أدبارا

لكنهم جهلّوا حقيقة فكره

فأقاموا دونه حائطاً وجدارا

عشنا نفلسف منزلاً ومؤولاً

ونعدّ زحفنا خدعة وشعارا

والغاصبون بلادنا و ترابنا

صنعوا السلاح وطيروا الاقمارا

يأتون من شرق البلاد وغربها

مثل الذئاب لينشبوا الأظفارا

لن تأمنوا شرّ اليهود وكيدهم

ان ما طردتم غاصباً غدارا

بالله ما هذا التشرذم افصحوا

ولما الخلاف فاي شيء صار

العز في ارض يصونها قومها

الله شاؤنا أمة احرار

الوقت حان بأن نقول لشعبنا

لا للهروب كفى البلاد عثارا

ضاع اللواء بغفلة وعباوة

بلفور اعطى ارضنا الكفارا

وصية والدي يوم السفر

بعدما فشلت في دخول المدرسة الحربية قررت السفر

وفي هذا اليوم، يوم الوداع ضمني وضممته

قائلاً: ادع لي يا أبي، نزلت على خديه دمعتان،

مسحهما ثم قال ما أوجزته بهذه الأبيات.

يوم الوداع نزلت عاخدو دمعتين

وقلي يا ابني روح الله يكون معك

صرت نسر وصار عندك جانحين

وجوانحك صوب الأعالي بترفعك

بكرا يا ابني في رحاب العالمين

لح بتتعلم دروس بتنفعك

خلّي بفكرك يا حبيبي كلمتين

بلادك وربك بالنهاية مرجعك

حط في راسك يا ابني وصيتين

صدق، وأماني، خوذ زوادي معك

الله خلقك فم يا ابني ودينتين

أكثر ما تحكي سماع هيذا بينفعك

وأياك مع جاهل تضحي دقيقتين

نقي الفهيم اللي ان سمعتو بيسمعك

وإن كان يا ابني عليك للأصحاب دين

دفاع الديون وستور سر استودعك

وأهلك يا ابني إن ذوقوك الأصعبين

دم القرابة بالقريب بيجمعك

ولو طار من دمات خيك نقطتين

قلبك على خيك يا ابني بيوجعك

فكر يا ابني كثير فكر مرتين

نقي صديق بالضيق يبقى مرجعك

كون غزّاره التوي عالميلتين

ولا تكون سندانة الرياح بتقلعك

طلّ الربيع

طل الربيع وطل آذار العليل

حامل معو عطر البنفسج والورود

وصرخة صبايا تقول بشرى يا خليل

ويزلغطوا والناس تحدي بالجرود

مولد سعاده كان للأب الجليل

هدية لأمه وانعتاق من الجمود

وناقوس عبيدق حتى يقوم جيل

يهب يبني مجد ويقلع حدود

تايثور شعب يهد حيط المستحيل

وفي ظل راية سوريا يحقق عهود

يحرر وطنا يقلع شروش الدخيل

وغضبة شعب مقدام جبار وعنيد

آذار نور ونار مصنع للرجال

وسجل أبيض ناطق باسم الشهيد

وبعث أمة في ميادين القتال

بتشرين راحت تكتب وتبني رصيد

فيها العروبة تمددت شرق وشمال

تحمل مع المجداف أغنى رسالتين

وحروفها وشرعة حمورابي العتيد

يا شعب سوريا البطل شو همّنا

مهما علينا تأمروا وتألبوا

آذار وحدنا ولملم شملنا

والكل في حب البلاد تمذهبوا

ما دام عمدنا الرسالة بدمنا

والشعب حدد في المبادىء مطلبو

بنرفض نبادل بالسلامة سلمنا

تايسلموا بحق الوطن ومطالبو

ونقيم جبهة للعروبة تلمنا

من مشرق الامة لمغربها الحبيب

وتاريخنا بصيغة جديدة نكتبوا

يا بايعين الارض في ابخس ثمن

يوضاس باع معلمو بحفنة ذهب

انتو جلبتو عالوطن كل المحن

الباع الوطن لو باع عرضو مش عجب

ويا زارعين الريح عاصفة الفتن

لح تصير بلادنا رجمة خرب

بالطائفية فجروا حصن الوطن

وصار الوطن عدة مزارع داشري

وكل زارع تَفرقة كان السبب

مش حرام تهدموا بلاد الجمال

وتزرعوا لبنان حقد وتفرقا

وفي مسلخ الاحقاد تصطادوا الرجال

وفتيان بعدن مثل طرد الزنبقا

صار البلد في حال مخزي واستحال

عدة مزارع طائفية مهرتقا

ولبنان هلي كان للشاعر خيال

شو ظل منو ومن جمالو شو بقي

كفوا عن الاحقاد حاجي انحلال

ومشوا نوحد هالوطن يا مخلصين

في ظل رايات المحبة الصادقة

هوامش :

1 – منير الشعار: من أميز رفقائنا في كل من الغرب، وفنزويلا. للاطلاع على النبذة المعدّة عنه الدخول إلى أرشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

2 – سليم زيدان: عرفته، كما عرفت أبناءه فريد، نبيل وفؤاد.

فريد: كان موظفاً في شركة TMA وناشطاً حزبياً وفي النقابة.

نبيل: تولى مسؤولية ناظر اذاعة منفذية الغرب، كان موظفاً في «بنك شارترد». غادر إلى الولايات المتحدة وما زال مقيماً فيها.

فؤاد: تسلم محل والده بعد وفاته، كان خبيراً في تصليح الأسلحة. كان محله في شارع الضناوي المصيطبة.

استمر الرفيق سليم ناشطاً، ملتزماً، حتى آخر رمق من حياته.

3 – سليم خوري: ترددت إليه في منزله في شارع السادات، وفي «ضهور الشوير» حيث كان يصطاف، وكان اقترن من رفيقة من آل بعقليني. تولى مسؤولية وكيل عميد الدفاع في الاربعينات. كتبت عنه عند رحيله. للاطلاع الدخول إلى الموقع المشار إليه آنفاً.

4 – شفيق مفرج: من ضهور الشوير. يُعرف ايضا باسم شفيق مفرج حنا. للاطلاع عى النبذة المنشورة عنه الدخول إلى قسم أرشيف تاريخ الحزب على الموقع المذكور آنفاً.

5 – موفق شرف: من دمشق. تولى مسؤوليات في مدينة مراكيبو وعلى مستوى فنزويلا، ونشط في اتحاد المؤسسات العربية- الفنزويلية الفياراب . للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى الموقع المشار إليه آنفاً.

6 – دهام دهام: من «بكيفا». تولى مسؤولية العمل الحزبي في جزيرة مرغريتا فنزويلا حيث للحزب مديرية ناشطة، من بين اعضائها الرفيق جوزف ساسين الذي كان تولى مراراً مسؤولية مدير المديرية.

منح الرفيق دهام رتبة الامانة، وهو من عائلة شهدت للحزب حضوراً واسعاً.

7 – أسس الأمين عادل مطعم «روابينا» في بلدة «عيناب»، بات معروفاً، ويشهد إقبالاً نامياً من منطقة الغرب، ومحيطها، من أقضية الجبل.

8 – «قيثارة الذكريات» الديوان من 192 صفحة، صدرت الطبعة الاولى عام 2014 عن «دار ومكتبة التراث الادبي».

9 – سامي مداح: من بلدة ميمس حاصبيا غادر الى ايبادان في نيجيريا، متولياً مسؤولية العمل الحزبي، فمندوباً مركزياً لنيجيريا. منح رتبة الأمانة. له حضور متقدم في الجالية.

10 – سامي سيف الدين: غادر الى مونريـال وفيها نجح رجل اعمال، متوليا رئاسة فرع الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، شقيق الرفيق الشهيد رفيق سيف الدين.

11 – كان للحزب فروعه في العديد من جزر البحر الكاريبي، منها: المارتينيك، هايتي، انتيغوا، ترينداد، سانتا لوسيا، غوادلوب التي كان استقر فيها الضابط الشامي الأمين معين عرنوق .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى