وقف نار ميونيخ لا يطال حلب… والفيتو التركي على الأكراد يهدّد جنيف الأسد: لا أستبعد تدخلاً تركياً سعودياً لكن سورية مصمّمة على استعادة أراضيها

كتب المحرّر السياسي

الصيغة الغامضة لوقف النار التي خرجت بها لقاءات ميونيخ دون تحديد الجهات التي سيشملها وتلك التي يستثنيها، ما عدا تنظيم داعش وجبهة النصرة، بقيت رهن وقائع الميدان العسكري ودرجة التجاوب التي تبديها الجبهات المتقابلة، حيث تؤكد المعلومات الواردة من مناطق سورية متعدّدة أنّ جبهة النصرة وتنظيم داعش يخيّرون الجماعات المسلحة في مناطق سيطرتهم التي يتواجد معهم فيها فرقاء آخرون، بين القتال رفضاً لوقف النار لأنه يستثنيهما، أو الخروج من مواقع القتال وتسليم أسلحتهم، ففي إدلب وجسر الشغور توجّهت جبهة النصرة إلى أحرار الشام بطلب جواب رسمي عن موقفهم حيال استثناء جبهة النصرة من وقف النار ودعوتهم في حال نيّتهم الالتزام بوقف النار إلى تسليم أسلحتهم والخروج من المنطقة، والأمر نفسه يحدث في مناطق سورية مختلفة، حيث تكاد المناطق التي تسيطر عليها بالكامل تنظيمات أخرى غير جبهة النصرة وداعش، معدودة ولا يمكن اعتبارها كافية للإعلان عن وقف للنار على مساحة سورية، لكن الأهمّ هو ما أكدته مصادر متابعة من أنّ جبهة حلب وريفها التي يقودها تنظيم داعش وجبهة النصرة في وجه الجيش السوري وحلفائه لن يشملها وقف النار وسينضوي أحرار الشام وجيش الإسلام وسواهما من التشكيلات التابعة لتركيا والسعودية تحت قرار جبهة النصرة وداعش.

في المقابل جددت أنقرة تهديداتها لحلفائها بعدم العبث معها بتسهيل ضمّ ممثلين للأكراد إلى الوفد المعارض المشارك في جنيف، ما طرح علامات استفهام جدية حول مقدرة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا على تذليل العقبات من طريق عقد الجولة المقبلة من مباحثات جنيف، إلا على الطريقة التي عقدت فيها الجولة السابقة وانتهت بالفشل.

على الضفة المقابلة ورغم تراجع التلويح التركي السعودي بقرب التدخل البري في سورية، ولو تحت شعار الحرب على داعش، أكد الرئيس السوري بشار الأسد أنه لا يستبعد مثل هذا التدخل، لكنه شدّد على كون سورية مصمّمة على استعادة كامل أراضيها رغم إدراكها أنّ ذلك سيستغرق وقتاً.

لبنانياً، ينتظر اللبنانيون كلمة الرئيس سعد الحريري يوم غد في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث قالت مصادر مطلعة إنّ الحريري الذي يريد استعادة جمهوره المشتّت والمنقسم، وتياره المحبط والآخذ في الضمور سيلجأ إلى تفادي اتخاذ مواقف واضحة مكتفياً بشنّ هجماته وإيصال رسائله عبر صيغة سردية سيعتمدها الخطاب بداعي عرض الواقع ليبرّر الحريري فشل حواره مع العماد ميشال عون، وتعقيدات وتضحيات تبنّيه لترشيح جعجع، وصولاً إلى خصومته مع حزب الله وإرسال مقاتليه إلى سورية، وانتهاء بواقعة تبنّيه ترشيح النائب سليمان فرنجية ومبرّراتها.

هل يحضر ريفي احتفال 14 شباط؟

عاد الاستحقاق الرئاسي إلى ثلاجة الانتظار من جديد، فلا حراك جديٌّ في اتجاه الرئاسة الأولى، مع الحديث أن لا جديد في هذا الملف قبل ثلاثة أشهر، لكون هذا الاستحقاق بات جزءاً أساسياً من المشهد السوري الذي يمكن أن يخلق متغيرات استراتيجية على ضوء الإنجازات العسكرية في الميدان السوري.

ويطلّ رئيس تيار المستقبل سعد الحريري يوم غد الأحد في الذكرى الـ11 على وقع الخلاف داخل البيت الواحد الذي حصل بينه وبين وزير العدل أشرف ريفي على خلفية قضية إحالة ملف الوزير السابق ميشال سماحة إلى المجلس العدلي، وإن كانت الاتصالات نشطت لترتيب الوضع بينهما، وإقناع الوزير ريفي بالمشاركة في احتفال «بيال»، بعد قراره بالعزوف عن الحضور.

وأكدت مصادر في تيار المستقبل لـ«البناء» «أنّ الحريري لن يعلن رسمياً دعم رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية لسببين: الأول طبيعة المناسبة في حد ذاتها التي لا تحتمل أن يعلن خلالها عن مسألة مختلف عليها ليس داخل فريق 14 آذار فحسب، إنما داخل تياره المنقسم حولها»، والثاني عدم نضوج الاتصالات والمفاوضات، فعدم إطلاق المبادرة رسمياً في ظل العقبات أفضل من إعلانها الذي يبقى مرتبطاً بالتطورات الإيجابية، إذا استمر الخيار قائماً».

وأكد عضو كتلة المستقبل النيابية محمد الحجار لـ«البناء» أن «الرئيس الحريري سيركز في خطابه على الاستحقاق الرئاسي والفراغ في البلد وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي وصلت إليها البلاد، بسبب تعطيل عمل المؤسسات الدستورية لا سيما في الرئاسة الأولى، فضلاً عن موضوع قتال حزب الله في سورية وإصراره على ذلك وتداعياته السلبية على لبنان».

واستبعد الحجار أن يعلن الحريري ترشيح فرنجية للرئاسة رسمياً، مبرراً ذلك بأن «فرنجية مرشح للرئاسة منذ لقاء الأقطاب الموارنة في بكركي والرئيس الحريري دعم ترشيحه ولن يتراجع بل سيعلن استمراره بذلك ومن غير الضروري أن يرشحه رسمياً، لكن تفاصيل الخطاب هي ملك للحريري».

ورجّح الحجار أن يتطرق الحريري إلى موضوع إحالة قضية الوزير السابق ميشال سماحة إلى المجلس العدلي، لكنه أشار إلى أن «الحريري لن يدخل في موضوع السجال الأخير مع وزير العدل أشرف ريفي، لأنّ ما حصل هو موقف خاطئ من ريفي وتمّ تصويبه من قبل الحريري الذي أراد توضيح أنه ليس هو مَن طلب مِنْ ريفي اتخاذ هذا الموقف في مجلس الوزراء».

قاسم: الدستور يسمح لنا بعدم الحضور

وقال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم «نحن نريد رئيساً للجمهورية، لأنه يساهم في انتظام البلد لكن لا نريده كيفما كان إنما نريده رئيساً لديه رؤية سياسية واضحة ويشكل حماية للبنان والمقاومة، مذكراً بأنّ الدستور والقانون يسمحان لحزب الله بعدم حضور جلسات مجلس النواب، وهذا حق مارسه ويمارسه الجميع». وأشار إلى «أنّ الحوار مع تيار المستقبل ضروري رغم الحدّ الأدنى الذي يحققه وهو تخفيف الاحتقان المذهبي».

ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أنّ كلام الشيخ قاسم يأتي من باب الدفاع عن حق نواب كتلة الوفاء للمقاومة الدستوري بعدم الحضور إلى المجلس النيابي طالما أن لا توافق على دعم ترشيح الجنرال ميشال عون، وعدم النيل منهم من الباب المضاد، خاصة أنّ الفريق الآخر يركز حملته المضادة على حزب الله بعد لقاءي باريس ومعراب وتحميله مسؤولية الفراغ». وشدّدت المصادر على «أنّ نصاب الجلسة هو الثلثين ولذلك فإنّ المسألة ليست اوتوماتيكية فهي تخضع لقواعد سياسية».

وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق من الرابية بعد لقائه رئيس تكتل التغيير والإصلاح الجنرال ميشال عون «أنه متفائل بأنّ الانتخابات الرئاسية ستُجرى هذا العام، ولن أحدّد غداً أو بعد غد، لكنني مصرّ على أنّ قرار الانتخابات الرئاسية هو قرار إقليمي وليس قراراً محلياً، والاشتباك الإقليمي لا بد أن يصل إلى هدنة تسمح بالتفاهم على اكتمال النصاب الدستوري لانتخاب رئيس للبنان».

وفي سياق متصل أكدت أوساط سياسية لـ«البناء» «أن القرار الرئاسي لم يعُد لبنانياً بعدما فشل اللبنانيون على مدى أكثر من سنتين»، مشيرة إلى «أنّ التطورات الإقليمية باتت تتحكّم بهذا الاستحقاق». وإذ لفتت إلى أن لا انتخابات رئاسية قبل شهر أيار المقبل، أكدت أن لا حلّ إلا بانتخاب العماد عون رئيساً، مشيرة إلى «أنّ الرئيس سعد الحريري سيرضخ في النهاية مقابل تسوية تحدّ من الأضرار عليه من التطورات في سورية».

إلى ذلك، شهدت بكركي لقاءات وزارية بالمفرّق يوم أمس تمحورت حول الملف الرئاسي ومسألة الموظفين المسيحيين في الإدارات العامة، والتقى البطريرك الماروني بشارة الراعي الوزراء: سمير مقبل، الياس بوصعب، ريمون عريجي، والتقى أيضاً النائب ابراهيم كنعان ومسؤول الإعلام في القوات ملحم رياشي.

فرنجية إلى بكركي

وأكد بوصعب لـ«البناء» أنه بحث مع البطريرك الراعي في الانتخابات الرئاسية، وتمنى عليه أن يبذل جهداً لحلّ أزمة الرئاسة، خاصة أنّ هناك معطيات مسيحية جديدة بعد لقاء معراب كرّست شبه الإجماع المسيحي على دعم العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، ويجب أن يُبنى عليها لحلّ المشكلة». وأشار بوصعب إلى «أنّ مسألة الوظائف المسيحية في الدوائر الرسمية إشكالية لن تعالج إلا مع انتخاب رئيس قوي لا سيما أنّ رئيس الجمهورية هو الممثل الأكبر للمسيحيين في الدولة».

وعلمت «البناء» أنّ البطريرك الماروني سيتواصل مع مختلف الأفرقاء، بمن فيهم الرئيس سعد الحريري للتوصل إلى حلّ، ومن المتوقع أن يلتقي الراعي رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الذي كان من المقرّر أن يزور الصرح البطريركي يوم أمس.

لا حسابات لحزب الله في المصارف

من ناحية أخرى أكد وزير المال علي حسن خليل أنّ لبنان أقرّ أربعة قوانين في غاية الأهمية، للحفاظ على القطاع المصرفي وحمايته من الإرهاب وتبييض الأموال. ولفت إلى «أنّ مواجهة الإرهاب تحتاج إلى بناء قدرات متنوّعة والشروط لربح هذه المعركة تتطلب تضامناً دولياً لأنها تستهدف الجميع»، مشيراً في افتتاح المنتدى المصرفي إلى أننا معنيون بدرجة كبيرة في تنظيم تشريعاتنا وحشد مواردنا القانونية والسياسية والأمنية لمحاربة الإرهاب».

وفي سياق متصل أكدت مصادر نيابية مشاركة في الوفد النيابي الذي يزور واشنطن الأسبوع المقبل لـ«البناء» «أن الزيارة تلقى دعماً كبيراً من الدبلوماسية الأميركية، وحدّدت مواعيد للوفد مع أعضاء في وزارة الخارجية والكونغرس والبيت الأبيض». ورأت أنّ الزيارة هي للدفاع عن العلاقات الأميركية اللبنانية، لا سيما أنّ واشنطن دعمت الجيش بـ450 مليون دولار رغم مشاركة حزب الله في الحكومة».

واعتبرت المصادر «أنّ العقوبات تطال المصارف الأميركية التي تنقل عبرها الأموال قبل المصارف اللبنانية التي نفذت القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة. وإذ أشارت إلى أن لا حسابات لمنظمات إرهابية في المصارف اللبنانية»، شددت في الوقت نفسه على أنّ حزب الله ليس منظمة إرهابية، ولا حسابات له في المصارف، كما أكد السيّد حسن نصر الله».

وفي ميونيخ، استقبل رئيس مجلس الوزراء تمام سلام مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سورية ستيفان دي ميستورا في حضور سفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب وتم عرض للأوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة، كما التقى سلام وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف بحضور أعضاء الوفدين اللبناني والروسي وتمّ بحث لمختلف الأمور والأوضاع والتطورات.

وكشف وزير الخارجية جبران باسيل أنه بنتيجة المداولات تمكن من حذف عبارة «العودة الطوعية للاجئين» لمصلحة عبارة «العودة الآمنة للاجئين لإعادة إعمار سورية». ورأى «أنّ موقف وزارة الخارجية اللبنانية في ميونيخ يكرّس مواقف لبنان في المحافل الإقليمية والدولية لناحية رفض إدراج أي عبارة غير واضحة حول ملف النازحين».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى