أوباما يعترف بخسارته حرب المئة سنة وإيران يدُها على الزناد: القرنُ لي!

محمد صادق الحسيني

وهُزم الجمعُ في الميادين والساحات وسيولُّون الدبر…

لن أستطيع تجرع مزيد من كؤوس السم فيكفيني ما تجرعته على بوابات الشام وتخوم بغداد وأسوار غزة وأبواب صنعاء وسواحل باب المندب….!

ومشهد المارينز واضعاً يديه خلف رأسه وهو يبكي على سواحل إيران الحرس الثوري لا يزال ماثلاً أمامي…

هذا هو ملخص المشهد العام لمسرح عمليات الحرب على المقاومة في بداية العام 2016، كما وصفه أوباما في مقابلته الجديدة مع «ذي اتلانتيك»…

«أخطأنا في الهرولة وراء بعض الأوروبيين والخليجيين الجامحين عندما وافقناهم على السيناريو الليبي»…

وأشعر بالسعادة لأنني لم أذهب لخيار الحرب المباشرة على سورية في العام 2013 «لأن النصر لم يكن مضموناً»، كما أبلغه آنذاك مدير وكالة المخابرات المركزية طبعاً….

وها نحن نكتشف أنهم يريدون أن يجرونا إلى حرب مع إيران كما يريدون لنا أن نتورط في حرب طائفية طاحنة ليس فيها أي مصلحة قومية لنا…

وهؤلاء الذين يسمّونهم بالحلفاء أو الأصدقاء – يقصد السعودية – أصبح وصفهم كذلك بالأمر المعقد…!

عندما تكون أوروبا: «متقاعسة والسعودية جامحة وجامدة أيضاً والترك مستبدون فاشلون والإسرائيليون مخيّبون للآمال»، كما يقول ساكن البيت الأبيض فإن «عقيدة أوباما» تصبح وكأن لسان حاله يقول:

ألم غلبت الروم وأصبح نصر حلف المقاومة محتوما

والإذعان لحقوق إيران محسوما

والقبول بالأسد على رأس الهرم في سورية أمرا مجزوما

وأنه لن أنهي عهدي بمغامرات عسكرية على غرار ليبيا أبداً

ولما كنت مهاجراً إلى مضيق مالاقا حيث التنين الصيني ينتظرني – يضيف أوباما ولا بد من التخفف من بعض أحمالي «الشرق أوسطية»:

فإن على الحليف السعودي أن يقلع شوكه بأظافره

وأن يذعن لإيران دولة صاعدة يتقاسم النفوذ معها….

حماية لأمن المنطقة واستقرارها….

والانتظار لعقد من الزمان كحد أدنى لعلنا ننفذ إلى القلعة الإيرانية يوماً ونأخذها من الداخل….!

وأما عن الأمن والسلم العالميين:

فأنا كفيل بحلّه مع الصاعدين الجدد أي الروس

الروس الذين تمكنوا من دفع الحرب عليهم خارج أسوار الكرملين بفضل صمود جبهة المقاومة العربية والإسلامية…

وأخذوا بالاقتراب من المياه الدافئة رويداً رويداً من خلال «جسر النصر» الذي وفّرته لهم إيران، كما فعلت في نهاية الحرب العالمية الثانية في معركة العالم ضد النازية…

وهكذا يصبح بوتين قيصراً ويحقق حلم القياصرة الذين سبقوه بعد دفع الخراج لإمام العصر وربان سفينة المقاومة الساكن في نهاية شارع فلسطين في طهران من خلال مناصرة حلفائه وأنصاره ومريديه تحت عنوان تطهير الأرض المقدسة من الإرهاب من الاسكندرون حتى الاسكندرية…

وهكذا تتشكّل وتتبلور عقيدة بوتين…

إنه الصمود والصبر الاستراتيجي لجبهة المقاومة.

إنه المشهد الدمشقي الذي رسمه رجال الله من طهران إلى دمشق إلى بيروت، إلى بغداد التي تنتظر على الموعد، والعين على القاهرة…

نعم هكذا نصبح نحن من يهلك ملوكاً ويستخلف آخرين…

بإذن الله، نعم، ولكن نحن من يضع على الأرض المقادير…

والكلام السابق الذكر لأوباما الذي يعترف بهزيمة المئة عام منذ اتفاقية سايكس بيكو حتى اليوم، إن دلّ على شيء فإنما يدل على انه بات مضطراً الآن للاعتراف والإقرار به بعد أن بات عليه أن يغادر المسرح السياسي مع نهاية العام الحالي، وفي داخله حسرة إسقاط الأسد الذي وبالمناسبة سيكون الرئيس الاول في العالم الذي يهزم جيوش حرب عالمية خيضت ضده خمس سنوات متوالية….

بالمقابل، فإن طهران الخارجة لتوّها من معركة مفاوضات مظفرة بكل المعايير مع إمبراطورية العصر، وهي التي أرغمتها وبالتعاون مع حلفائها الأقوياء جداً وغير القابلين للكسر بتاتاً، على ابتلاع الموسى أو تجرّع كؤوس السم المتوالية، كما أسلفنا، طهران هذه تقول اليوم وبملء الفم لأميركا ولغير أميركا:

إن «عقيدة الإمام» الخامنئي بالمقابل هي: أن الأمر لي وحدي في الخليج الفارسي وأن أي قوات تتحرك في مضيق هرمز إنما هي تحت الساطور الإيراني، كما جاء على لسان الجنرال فدوي قائد بحرية الحرس الثوري الإيراني الذي أضاف معقباً على مناورات اقتدار الولاية الصاروخية الأخيرة:

«إن أميركا والاستكبار العالمي يقفان منفعلين أمام إيران الإسلامية، ومتحيّرين أمام قوة واقتدار حرس الثورة الإسلامية… الأهم من كل ذلك إن اليد الأميركية في مضيق هرمز هي تحت المقصلة الإيرانية وأي حركة مشبوهة من جانبها أو أي من أدواتها قد نشمّ منها التعرض لمصالحنا سنقطع تلك اليد الممتدة، ومعها كل أيادي الاستكبار من على وجه العالم الإسلامي مرة والى الأبد…».

هي رسائل نارية للخارج، كما للداخل للخارج حتى لا يفكر مطلقاً بالتغلغل أو اختراق أي من مراكز صنع القرار، وللداخل حتى لا يفكر أي أحد من المرجفين في المدينة أن بإمكانه ركوب موجة الاتفاق النووي لتعميمه على أي من الملفات السياسية الساخنة الأخرى من ثنائية أو إقليمية…!

إنه موسم الهروب الأميركي الكبير من العالمين العربي والإسلامي.

إنه موسم أوروبا العجوز الخارجة من لعبة الأمم بخُفَّيْ حُنين…!

إنه موسم سقوط سايكس وبيكو وعبد العزيز آل سعود الذي توسطهما بداية القرن المنصرم…!

إنه قرن المسلمين وحلفائهم الأحرار الذين يجرّبون حظهم في قيادة العالم بمدنية وحضارة واعدة عنوانها:

لا للأحادية في إدارة العالم.

لا للحروب الطائفية والمذهبية المتنقلة.

نعم لتعددية القرار الدولي.

نعم للعدالة الدولية من دون دويلة إسرائيل.

وما ذلك على الله بعزيز.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى